ما قصة تأميم «الذهب الأبيض» في المكسيك؟

علاء بريك

بعد فتح أسواق الطاقة والكهرباء أمام القطاع الخاص في المكسيك في عهد الرئيس السابق، إنريكي بينيا نييتو، يؤمم الرئيس الحالي قطاع الليثيوم، فما القصة؟


في العام 2017، تجاوز سعر الليثيوم في السوق العالمي 25 ألف دولار أمريكي، حاز في هذه الفترة على مسمى “الذهب الأبيض”.

وفي العام 2018، أعلنت شركة باكانورا ليثيوم الكندية اكتشافها أكبر منجم ليثيوم في العالم تتجاوز احتياطياته 240 مليون طن، وفي الشهر الحالي أعلن الرئيس المكسيك،ي مانويل لويز أوبرادور، تأميم قطاع الليثيوم وإبعاد القطاع الخاص والشركات الأجنبية عن هذا المورد الاستراتيجي، حسب وصفه.

المبادرة: تأميم الذهب الأبيض

في بداية أكتوبر 2021، قررت إدارة الرئيس المكسيكي، أندرياس مانويل لوبيز أوبرادور، اتخاذ خطوات متقدمة للسيطرة على قطاع الليثيوم في البلد، عبر جعله موردًا استراتيجيًا، شأنه شأن النفط. وأتت هذه الخطوة في سياق أوسع هو إصلاح قطاع الطاقة الذي حُرِّر في الماضي، وفي ظل اتهامات بالفساد والتلاعب بالأسعار أوردها تحقيق نشرته صيحفة “إلبايس” الإسبانية.

في إبريل هذه السنة، نجحت إدارة الرئيس المكسيكي في تمرير قانون تأميم قطاع الليثيوم يوم الاثنين 25 إبريل 2022، بعد أن فشلت في تمرير قانون مماثل يتعلق بقطاع الكهرباء في اليوم السابق، وقال لوبيز أوبرادور إن بلاده ستعمل على الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، مثل بوليفيا، في مجال الاستثمار في هذا القطاع، وصرّح أيضًا بأنَّ “الليثيوم ليس ملك الحكومة أو الدولة بل ملك الشعب والأمة”، حسب ما نقلت شبكة بلومبرج.

أهمية الليثيوم

يحتل الليثيوم اليوم وفي المستقبل أهمية خاصة لكونه من المكونات الرئيسة في صناعة البطاريات، ولهذا تأثير في صناعة السيارات الكهربائية، ودورها في تخفيض انبعاثات الكربون. إضافة لذلك، يُستخدم الليثيوم في العلاجات الطبية ويدخل في الأدوية المضادة للاكتئاب.

وتحتل 3 دول لاتينية هي بوليفيا والأرجنتين وتشيلي المراكز الأولى في حجم مخزوناتها من الليثيوم، في حين تحتل المكسيك المركز العاشر، وكشفت شركة باكانورا ليثيوم الكندية عن مخزونٍ جديد في المكسيك في العام 2018 في منطقة سونورا، شمال البلاد، يشتمل على احتياطي يقدَّر حجمه بنحو 244 مليون طن، ليكون بهذا أكبر منجم ليثيوم في العالم. ومن المتوقع زيادة الطلب على الليثيوم بنحو 30% سنويًّا، ما يجعل هذا القطاع مهمًا للمكسيك.

انتقادات

في البداية، توجَّه إلى عملية التأميم انتقادات تتعلَّق بدستورية هذا النوع من القرارات، فالدستور المكسيكي ينص على عدم الاحتكار، واحتكار الدولة لليثيوم يتعارض مع هذه المادة الدستورية، حسب ما يقول خبراء. وبصرف النظر عن مسألة الدستورية من عدمها، توجد بعض المخاوف بشأن قدرة الدولة على الاستثمار في هذا القطاع لافتقارها إلى رأس المال والتكنولوجيا والمعرفة التقنية.

وإضافة إلى المخاوف التقنية والمالية، تبرز مخاوف بيئية وأخرى أمنية. بالنسبة للأولى، قال عضو جمعية جيو كوميونز، يانِك دينياو، إن عملية التنقيب عن الليثيوم لا تخلِّف عواقب إيجابية بقدر ما تخلف سلبية على البيئة والمجتمعات المحلية، فإنتاج الليثيوم يستهلك الكثير من المياه ويبعث غاز ثاني أوكسيد الكربون ويقوِّض البيئة، أما الجانب الأمني، فقد أشارت التقارير إلى انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة مع زيادة الفرص الاقتصادية في مناطق اكتشاف الليثيوم، حسب ما نقل موقع “ديالوجوتشينو“.

اتفاقيات دولية بين الخرق والإبرام

أبرمت المكسيك مع أمريكا وكندا اتفاقية تجارة حرة ثلاثية، وفي فصلها الـ22 تمنع الاتفاقية احتكار الحكومة أو شركاتها أي سلعة في البلد، والليثيوم لم يكن محتكرًا قبل الاتفاقية، لذا قد يخرق احتكارها اليوم هذه الاتفاقية، بحسب صحيفة فايننشال تايمز، وفي المقابل قد يتسبب هذا الأمر بمشكلة للشركات المنتجة للسيارات الكهربائية لأنَّ عليها بغية الإعفاء من الجمارك تأمين 75% من موادها على الأقل من مصادر إقليمية، والليثيوم أحدها.

من جانب آخر، دعا الرئيس المكسيكي رؤساء كل من بوليفيا والأرجنتين وتشيلي إلى توسيع العمل المشترك في مجال الليثيوم والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى كل من هذه الدول على اختلاف نماذج إدارتها للقطاع، ولعل الرئيس المكسيكي يطمح إلى تكوين أوبك الليثيوم على غرار أوبك النفط.

ربما يعجبك أيضا