هدف روسيا التالي في أوروبا والمفارقة الصينية الهندية.. جولة في المراكز البحثية

آية سيد
لماذا لن تحل الهند محل الصين؟

روسيا أظهرت غضبها من ميل مولدوفا تجاه الغرب، فهل تصبح هدفها التالي بعد أوكرانيا.. ولماذا تتأرجح علاقات بكين ونيودلهي بين الشد والجذب.


أشعلت الحرب الروسيّة الأوكرانيّة مخاوف لدى بعض دول الاتحاد السوفييتي السابقة من أنها قد تكون الهدف التالي، في وقت تُبرِز في العلاقات بين الصين والهند مفارقة دبلوماسية.

وتستعرض “شبكة رؤية الإخبارية” عبر جولة في بعض المراكز البحثيّة، لماذا تخشى مولدوفا من أن تصبح الهدف التالي لموسكو، وما دور الولايات المتحدة في مساعدتها، وكيف يمكن أن نفهم التناقض في العلاقات بين الصين والهند في الفترة الأخيرة.

مولدوفا عاصمة اللاجئين الأوروبية

في تحليل نشرته مؤسسة هيرتيج الأمريكية، يوم الجمعة 25 مارس 2022، رأت الباحثة في شؤون روسيا وأوراسيا، أليكسيس ميراتشيك، أن مولدوفا قد تكون الهدف التالي لروسيا، موضحةً أن الدولة الحبيسة التي تحد أوكرانيا ورومانيا ويبلغ عدد سكانها 3.3 مليون نسمة، استقبلت 360 ألف لاجئ أوكراني على الأقل، بعضهم يخطط للبقاء، ما يجعل مولدوفا عاصمة اللاجئين الأوروبيّة.

وتتوقع حكومة مولدوفا دخول مليون لاجئ تقريبًا في الشهور المقبلة، وتشير تقديرات مفوضيّة الأمم المتحدة للاجئين إلى أن 100 ألف لاجئ أوكراني سيستقرون بها بحلول يوليو المقبل، لهذا ستحتاج كيشينا إلى قدر كبير من المساعدات الإنسانية للتكيّف مع التدفق المفاجئ للاجئين، لأنها واحدة من أفقر الدول في أوروبا.

لماذا تفتح مولدوفا حدودها أمام الأوكرانيين؟

ترى ميراتشيك أن أحد أسباب فتح مولدوفا حدودها أمام الأوكرانيين هو التعاطف، موضحة أن “هذا البلد يعلم معنى العدوان الروسي في ظل احتلال قوات روسية لمنطقة ترانسنيستريا الشرقية منذ عقود”. وأعربت رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، عن قلقها من استخدام موسكو لتلك القوات ضد أوكرانيا، أو محاولة احتلال بلدها بالكامل، عندما قالت بداية هذا الشهر: “في هذه المنطقة الآن لم يعد ممكنًا أن نشعر بالأمان”.

ويشير التحليل إلى أن روسيا أظهرت غضبها من ميل مولدوفا تجاه الغرب، عندما هددت شركة غازبروم بقطع إمداد الغاز عن كيشينا الخريف الماضي، ما أجبر الدولة على توقيع عقد جديد لمدة 5 سنوات. وبينما تنفي الحكومة المدعومة روسيًّا في ترانسنيستريا إرسال قوات إلى أوكرانيا، عرض رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، بداية مارس الحالي، خريطة تصور ما يبدو أنه تحرك قوات روسية نحو مولدوفا.

تحدٍّ وهدف مشتركان لواشنطن وكيشينا

يوضح التحليل أن مولدوفا تحت حكم ساندو كانت موالية للغرب بقوة، وفي بداية هذا الشهر تقدمت بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن تمتعها بعلاقات دبلوماسية مع أمريكا منذ 30 عامًا، عندما اتفق الرئيسان السابقان الأمريكي جورج بوش الأب، والمولدوفي ميرسيا سينجور، على ضرورة أن يعمل البلدان معًا لمعالجة التحديات وتحقيق الأهداف المشتركة.

