لماذا رفض الغرب الانحياز لكندا في أزمتها الدبلوماسية مع الهند؟

محمد النحاس

بلغت التوترات بين الهند وكندا مستوى غير مسبوق على إثر مقتل معارض سيخي، مع ذلك لم تستجب الدول الغربية لطلب كندا في إدانة عملية الاغتيال.. ما السبب؟


شهدت الساعات الماضية تطورات دراماتيكية في أزمة دبلوماسية اشتعلت بين الهند وكندا، ما أدّى لطرد متبادل لدبلوماسيين رفيعي المستوى.

وبدأ الأمر عندما أعلنت كندا طردها دبلوماسيًّا هنديًّا، دون أن تسميه، بعد مزاعم بتورطه في اغتيال معارض سيخي “انفصالي”، لترد نيودلهي بوصف الادعاءات بـ”السخيفة”، وتتخذ خطوة مماثلة بطرد دبلوماسي كندي رفيع المستوى.

طرد متبادل لدبلوماسيين

طردت الهند دبلوماسيًّا كنديًّا يوم الثلاثاء، في خطوة تأتي ردًّا على طرد كندا دبلوماسيًّا هنديًّا رفيع المستوى، يعمل مديرًا للاستخبارات الهندية في كندا، بعد زعم بأن له صلة باغتيال المعارض السيخي، هارديب سينج نيجار، يونيو الماضي، في بريتش كولومبيا (مقاطعة كندية تقع أقصى غرب البلاد).

«سخيفة وذات الدوافع»

وجاء ادعاء رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، خلال جلسة برلمانية، يوم الاثنين، وبعد أسابيع من اتصالات مكثفة مع الحلفاء بشأن الحادثة، التي قادت إلى أسوأ تدهور في العلاقات بين البلدين، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الثلاثاء 19 سبتمبر 2023.

وعن قرار طرد الدبلوماسي الكندي، قالت نيودلهي إن “القرار يعكس قلق الحكومة الهندية المتزايد، حيال تدخل الدبلوماسيين الكنديين في شؤوننا الداخلية، وضلوعهم في أنشطة مناهضة للهند”، ووصفت الاتهامات بـ”سخيفة وذات الدوافع”.

حديث مع الحلفاء

قبل أسابيع من إعلان ترودو، طلبت كندا من بعض أقرب حلفائها، بما فيها الولايات المتحدة، إدانة جريمة الاغتيال، لكن الطلبات قُوبلت بالرفض، حسب مسؤول غربي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لحساسية القضية، وفق ما ذكرت الصحيفة الأمريكية.

ومن جانبها، نفت المتحدثة باسم الخارجية الكندية، إميلي ويليامز، المزاعم قائلةً: “كندا طلبت من حلفائها الإدانة لمقتل هارديب سينج نيجار”، مردفةً: “سنبقي حلفاءنا على اطلاع بالمعلومات ذات الصلة، وتعمل وكالات الأمن الكندية بسرعة للتوصل إلى ملابسات القضية”، حسب ما ذكرت “واشنطن بوست”.

رفض إثارة القضية

بحسب المسؤول الغربي الذي تحدث للصحيفة الأمريكية، فقد أُثيرت مسألة الاغتيال مع دول الحليفة لكندا، في التحالف الخماسي، FVEY المعروف بـFive Eyes، وهو تحالف استخباراتي يضم كلًا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلاند.

لكنّ الدول الحليفة لكندا، رفضت إثارة المسألة، قبل قمة العشرين المنعقدة في نيودلهي لحرصهم على العلاقة مع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الذي يسعى القادة الغربيون للتودد له، لأن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وحلفائها، يرون الهند قوة صاعدة أمام الصين.

توقيت حرج

من جانبه، دعا رئيس الوزراء الكندي، الهند، يوم الثلاثاء، إلى “التعامل مع هذه القضية بأقصى قدر من الجدية”، لافتًا إلى أن بلاده ترمي لاستعراض الحقائق، ولا تهدف إلى الاستفزاز أو التصعيد.

ويأتي حديث ترودو عن هذه الادعاءات في توقيت حرج، وسط حرص واشنطن على عدم غضب نيودلهي، التي باتت شريكًا جيوسياسيًّا واقتصاديًّا بارزًا، مع توتر العلاقات مع بكين.

وتغاضى الأمريكيون عمّا يقول حقوقيون إنه انتهاكات لحقوق الإنسان في الهند ضد الأقليات العرقية والدينية، وممارسات استبدادية، وهي ادعاءات تنفيها الهند.

وقال الأستاذ بجامعة أوتاوا ومستشار السياسة الخارجية السابق لترودو، رولاند باريس، إن الحادثة “تسببت في أخطر اضطراب يمكنني تذكره في العلاقات بين البلدين”، لافتًا إلى أن “انتهاء هذه القضية سيتطلب بعض الوقت، حتى تنتهي من تلقاء نفسها”. وستمثل القضية إشكالية للولايات المتحدة، الحليفة المقربة لكندا، لكنها في التوقيت ذاته حريصة على توثيق العلاقات مع نيودلهي.

اتهامات هندية لكندا

قالت وزارة الخارجية الهندية، في بيان، إن “الاتهامات تسعى لتحويل التركيز عن الإرهابيين والمتطرفين، الذين تأويهم في كندا، ويواصلون تهديد سيادة الهند ووحدة أراضيها”.

وتتهم الهند الحكومة الكندية بالتعاطف مع الانفصاليين مثل المعارض السيخي، هارديب سينج نيجار، الذي تعدّه نيودلهي إرهابيًّا، وتنفي كندا هذه المزاعم، وفق التقرير.

وصنفت أجهزة الأمن الهندية نيجار إرهابيًّا في عام 2020، واتهمته بدعم الهجمات في ولاية البنجاب الهندية، فيريد الانفصاليون إنشاء وطن مستقل للسيخ يسمى خالستان، وتقول السلطات الهندية إن نيجار كان يرأس مجموعة تسمى قوة “نمور خاليستان” وطلبت نيودلهي تسليمه من كندا في عام 2022، وهو العام الذي زعمت نيودلهي ارتباطه بمقتل كاهن هندوسي.

الهند والنشاط السيخي في المنفى

قبل أشهر من مقتل المعارض السيخي على يد مسلحين ملثمين في ساحة انتظار السيارات بمعبد للسيخ، كثفت الهند ضغوطها على كندا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، حيث يقيم الآلاف من السيخ، لقمع الحركة، التي تتظاهر باستمرار في هذه البلدان حول المقار الدبلوماسية الهندية.

واقتحم المتظاهرون مناطق البعثات الدبلوماسية الهندية في لندن وسان فرانسيسكو هذا العام، لرفع العلم الأصفر والأزرق للحركة الانفصالية، ما أثار غضب نيودلهي، وفق “واشنطن بوست”.

اقرأ أيضًا| مع تدهور العلاقات.. الهند تحث مواطنيها في كندا على توخي الحذر

اقرأ أيضًا| اتهام بالقتل وطرد دبلوماسيين.. التوترات تتصاعد بين كندا والهند

ربما يعجبك أيضا