لماذا تستهدف روسيا شبكات الـ”5G” في أمريكا؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تقنية 5G أو الجيل الخامس من الإنترنت، ستكون بمثابة لغة العصر الحديث في القرن الراهن، لذا تسعى الدول العظمى للهيمنة عليها، للحصول على ميزة تنافسية ضمن حرب اقتصادية لا تهدأ، وفي هذا الإطار بدأت موسكو تزامنا مع التسويق لشبكات الجيل الخامس وإحداث البنية التحتية المطلوبة لدعمها بعدد من البلدان تحديدا الولايات المتحدة، حملة دعائية لتشوية سمعة هذه التقنية.

 تقول صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها بعنوان “هاتفك  5G لن يؤذيك، لكن روسيا تريد منك أن تفكر بطريقة أخرى”: إن الشبكة الروسية RT America التابعة للكرملين، قامت ببث تقارير إعلامية أخيرا، تتحدث عن التهديدات الصحية الجسيمة لشبكات 5G، وتشكك في ارتباطها بالإصابة بأمراض خطيرة مثل سرطان المخ والتوحد وأورام القلب والزهايمر، وذلك بدون أي سند علمي.

وتضيف الصحيفة الأمريكيةRT America بدأت شيطنة “الجيل الخامس” منذ مايو 2018، وفي العام الجاري وحتى تاريخه أنتجت نحو سبعة برامج تتحدث عن مخاطر هذه التقنية، أحدثها كان في أبريل الماضي، أفاد بأن الأطفال الذين يتعرضون لإشارات من أبراج الهواتف المحمولة 5G قد يعانون من سرطان، ونزيف في الأنف وصعوبات في التعلم.

تدافع RT America عن نفسها، بالتأكيد على انها فتحت حوارا شاملا حول تقنية الجيل الخامس، ولم تتطرق إلى السوق الروسي والذي بدأ بالفعل للترويج لهذه التقنية، كونها تستهدف الجمهور الأمريكي في المقام الأول.

ما هي تقنية الجيل الخامس؟
الـ5G  ستوفر للعالم اتصالا أكثر استقرارا وفائق السرعة بمعدل 100 مرة أسرع من الجيل الرابع، وبالتالي ستزيد القدرة على تنزيل وتخزين البيانات والمعلومات وربط آلاف الأجهزة حول العالم، ما يؤهلها للتحكم في العالم مستقبلا، إذ ستمكنه من استخدام واسع النطاق للسيارات ذاتية القيادة، والمدن الذكية، والروبوتات الذكية والطائرات بدون طيار.

وينتظر أن تسهم هذه التقنية أيضا في تطوير قطاع الرعاية الصحية، عبر دعم العمليات الجراحية عن بعد، من خلال السرعة الفائقة لإرسال البيانات واستقبالها دون انقطاع كما يحدث حاليا مع الجيل الرابع.

في مقابل هذه المزايا، تزاد الأصوات المشككة في جدوى نشر تقنية الجيل الخامس، في ظل الحديث عن  الأضرار الصحية التي قد ترافق نشرها، والأهم القدرة على التحكم في أمن المعلومات حول العالم، فالبلد التي ستهيمن على صناعة وتطوير تكنولوجيا الجيل الخامس ستكون لها الأفضلية ليس فقط تجاريا على صعيد العالم، لكن أيضا فيما يتعلق بالتحكم في أمن شبكات الاتصالات والنفاذ إلى مصادر المعلومات والبيانات.

تحذيرات أم حرب تجارية
بالنسبة للتحذيرات الطبية المرتبطة بـ5G، فسبق وأحاطت بشبكات الهواتف المحمولة عموما منذ مطلع التسعينيات، وحتى الآن لم تقدم الدراسات في هذا المجال دليلا ملموسا على تأثير الإشعاعات اللاسلكية على صحة الإنسان، وبحسب منظمة FDAحدود ترددات الهواتف الذكية مازالت آمنة ومقبولة وغير مُضرة بالصحة العامة.

 أما مشكلة أمن المعلومات، فهي العنوان العريض للحرب الأمريكية ضد هواوي عملاق التكنولوجيا الصيني، إذ تتهمها واشنطن بتهديد الأمن القومي، وتتخوف من احتكارها لتنقية الجيل الخامس، بشكل يمكنها من التجسس على الأجهزة الحكومية الأمريكية، لذا تسعى لتقويضها بشكل غير مسبوق.

 وفي إطار لعبة الهيمنة العالمية، تخشى واشنطن – التي لا تمتلك تكنولوجيا تمكنها بشكل منفرد حتى الآن من تشغيل شبكات الجيل الخامس بدون الاعتماد على الصين أو كوريا الجنوبية- أن تشكل الصين بالتعاون مع روسيا، حلفا للهيمنة على تقنية المستقبل.

في 20 فبراير الماضي أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإطلاق شبكات الجيل الخامس الروسية بنبرة مفعمة بالتفاؤل، قائلا: نحن بحاجة إلى التطلع إلى الأمام، إن التحدي الذي يواجهنا السنوات القادمة هو تنظيم وصول عالمي إلى الإنترنت فائق السرعة، ولم يتظرق الرئيس الروسي لأي من المخاطر التي تحدثت عنها RT.

 كما أبرمت الحكومة الروسية عقودا مع هواوي لبناء شبكات الجيل الخامس، والتي بدأت بالفعل تشغيلها خلال كأس العالم 2018، لتستفيد من تقنية كاميرات المراقبة الذكية وتحديدا تقنية التعرف على ملامح الوجه، فضلا عن استخدام تقنية الطائرات بدن طيار لتأمين المباريات ونظارات الواقع الافتراضي.

وبحسب “نيويورك تايمز”، موسكو تريد شيطنة “الجيل الخامس” في عيون المستهلك الأمريكي، لكن داخليا هي تروج لهذه التقنية وتريد أن تصبح واحدة من الرواد في مجال استخدامها وبناء شراكات مع عملاقة تطويرها حول العالم وفي مقدمتهم هواوي التي أكدت منذ يومين أن محاولات الأدارة الأمريكية لتقويضها ستجعل أمريكا تتخلف عن باقي الدول فيما يتعلق بشبكات الجيل الخامس، فحتى إن وجدت بدائل  مثل “أريكسون وسامسونج” فستكون أعلى تكلفة وأقل كفاءة.

ربما يعجبك أيضا