وهنا يلفت التحليل إلى أن “هذا التحدي المشترك اليوم هو التهديد الروسي، والهدف المشترك هو ربط مولدوفا بالغرب، لذلك يجب أن تعمل إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على معالجة الأمرين عبر زيادة المساعدات الطبيّة إلى أوكرانيا، ومساعدة مولدوفا في الحصول على عضويّة الاتحاد الأوروبي”.

تناقض العلاقات الصينيّة-الهنديّة

على صعيد آخر، طرح تحليل لمنتدى شرق آسيا، في 26 مارس 2022، إشكالية العلاقات بين الصين والهند، التي شهدت في الفترة الأخيرة انقسامات بسبب التوترات الأمنيّة والتحالفات المتعارضة، لكنها حقّقت في الوقت ذاته خطوة كبرى للأمام بزيارة غير متوقعة لوزير الخارجيّة الصيني وانج يي لنيودلهي، في 25 مارس.

ولفت التحليل إلى تعاون الصين والهند خلال قمة المناخ “كوب 26” في جلاسكو نوفمبر 2021، في قضايا حاسمة مثل الحدّ من استخدام الفحم والعدالة المناخية، وكذلك في أزمة أوكرانيا حين امتنع البلدان عن التصويت في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب علاقاتهما المنفصلة والقديمة مع روسيا، التي تُعد شراكة رسميّة في حالة الصين، واعتمادًا عسكريًّا وقلقًا من الصين في حالة الهند.

علاقات الشد والجزب بين بكين ونيودلهي

وفق التحليل، اشتبكت الصين والهند أخيرًا في مناوشات حدودية على خط السيطرة الفعلية في مايو 2020 بسبب تطوير الطرق، واحتقن الرأي العام الهندي منذ ذلك الحين، وردت نيودلهي بحظر 59 تطبيقًا هاتفيًّا صينيًّا، ورفعت هذا العدد إلى 220 هذا العام، وبتعزيز علاقاتها مع شركائها في الحوار الأمني الرباعي أمريكا واليابان وأستراليا.

في المقابل، عارضت الهند خلال قمة المناخ “كوب 26” مقترح الأغلبية بحظر الفحم وناصرت “الخفض التدريجي” بدلًا من الإنهاء الكامل، وكان أكبر داعم في موقفها هي الصين. ومن المثير للاهتمام أيضًا أنه في خضمّ جائحة كوفيد-19 والتوترات العالمية، كانت التجارة بين الصين والهند تزدهر وزادت 43% خلال 2021، وارتفعت الصادرات الصينية إلى 46% والصادرات الهندية إلى 34%.

رواية الصراع والتعاون بين الصين والهند

في تفسيره لتلك العلاقة، يقول التحليل إن الصين والهند تتشاركان تعارضًا بين روايتين داخليتيّن هما بناء الدولة ما بعد الاستعمار، والبحث عن العدالة الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن الأولى تؤدي إلى الصراع، وتقود الثانية إلى التعاون، لكن الأخيرة تقع في قلب الصين والهند الحديثتين، وعندما تهيمن يحدث تقارب في الآراء، وربما تعاون من حين لآخر.

وأشار إلى أن الصين والهند تؤيّدان إصلاح المؤسسات الاقتصاديّة العالميّة، إضافة إلى أنهما شركاء في بنك التنمية الجديد، ولديهما رؤية مشتركة بشأن نظام عالمي متعدّد الأقطاب.. كل هذا يثير تساؤلات هل تصبح العلاقات التعاونيّة بين الصين والهند كافية للخروج من المأزق على الحدود؟ أم أن مجتمع العلاقات الدوليّة بحاجة لقبول أن العلاقات بينهما ستظل توازنًا معقّدًا بين الصراع والتعاون؟

ربما يعجبك أيضا