رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة.. حرباء سياسية تكره الخسارة

رنا أسامة

ولدت ليز تراس لعائلة وصفتها بأنها "على يسار حزب العمال"، وترعرعت في مناطق لم تصوت تقليديًّا لحزب المحافظين لكنها اليوم رابع رئيس وزراء من الحزب المحافظين في غضون 6 سنوات


كلفت الملكة إليزابيث الثانية، اليوم الثلاثاء 6 سبتمبر 2022، ليز تراس، رسميًّا، بتشكيل الحكومة البريطانية الجديدة.

وبتقلدها المنصب خلفًا لبوريس جونسون الذي قدم استقالته في أعقاب سلسلة فضائح، تصبح تراس، المنتخبة لعضوية البرلمان البريطاني في العام 2010، رابع رئيس وزراء لبريطانيا من حزب المحافظين في غضون 6 سنوات.

ابنة لأبوين يساريين

أبصرت ليز جون تراس النور في أوكسفورد عام 1975، لعائلة وصفتها بأنها “على يسار حزب العمال”، الحزب اليساري الرئيس ببريطانيا، وترعرعت في أجزاء من المملكة المتحدة لم تصوت تقليديًّا لحزب المحافظين، وتنقلت بين اسكتلندا وشمال إنجلترا. وعرفت تراس باسمها الأوسط منذ نعومة أظافرها، وهي الكبرى بين 4 أشقاء.

ليز تراس وعائلتهاوكان والدها أستاذ الرياضيات، جون، ووالدتها الممرضة، بريسيلا، على الجانب الأيسر من الطيف السياسي. وشاركت تراس والدتها في مسيرات ضد السلاح النووي قادتها حملة نزع السلاح النووي، وهي منظمة عارضت قرار حكومة مارجريت تاتشر بالسماح بنشر رؤوس حربية نووية أمريكية في قاعدة سلاح الجو الملكي في جرينهام كومون، غرب لندن، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ذكريات كلودو

انتقلت عائلة تراس إلى مدينة بيزلي، غربي جلاسكو في اسكتلندا، عندما كانت في سن الرابعة. وفي حديث إلى راديو “بي بي سي 4″، قال شقيقها الأصغر، إن العائلة كانت تستمتع بألعاب مثل كلودو ومونوبولي، وكانت ليز الشابة تكره الخسارة، وغالبًا ما كانت تتوارى عن الأنظار، بدلًا من المخاطرة بعدم الفوز.

ليز تراس في المراهقةوالتحقت تراس بمدرسة ثانوية حكومية بحي راوندهاي، بعد انتقال عائلتها لاحقًا إلى مدينة ليدز، وبعد إنهاء دراستها في المرحلة الثانوية، درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد في جامعة أكسفورد، وكانت تنشط في السياسة الطلابية في البداية بصفوف الديمقراطيين الأحرار. وبعد التخرج عملت محاسبة في شركة شل النفطية العملاقة وغيرها من الشركات الخاصة، وتزوجت زميلها المحاسب هيو أوليري عام 2000، ولديهما ابنتان.

حرباء سياسية

توصف تراس، 47 عامًا، بأنها حرباء سياسية تحولت من راديكالية تطالب بإلغاء الملكية، إلى حاملة علم الجناح اليميني بحزب المحافظين البريطاني المشكك في أوروبا. وأثبتت تراس نفسها في فترة زمنية قصيرة نسبيًّا كقوة سياسية تسعى إلى تحقيق أجندتها بحماس لا لبس فيه، الأمر الذي ربما يثير تساؤلات بشأن ما إذا كان لديها أي معتقدات صادقة، أو ما إذا كانت تؤيد ببساطة الأكثر ملاءمة في حينه.

