محلل فرنسي يقدم رؤية متفردة لانتشار الجماعات المتطرفة

كارم عبدالغفار

رؤية
بيروت- صدر حديثا عن دار الجديد، “في يمين المولى.. التعصب في ميزان التحليل النفسي” للباحث والمحلل النفسي الفرنسي جيرار حداد، يقدم خلاله رؤية متفردة لانتشار الجماعات المتطرفة والإرهابية وشغف أفرادها بالذبح والقتل سواء باستخدام الأحزمة الناسفة أو بالقتل والذبح بدم بارد، وذلك من خلال تشريحه وتحليله النفسي لمفهوم التعصب، الذي يرى فيه المحرك الأول لكل الحروب، سواء بين الأهل أنفسهم “الحروب الأهلية”، أو بين الدول، مؤكدا أنه المحرك للعنصريات والملهم للقمع والاضطهاد، وللإبادات، ولكل ما يجري هذا المجرى من ألوان الهمجية.

يؤكد حداد في كتابه أن التعصب كالعنصرية، علة جماعية، ولا يعني بذلك أن التعصب لا يصيب الأفراد، ولكن أن يخرج من صفوف جماعة ما، فرد ما متعصب، أو عنصري ينادي بالموت لجماعة أخرى شيء، وأن تصاب جماعة ما بقضها وقضيضها بالتعصب أو بالعنصرية شيء آخر، وفقا لصحيفة “العرب”.

ويقول جيرار حداد “في حالة الفرد، لا يعدو الأمر أن يكون اختلالا نفسيا يفترض العلاج، أو عزل الفرد المعني درءا للأذى، أما في حالة الجماعات، فالأمر غير ذلك. أضف أن التعصب في الجماعات، أدنى ما يكون إلى المرض المزمن. بالطبع يمكن هذا المرض، متى ما أصاب جماعة من الجماعات، أن تنحسر عوارضه، وأن تخفت حدته، ولكنه يبقى كالجمر تحت الرماد: حالما يتسلل الوهن إلى الجسم الاجتماعي لتلك الجماعة، تستأنف الحمى نوباتها بهذا المعنى، لا هوادة ممكنة في التصدي لهذا الشر، والتصدي له على بينة من طبيعته، خير من التصدي له على غير بينة، وهذا ما يسعى ‘في يمين المولى’ إلى المساهمة فيه”.

ويوضح حداد أن القتل الوحشي المتتابع والمنتشر على فيديوهات متفرقة يوحي بغير كلالة أنه خليفة القتل الذي رفع يوما إلي مرتبة الصناعة الثقيلة. هذه الهمجية متربصة عند كل زاوية، وعند كل منعطف. إنها همجية قادرة، بلا رفة جفن، على أن تبيد مجموعة من الصحافيين الهزليين، كما أن تقضي على رواد مركز تجاري، أو على تلاميذ مدرسة. ماذا يستفاد من هذه النماذج من القتل سوى أنها تكرر المكرر من أنه لا وزن يذكر، ولا قيمة لحياة.

أما أغرب الأغراب، في رأيه، فيكمن في أن هذه الفظاعات التي يفترض المرء أن تستدعي الإنكار عليها والرفض القاطع لها، تستثير في نفوس البعض تأثيرا معاكسا، فتخلب وتستهوي عوض أن تجفل وتنفّر. ولو لم يكن الأمر كذلك، فكيف لنا أن نفسر التحاق عشرات الآلاف، من كل فج عميق، تطوعا، بركاب هذه المغامرة الهمجية القصوى؟ في ما مضى كان الجلادون أبناء صنف وصنعة، أما اليوم، فباب هذه النقابة مشرع على مصراعيه.

ربما يعجبك أيضا