ما هي شروط حزب الله لإنهاء الصراع مع إسرائيل؟

لماذا تسعى واشنطن لإنهاء الصراع بين إسرائيل وحزب الله؟

شروق صبري

شنت إسرائيل عملية عسكرية استهدفت أحد قادة حماس في معقل جماعة حزب الله اللبنانية في بيروت، وذلك في أول هجوم إسرائيلي على الجماعة منذ حرب عام 2006.. لكن لماذا تخشى واشنطن من تطور الصراع؟


توعد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بالرد على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم 2 يناير 2024، وهي خطوة من شأنها أن تشعل الصراع في المنطقة.

وبعد أقل من أسبوع على اغتيال العاروري، نفذ حزب الله أول عمل انتقامي ضد إسرائيل، قائلًا في بيان: “إن الجماعة أطلقت وابلًا من 62 صاروخًا على قاعدة مراقبة جوية تقع في جبل ميرون شمال إسرائيل، وإن الصواريخ قد أصابت الهدف المقصود”، ويشير الهجوم الصاروخي إلى أن حزب الله لم يتوصل إلى أي نتيجة مع إسرائيل بشأن مقتل مسؤول حماس.

تصريحات إسرائيلية

من جانبه، شدد الجيش الإسرائيلي على أن حزب الله أطلق 40 صاروخًا باتجاه القاعدة الإسرائيلية، دون مزيد من التفاصيل حول ما إذا كانت الصواريخ قد وصلت إلى هدفها أم لا. كما أعلن الجيش أنه نفذ عملية واسعة النطاق ضد أهداف لحزب الله جنوب لبنان ردا على الصواريخ، وقد أصيبت “أصول كبيرة” في الهجمات. وذلك حسب ما نشرته مجلة Responsible Statecraft الإلكترونية التابعة لمعهد كوينسي الأمريكي للأبحاث يوم 8 يناير 2024.

وكان نصر الله قال، خلال كلمة متلفزة يوم 5 يناير 2024: “لا يمكننا أن نبقى صامتين على مثل هذا الانتهاك الخطير”، مضيفًا أن “الرد قادم”. لكن على الرغم من التوترات المتصاعدة، إلا أن الوضع لا يزال تحت السيطرة، على الأقل في الوقت الحالي، حسب المجلة الأمريكية.

صراع إقليمي

وفي تعليقه على ما سبق، قال العميد المتقاعد في الجيش اللبناني إلياس حنا في مقابلة مع المجلة الأمريكية إن “عملية حزب الله هي أكثر من مجرد تصعيد وأقل من حرب”. وأضاف أن إسرائيل تعتمد على أمريكا في الذخيرة والقوة النارية، وفي حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله، ستحتاج إلى الاعتماد بشكل أكبر على الولايات المتحدة التي تعارض مثل هذه الحرب.

فيما حذر منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في كلمته للصحفيين في بيروت، من مخاطر تورط لبنان في صراع واسع النطاق. وشدد على ضرورة تجنب لبنان الصراع الإقليمي. كما تضمن جدول أعمال بوريل في بيروت إجراء محادثات مع رئيس كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد.

حزب الله اللبناني

حزب الله اللبناني

اتفاق ترسيم حدود محتمل

يعد هذا أول لقاء بين مسؤول غربي كبير وممثل عن الجماعة منذ اندلاع أعمال العنف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية في 8 أكتوبر 2023. إذ يأتي ذلك في الوقت الذي تكثف فيه إدارة بايدن جهودها للتوصل إلى اتفاق لترسيم الأراضي بين لبنان وإسرائيل. ويكمن دفع واشنطن لإطلاق محادثات حول صفقة محتملة من مخاوفها من اندلاع حرب شاملة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.

ويقود هذه الجهود المستشار الخاص للرئيس الأمريكي جو بايدن للطاقة والبنية التحتية، عاموس هوشستاين، الذي توسط سابقا في اتفاق الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بين لبنان وإسرائيل في عام 2022، والذي أجرى زيارة لإسرائيل مؤخرًا لمناقشة الوضع على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية لتمهيدا لاتفاق حدود برية محتمل.

شروط حزب الله

لم يستبعد نصر الله استعداد حزبه للمشاركة في محادثات ترعاها الولايات المتحدة حول مثل هذا الاتفاق، مشددًا على أن ذلك لا يمكن أن يحدث قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة. إذ قال نصر الله في خطابه يوم 5 يناير 2024 إن أي محادثات أو مفاوضات أو حوار ترسيم الحدود لن يتم ولن يحقق نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة.

ووضع أيضًا زعيم حزب الله شروطه للتوصل إلى اتفاق محتمل، فهي لم تشمل فقط انسحاب إسرائيل من أراضٍ محتلة في قرى مزارع شبعا والغجر، بل تضمنت أيضًا إنهاء جميع الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتحرير كل شبر من الأراضي اللبنانية ومنع العدو من انتهاك السيادة اللبنانية في البر والجو والبحر.

جيش الاحتلال الإسرائيلي

جيش الاحتلال الإسرائيلي

منع التصعيد

وفق المجلة الأمريكية، تعكس تصريحات نصر الله ما يقوله مسؤولون في حزب الله سرا عن عدم معارضة الجماعة من حيث المبدأ لفكرة المحادثات أو المفاوضات عبر الحدود. كما صرح مسؤولين من الحزب في اجتماعات مغلقة مع دبلوماسيين أوروبيين بأن الاتفاق البحري الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل يمكن أن يسهل المحادثات حول اتفاقية برية محتملة.

إن استعداد حزب الله المشروط للانخراط في مثل هذه العملية تحت رعاية الولايات المتحدة، وإحجامه المستمر عن اتخاذ إجراء من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة، يوفر زخماً قوياً لإدارة بايدن للضغط على إسرائيل للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة. نظراً لهدف واشنطن المعلن المتمثل في منع حدوث تصعيد كبير على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية. خصوصا أن اندلاع صراع واسع النطاق على هذه الجبهة  يقوض المصالح الأمريكية في لبنان، الذي يظل أحد أهم دول المنطقة وبوابة الغرب إلى الشرق الأوسط.

فشل الولايات المتحدة

من ناحية أخرى، فإن فشل الولايات المتحدة في الضغط من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، يعرضها لخطر حقيقي باندلاع حرب على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.

وفي حال اندلاع الحرب الشاملة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية فلن تؤدي إلا إلى تقويض النفوذ الأمريكي في لبنان بطرق لا يمكن إلا أن تفيد الصين وروسيا. ومن المرجح أن يميل كلا البلدين إلى توسيع نفوذهما في لبنان نظراً لأهميته الجيوسياسية. ومن المرجح أن يزيد ذلك من النفوذ الهائل الذي تتمتع به إيران، التي تدعم حزب الله، في لبنان.

ربما يعجبك أيضا