وعلى النقيض من زملائها بمجلس الوزراء ممن تلقوا تعليمًا خاصًا، ارتادت تراس مدرسة حكومية في يوركشاير، ثم حظيت لاحقًا بمكان في جامعة أكسفورد، وكانت عضو نشط بحزب الديمقراطيين الليبراليين، وهو حزب معارض وسطي لطالما كان معارضًا فاعلًا للمحافظين في أجزاء كبيرة من إنجلترا، حسب ما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

ليز تراس نائبة في البرلمان البريطاني في عام 2010إلغاء الملكية وتقنين المخدرات

خلال فترة عضويتها في الحزب الديمقراطي الليبرالي، دعمت تراس إلغاء الملكية وتقنين المخدرات، وهي مواقف تتعارض تمامًا مع توجه التيار السائد بحزب المحافظين، حسب “سي إن إن.”

وانضمت تراس إلى حزب المحافظين في العام 1996، بعد عامين من إلقائها خطابًا في مؤتمر لحزب الديمقراطيين الليبراليين دعت فيه إلى إنهاء الملكية، قائلة “نحن الديمقراطيون الأحرار نؤمن بتساوي الفرص للجميع. لا نؤمن بوجود أشخاص ولدوا ليحكموا”. وحين كانت عضوًا في ذلك الحزب، شكك أقرانها في صدقها، وألقوا الضوء على سمات يقولون إنها لا تزال لصيقة بها حتى اليوم.

طموح سياسي مستمر

ترشحت تراس عن حزب المحافظين في الانتخابات العامة لعام 2001، ولكنها خسرت، ثم تعرضت لهزيمة أخرى في انتخابات 2005. بيد أن طموحاتها السياسية لم تتراجع، وجرى انتخابها عضوًا بمجلس بلدية جرينتش، جنوب شرق لندن في العام 2006، وبعد عامين عملت نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث “إصلاح” ذات التوجهات المحافظة.

ووضع زعيم حزب المحافظين السابق، ديفيد كاميرون، تراس على “قائمة أ” للمرشحين الذين يحظون بأولوية الترشيح في انتخابات عام 2010، ووقع الاختيار عليها للترشح عن المقعد الآمن للحزب في جنوب غرب نورفوك الذي فازت به بأكثرية 13 ألف صوت، وفق “بي بي سي.”

ليز تراس...

معركة وعلاقة غرامية

في العام 2012، واجهت تراس معركة ضد إلغاء تمثيلها لدائرتها الانتخابية من جمعية حزب المحافظين الانتخابية، على إثر الكشف عن علاقتها الغرامية مع زميلها في مجلس العموم، مارك فيلد، قبل 5 سنوات. ولكن معارضيها في الدائرة الانتخابية ذات الطابع الريفي إلى حد كبير، فشلوا في محاولتهم للإطاحة بها.

وشاركت تراس في تأليف كتاب بعنوان “بريطانيا متحررة من القيود” الذي دعا إلى إلغاء الدور التنظيمي للدولة لتعزيز مكانة المملكة المتحدة في العالم، وباتت مدافعة بارزة عن سياسات حرية السوق بصفوف حزب المحافظين، حسب “بي بي سي.”

داعمة لأيديولوجيات مختلفة

يعتقد عضو حزب الديمقراطيين الليبراليين الذي قاد حملة انتخابية مع تراس في التسعينيات، نيل فوسيت، أن مواقفها وأفعالها مدفوعة بالرغبة في أن تحظى بمزيد من الشعبية، سواء كانت تتحدث عن إلغاء تجريم المخدرات، أو إلغاء النظام الملكي. وأضاف لـ”سي إن إن”: “لا أعرف حقًا ما إذا كانت تصدق أي شيء تقوله، في ذلك الوقت أو الآن”.

ومنذ انضمامها إلى حزب المحافظين وفوزها بعضوية البرلمان، دعمت تراس بشدة تقريبًّا كل أيديولوجية يمكن تصورها، وخدمت بإخلاص في ظل 3 رؤساء وزراء في العديد من المناصب الوزارية المختلفة، كان آخرها وزيرة للخارجية البريطانية.

ربما يعجبك أيضا