لمواجهة التغلغل الصيني.. الغرب يعود إلى القرن الإفريقي مجددًا

محمود سعيد
لمواجهة التغلغل الصيني.. الغرب يعود إلى القرن الإفريقي

الصين تحاول أن تظهر بمظهر الصديق الحريص للبلدان الإفريقية التي تعاني من الغرب.


نجحت الصين في التغلغل داخل القرن الإفريقي، وهو الأمر الذي أثار مخاوف أمريكا وبريطانيا في ظل تداعيات الحرب الأوكرانية – الروسية على العالم.

باتت بكين الشريك التجاري لعدد كبير من البلدان الإفريقية، وسارعت بلدان من أجل الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية للاستفادة كشريك تجاري، ولذا بدأ الغرب بالعودة مجددًا إلى تلك المنطقة الاستراتيجية التي تعاني من أزمات مزمنة بعدما تركها سابقًا.

مبعوثة بريطانية جديدة إلى القرن الإفريقي

دخلت بريطانيا بثقلها إلى القرن الإفريقي، فبعد عقد بكين “المؤتمر الأول للصين والقرن الإفريقي حول الأمن والحوكمة والتنمية”، سارعت بريطانيا في 21 يونيو 2022م بتعيين الدبلوماسية سارة مونتغمري مبعوثة لمنطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، وقالت هيئة الاستخبارات البريطانية، إن جهودها تركز حاليًّا على الصين أكثر من أي بلد آخر.

وستتولى سارة مونتغمري، المسؤولة السابقة عن قسم “الخليج واليمن وإيران” في الأمن القومي، مهمة “إدارة التحرك البريطاني أمام النشاط الدولي في منطقة البحر الأحمر، والتباحث مع الفاعلين الأساسيين على ضفتي البحر الأحمر وما وراءه”، على ما أوضحت الحكومة البريطانية في بيان.

القرن الإفريقي والقوى الدولية

حذرت الوزيرة البريطانية لشؤون إفريقيا فيكي فورد في البيان “من أزمة إنسانية يواجهها القرن الإفريقي”، مؤكدة أن “علاقة المملكة المتحدة بمنطقة البحر الأحمر تشهد منعطفًا حاسمًا”، واستحدثت الإدارة الأمريكية، منصب المبعوث الخاص إلى القرن الإفريقي، في مسعى لمنع تغلغل الصين في المنطقة ولإحياء سطوة واشنطن على بلدان المنطقة.

الولايات المتحدة الأمريكية عينت السفير جيف فيلتمان مبعوثا خاصا للمنطقة في إبريل 2021، تلتها الصين في فبراير 2022م الماضي، وخلف فيلتمان ديفيد ساترفيلد سفير واشنطن السابق في أنقرة، وقبل أسابيع تولى السفير الأمريكي مايك هامر الذي بدأ زيارات مكوكية متعلقة بأزمات المنطقة وخصوصًا الصراع في إثيوبيا والأزمة في السودان.

الخطوة الصينية التي سبقت البريطانية

جاءت خطوة الصين لتعيين مبعوث خاص إلى القرن الإفريقي، وقيام بكين بعقد “المؤتمر الأول للصين والقرن الإفريقي حول الأمن والحوكمة والتنمية”، ليوضح بجلاء رغبة الصين في الهيمنة على ثروات القارة السمراء، خصوصًا أنها دعمت الحكومة الإثيوبية في حربها ضد إقليم تيجراي، وأنها نجحت في إزاحة فرنسا من صدارة المصدرين حتى لبعض البلدان الفرانكوفونية.

الصين تحاول أن تظهر بمظهر الصديق الحريص للبلدان الإفريقية التي تعاني من الغرب، وهذا ما أشار إليه وزيرا خارجية الصين وإريتريا في بيانهما المشترك، بأن الجانب الصيني يقف ضد أي عقوبات أحادية الجانب على إريتريا، ويعارض التدخلات في الشؤون الداخلية لدول أخرى تحت ذريعة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

استراتيجية التغلغل الصيني

أعلن المبعوث الصيني الخاص إلى المنطقة شو بينغ خلال “مؤتمر بين الصين والقرن الإفريقي حول الأمن والحوكمة والتنمية” الذي عقد في إثيوبيا أنّ بلاده تريد “تأدية دور أكثر أهمية” في ضمان السلم والأمن في هذه المنطقة “التي تمزّقها نزاعات متعدّدة”، وفقًا لـ”الفرنسية”.

وأوضح شو أنّ هذا المؤتمر هو بمثابة “اختبار” لمعرفة “كيف يمكن الصين أن تؤدّي دورًا أكثر أهمية، ليس في مجالي التجارة والاستثمار فحسب، بل أيضًا في مجالي السلام والتنمية”، ولفت إلى أنّه خلال المشاورات “لم نناقش نزاعًا أو خلافًا بعينه”، وأضاف أنّ النزاع المسلّح الذي يدور منذ نوفمبر 2020 في إقليم تيجراي “لم يُتطرّق إليه”.

مستقبل المنطقة

بدوره، رأى الخبير في شؤون القرن الإفريقي عبدالشكور عبدالصمد أن: “إعلان الصين عن تعيين مبعوث خاص بالقرن الإفريقي مع دلالته على التنافس الأمريكي الصيني، إلا أنه نذير قلق لدي شعوب المنطقة واستقرارها في القريب العاجل، وكل دول المنطقة أمام تحدي يفوق فترة السبعينات وما بعدها”.

على جانب آخر، فإن الصين تستثمر في البنية التحتية، وتملك قاعدة عسكرية في جيبوتي وتحاول بناء قواعد عسكرية في بلدان أخرى، لأنها ترى أن هذه القاعدة وحدها ليست كافية لتأمين حجم تجارتها، كذلك فإن تعيين مبعوث لبكين في المنطقة يؤكد سعيها للهيمنة السياسية وتوسيع نفوذها.

ربما يعجبك أيضا