ما سر اختيار رستم عمروف وزيرًا لدفاع أوكرانيا؟

محمد النحاس

يسلط اختيار رستم عمروف وزيرًا لدفاع أوكرانيا الضوء على تاريخ مجموعة التتار العرقية ذات الأغلبية المسلمة.. فما قصتها؟


رشّح الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، رستم عمروف وزيرًا للدفاع، خلفًا لأوليكسي ريزنيكوف، رغم أن الأول معارض من أقلية التتار المسلمة.

وجاء ذلك في وقتٍ حرج بالنسبة للقوات الأوكرانية، التي تخوض هجومًا مضادًا قد يكون حاسمًا، لكنه عانى صعوبات كبيرة منذ بدايته مع تحسن نسبي نهاية الأسبوع الماضي، فمن هو الوزير الجديد المحتمل؟

قاد ريزنيكوف على مدار شهور القتال لكنه واجه ضغوط متزايدة مع الحديث عن بعض الصفقات المشبوهة داخل الجيش.

مواقف صلبة

يبلغ رستم عمروف 41 عامًا فحسب، مع ذلك فإن الوزير الجديد المحتمل كان له دور بارز في سلسلة من المفاوضات والاتفاقات المرتبطة بالحرب. وعرف عنه أنه مفاوض مخضرم، فضلاً عن نشاطه الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي وأدواره الاجتماعية، وبروزه في مجمتع الأعمال الأوكراني.

وسياسيًّا، تبنى عمروف مواقف صلبة وراسخة في ما يتعلق بـ”أوكرانية” المناطق التي سيطر عليها الروس سواءً عام 2014، أو عام 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتحدث عن الأشهر التي سبقت القتال قائلًا: “بدأت في إعداد زملائي، وقلت إننا بحاجة إلى أن نكون مستعدين بدنيًا وذهنيًّا لما يجب فعله”، مشددًا على أن “المسلمون الأوكرانيون يقاتلون من أجل استقلال البلاد وسيادتها”.

الحرب الروسية الأوكرانية

أبعاد تاريخية

ينتمي عمروف إلى أقلية التتار ذات الأغلبية المسلمة والقاطنة بشبه جزيرة القرم، التي سيطرت عليها روسيا عام 2014، وقال في تصريح أدلى به لوكالة أنباء الأناضول، العام الماضي، إن منطقة دونباس شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم هي “خطوط حمراء”، مضيفًا: “لن نتخلى عن شعبنا أو أرضنا”.

وولد عمروف عام 1982 في أوزبكستان، وانتقل إلى شبه جزيرة القرم في طفولته عندما كانت نهاية الحقبة السوفيتية تلوح في الأفق. بعدما عمل ستالين على ترحيل عشرات الآلاف من أقلية التتار العرقية المسلمة منذ العام 1944.

شبه جزيرة القرم

شبه جزيرة القرم

عرقية التتار المضطهدة

تاريخيًّا عاني تتار القرم من اضطهاد الروس، تحديدًا منذ عام 1783، حين ضمت إمبراطورة روسيا، كاثرين العظمى، شبه جزيرة القرم، بعد انتزاعها من الإمبراطورية العثمانية، ومن هنا يمكن قراءة موقف عمروف تجاه ما يراه “احتلالاً روسيًّا”، فالأمر له أبعاد تاريخية ذاتية شديدة التعقيد، وقد لا يقف عند حدود انتماء للدولة الأوكرانية، بل كذلك يعود للانتماء العرقي وجذوره الثقافية.

وتقول كييف إن روسيا، منذ اجتاحت شبه جزيرة القرم، اضطهدت المجموعة التتار العرقية، وأغلبها مسلمة الديانة، واستهدفت العديد من قادتهم، ما دفع الكثيرين منهم إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية.

مواصفات-الصاروخ-الروسي-«سارمات»

مفاوض بارز

رغم كون رستم عمروف من حزب معارض، فإن كفاءته طغت ليصبح كبير المفاوضين الأوكرانيين في صفقة الحبوب، التي تمت بوساطة تركية، وليبزغ كمفاوض متمرس وذا قدرات عالية، وكذلك شارك في إتمام صفقة لتبادل الأسرى بوساطة سعودية، وخلال عمله تمكن من أن يكون شبكة علاقات خارجية كبيرة.

داخليًّا، لدى عمروف أدوار بارزة كذلك، فهو يدير ما يسمى بصندوق أملاك الدولة الأوكراني، وهي هئية مسؤولة عن إتمام خصخصة العديد من ممتلكات القطاع العام، بهدف “دق المسمار الأخير في نعش ما تبقى من إرث الشيوعية”، على حد تعبير عمروف ذاته في تصريح سابق أدلى به لوكالة أنباء رويترز.

نشاط اجتماعي وسياسي

خلال النصف الأول من عام 2023، أعلن صندوق أملاك الدولة الأوكراني عن أكبر عائدات له منذ 10 سنوات، وحقق 49 مليون دولار من خلال بيع ممتلكات الدولة بالمزاد العلني، حسب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

وفي عام 2007، أسس عمروف منظمة “زمالة تتار القرم” وهي مؤسسة اجتماعية، ليشرع آنذاك في الاهتمام بالمجال العام، ومن النشاط الاجتماعي انطلق إلى عالم السياسة، ودخل البرلمان بأغلبية ساحقة عن حزب “هلوس” الإصلاحي، وفق صحيفة أوكرانيا بالعربي.

وقال الرئيس زيلينسكي عند ترشيح عمروف لقيادة زارة الدفاع، التي تنتظر موافقة البرلمان، إن زملاءه في المجلس التشريعي “يعرفونه جيدًا”، في إشارة لدروه داخل البرلمان.

 

ربما يعجبك أيضا