متحديا المجتمع الدولي.. ترامب يبيع الجولان بصندوق “نبيذ”

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

بعدما وقّع ترامب في البيت الأبيض قرار اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، قال نتانياهو موجها حديثه إلى الرئيس الأمريكي، وحاملًا قلمه الذي وقع فيه القرار: “سيدي الرئيس.. جلبت لك صندوقًا من أجود أنواع النبيذ في الجولان”.

وأضاف -وسط ضحكات الحاضرين- “أعرف أنك لا تحب النبيذ كثيرًا”، وتابع ممازحًا: “لكن هل يمكن أن أعطيها لموظفيك؟.. دون أن يتم فتح تحقيق في ذلك”.

اليهود يعترضون

تظاهر مئات اليهود الأرثوذكس أمام البيت الأبيض، احتجاجا على توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرار اعتراف بلاده بـ”سيادة إسرائيل” على مرتفعات الجولان المحتلة.

جاءت تظاهرة حركة “ناطوري كارتا” اليهودية الأرثوذكسية المناهضة للصهيونية، بالتزامن مع اجتماع ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وشارك في المظاهرة حاخامات من جمعية الحاخامات الأرثوذكس ضد الصهيونية، وتلا أحد المشاركين في المظاهرة، بيانا باسم المتظاهرين، قال فيه: إن “حاخامات اليهود الأصليين لا يعترفون إطلاقا بدولة إسرائيل ولا بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان”.

ودعا البيان إسرائيل إلى وقف حصارها وهجماتها العسكرية ضد قطاع غزة، وأعرب عن رفضه اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسيادة تل أبيب على مرتفعات الجولان.

الجولان سوري

تظاهر “دروز” الجولان -رجالا ونساءً وأطفالًا- في بلدة “مجدل شمس” المحاذية لخط الهدنة الفاصل بين الأراضي التي تحتلّها إسرائيل والقسم الخاضع للسيطرة السورية، احتجاجًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رافعين لافتات كتب عليها بالعربية: “الجولان سوري رغم أنف الأعداء”، و”نحن من يقرر هوية الجولان”.

وقد فر عشرات آلاف السوريين من القسم الذي احتلّته إسرائيل من الهضبة أو طردوا منه خلال حرب 1967، لتضّمه لاحقًا في عام 1981، لكن بعضًا منهم بقي متمسّكا بأرضه، ويقطن حاليًّا 23 ألف درزي في الأراضي التي تحتلّها إسرائيل والتي باتت تضم أيضا 25 ألف مستوطن إسرائيلي.

وتتمسّك غالبية دروز الجولان بهويتها السورية، وترفض الجنسية الإسرائيلية.

عزلة إسرائيل

أعربت المملكة العربية السعودية عن رفضها التام واستنكارها للإعلان الذي أصدرته الإدارة الأمريكية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة.

وأكدت المملكة العربية السعودية على موقفها الثابت والمبدئي من هضبة الجولان، وأنها أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وأن محاولات فرض الأمر الواقع لا تغير في الحقائق شيئًا، وأن إعلان الإدارة الأمريكية هو مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وللقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك قرارات مجلس الأمن رقم (242) لعام 1967م، ورقم (497) لعام 1981م، وستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة.

ودعت المملكة العربية السعودية كافة الأطراف إلى احترام مقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

إلى ذلك، قال لبنان إن قرار ترامب بشأن الجولان يقوض أي جهود تهدف للتوصل لسلام عادل ويزيد من عزلة إسرائيل.
وذكرت الخارجية اللبنانية أن هضبة الجولان أرض “سورية عربية” ولا يمكن لأحد أن يزيف التاريخ بنقل السيادة على أرض من دولة لدولة أخرى.

فيما أعرب نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله، عن أسفه بهذا القرار، واصفًا الخطوة بالمؤسفة، وقال: “كنا نتوقع ونتمنى أن تكون هناك خطوات تسهم في احتواء الاحتقان بالمنطقة، ولكن هذا الاعتراف سيؤدي إلى مزيد من التوتر وتدهور عملية السلام المتعثرة أصلًا”.

وأكد الجارالله، أن الكويت تنظر لمرتفعات الجولان على أنها أراضٍ سورية، مشددًا على أن الخطوة تجاوز للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، خاصةً القرار رقم 497، والذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء ضم مرتفعات الجولان.

قرار أحادي

كما عبّر الأردن عن رفضه قرار ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، مؤكدا أن ذلك “لا يغير حقيقة أن الجولان المحتل أرض سورية”.

يقول وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” -في بيان- إن “موقف المملكة ثابت وواضح في رفض ضم إسرائيل الجولان المحتل وفي رفض أي قرار يعترف بهذا الضم”.

وأضاف، إن القرار الأمريكي “أحادي سيزيد التوتر في المنطقة، ولا يغير حقيقة أن الجولان المحتل أرض سورية، يتطلب تحقيق السلام الشامل والدائم لإنهاء احتلالها وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”.

وفي سياق متصل، أكدت روسيا أن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة الكيان الإسرائيلي على مرتفعات “الجولان” يتناقض مع القوانين الدولية، وهو بمثابة الخطوة “الخاطئة” التي من شأنها أن تؤدي إلى فترة جديدة من التوتر في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

بدورها، استنكرت تركيا القرار الأمريكي، مؤكدة أن الخطوة التي اعتمدها الرئيس دونالد ترامب “لن تشرعن أبدا عملية الضم لأراضي عربية، بل ستقوض مساعي إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، وستزيد من التوتر في المنطقة” .

وشدد “تشاووش أوغلو” وزير الخارجية التركي على أن هذا القرار “يكشف مرة أخرى، تجاهل الولايات المتحدة للقانون الدولي”.

انتهاك الاتفاقات الدولية

من جهته، أكد البرلمان العربي رفضه القاطع للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، محذرًا من النتائج الوخيمة للقرار على أمن واستقرار المنطقة.

واعتبر “مشعل بن فهم السلمي” -رئيس البرلمان العربي- قرار “ترامب” أنه يضرب بعرض الحائط قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي، وشدد على أن القرار الأمريكي يعد باطلا ولا يترتب عليه أي أثر قانونيّ، ويؤسس بإملاء وإرادة منفردة لتغيير وضع قانوني قائم للجولان باعتباره أرضًا محتلة، كما يعد خرقا صارخا للقانون الدولي وانتهاكا خطيرا للاتفاقات الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

مصانع النبيذ

تضم مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، أراضي خصبة، استغلها الاحتلال في زراعة العنب الذي يستخدم في صناعة النبيذ، وتضم هذه المرتفعات أيضًا واحدًا من أكبر مصانع النبيذ في إسرائيل.

وتقول تقارير: إن زراعة العنب، تمثل أبرز الاستثمارات الموجودة في هذه المنطقة، ويعرف عن النبيذ الجولاني جودته العالية وارتفاع سعره، ويمثل 38% من إجمالي صادرات النبيذ في إسرائيل.

ربما يعجبك أيضا