لمواجهة الأزمات العالمية.. هل تعد الصين ملجئًا آمنًا للاستثمار؟

محمد النحاس

في ظل اضطراب الأسواق الأمريكية، هل تعد الصين بديلاً فعالاً وآمنًا؟


 دفعت الأزمات المالية المتتالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتباطؤ النمو الاقتصادي، المستثمرين لإعادة التفكير في ملاذات للاستثمار جديدة وآمنة.

وكان آخر هذه الأزمات أزمة انهيار بنكي سيلكون فالي، وسيجنتشر، ويتناول تقرير لمجلة الإيكونوميست البريطانية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، فرص الاستثمار في الصين، والمخاطر المرتبطة بها بعيدًا عن أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، والأسواق التي تتأثر بتقلبات السوق الأمريكي، فهل تعد الصين ملجئًا آمنًا للاستثمار؟ وهل تتأثر بالتقلبات العالمية؟

صعوبات تواجه الاقتصاد الصيني

في ظاهر الأمر يبدو السؤال غير ضروري، فقبل عام واحد فقط، كانت العديد من الأصوات الاقتصادية البارزة تصف الصين بأنها غير قابلة للاستثمار، في ظل مخاوف من اندلاع حرب مع أقرب شريك تجاري لها، الولايات المتحدة الأمريكية، وما سيتلو ذلك من عقوبات اقتصادية مُدمرة، وربما غير مسبوقة.

وعلاوةً على ذلك هناك بعض المخاطر المحلية، خاصةً في ظل أزمة فقاعة العقارات الصينية، وحملة بكين ضد بعض أثرى رجال الأعمال في الصين، علاوةً على الصعوبات التي تواجه المقرضين الإقليمين الأصغر في ظل منافسة صعبة مع البنوك الأكبر، وفقًا لتقرير المجلة البريطانية المنشور 30 مارس 2023.

مستويات تضخم منخفضة

يضيف التقرير أنه رغم كل هذه الجوانب، قد تكون الصين هي الاقتصاد الكبير الوحيد الذي ينمو هذا العام بشكل أسرع من الماضي، بعد اتباع سياسة صفر كوفيد التي أدت سابقًا لتباطؤ النمو، ويعني ذلك أن فجوة النمو بين الصين والولايات المتحدة، يمكن أن تتسع إلى خمس نقاط مئوية، بحسب وحدة المعلومات الاقتصادية الخاصة بالإيكونوميست.

بحسب المجلة المتخصصة في الشأن الاقتصادي، فبسبب مستويات التضخم المنخفضة، لم يشعر البنك المركزي الصيني، أنه مضطر لرفع أسعار الفائدة على عجل، وذلك على النقيض من عدد من الاقتصادات البارزة حول العالم.

تذبذب أسعار السندات الصينية

بحسب المجلة البريطانية، تذبذبت أسعار السندات أثناء التخلي السريع عن سياسة عدم انتشار فيروس كورونا، لكن في الصين وعلى عكس الاقتصادات الناشئة، والأسواق الأوروبية، لا تزال عوائد السندات الآن أقل مما كانت عليه في نهاية عام 2020.

بالإضافة إلى ذلك، فبدلاً من إثارة موجة من الإيداع البنكي، تسارعت عمليات بيع السندات، ما دفع الكثير من المستثمرين للاستثمار في الودائع الأكثر أمانًا، بعد الخسائر التي طالت العديد صناديق إدراة الثروات المرتبطة بأزمة القطاع العقاري، علاوةً على زيادة “الإدخار المنزلي” بمعدلات مرتفعة، وفقًا للإيكونوميست.

مقدار تأثر الأسهم الصينية بالتقلبات الأمريكية

وفق الإيكونوميست، حتى الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، قد لا تقوّض فرص الاستثمار في الصين، فوفقًا لبنك جولد مان ساكس، تعد الأسهم الصينية المحلية، من بين الأقل في منطقة المحيط الهادئ وآسيا ككل، تأثرًا بأزمات تراجع مستويات النمو الأمريكي، أو التباطؤ الاقتصادي بشكل عام.

وذلك في وقت تجري فيه محاولات للولايات المتحدة الأمريكية للانفصال اقتصاديًا عن الصين، وعدم الاعتماد عليها كلمجأ للاستمثار، وفقًا لتقرير المجلة البريطانية، المعنية بالشأن الاقتصادي.

إضعاف الصين كملجأ للاستثمار

في مقابل الخطوات الأمريكية، هناك جهود صينية لتعويض تراجع الاستثمارات الأمريكية، وتشجيع الاستثمارات المحلية، لكن تقود بالفعل مساعي الولايات المتحدة إلى تراجع الأموال الأمريكية في الأسواق الصينية، بحسب المجلة البريطانية.

كل هذه العوامل شديدة التداخل سوف تؤدي بطبيعة الحال، إلى إضعاف كفاءة الصين كملجئ للاستثمار، ولكنه وفي المقابل، يزيد من مرونتها وقدرتها على التعاطي مع الأزمات المالية العالمية، وتلك المرتبطة بالسوق الأمريكية، والأوروبية.

مشكلات اقتصادية محلية

يفسر التقرير الرأي السالف، مقرًا بوجود مشكلات داخلية في الاقتصاد الصيني، لكن تظل هذه المشكلات على الصعيد المحلي فحسب، إذ أن المخاطر المالية للصين مرتبطة بها وليس بغيرها من بلدان العالم.

لكن وعلى النقيض من ذلك فإن المخاطر والأزمات المالية، المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية، تتعداها لغيرها من اقتصادات العالم، لذلك يرى تقرير الملجة أن “الأزمات المالية الصينية المحلية، توفر بعض الأمان في مواجهة المخاطر ذات الخصائص العالمية، والتي عادةً ما ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية”.

اقرأ أيضًا: نظام مالي متعدد الأقطاب.. «الرنمينبي» في طريقه لإزاحة الدولار

ربما يعجبك أيضا