ما دور الغرب في المرحلة الحاسمة من الصراع الروسي؟

آية سيد

يرى الخبراء أن الفترة القادمة ستكون حاسمة في الصراع الأوكراني وأن نتيجة هذه الحرب ستؤثر في حسابات بكين في ما يتعلق بتايوان.


بعد مرور أسبوعين على الغزو الروسي لأوكرانيا، تقترب القوات الروسية من العاصمة كييف مع إعلان الولايات المتحدة حظر جميع واردات النفط الروسية.

في ما يلي عرض سريع لأبرز ما جاء في المراكز البحثية عن مستجدات الأزمة في أوكرانيا ودور الغرب في مساعدة الأوكرانيين وتأثير ما يحدث في موقف الصين من تايوان.

أخطاء روسية

قال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والمتخصص في شؤون روسيا وأوروبا الشرقية، جوستاف جريسيل، في تحليل بتاريخ 8 مارس الحالي، إن “روسيا لا تزال بعيدة عن الانتصار في أوكرانيا بسبب أخطائها باستخفافها بالمقاومة الأوكرانية ومحاولة الاستيلاء على المدن الرئيسية دون القوات اللازمة لذلك، ما جعلهم يتفاجؤون بحرب شاملة تسببت في انخفاض معنوياتهم وثقتهم بقيادتهم.

وعلى الجانب الآخر، أثبتت القوات المسلحة الأوكرانية أنها أكثر تحفيزًا وذات قيادة أفضل، ولديها قدرة أكبر على التكيف، مثلما ظهر في قدرتها على مواجهة عدو متفوق عدديًا بتكتيكات إبداعية وصمودها لأكثر من أسبوع ونصف.

دور الغرب في مساعدة أوكرانيا

أشار الكاتب إلى أنه إذا نجحت روسيا في أوكرانيا، فلن يقتصر الأمر على إقامة نظام وحشي وقمعي ووجود عسكري ضخم هناك، بل سيستخدم بوتين تهديد القوة العسكرية لإرغام الأوروبيين على “عدم التدخل في شؤون روسيا الداخلية”.

وقال، إنه في هذه الفترة الحاسمة ينبغي على الغرب تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بمعدات ثقيلة، وعلى وجه التحديد صواريخ الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة والمدفعية والعربات المدرعة بكل أنواعها والذخيرة. ولفت الكاتب إلى أن الأيام المقبلة ستحدد ما إذا كانت أوكرانيا ستستطيع الحفاظ على أجزاء كبيرة من جيشها كقوة قتالية فاعلة أم لا.

ينبغي على أوروبا مساعدة أوكرانيا حفاظًا على أمنها

أضاف الكاتب أن دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الناتو والاتحاد الأوروبي سوف تحتاج لإفراغ مستودعاتها واستخدام قواتها لفعل ذلك، لأنها الدول الوحيدة التي تعمل بمعدات سوفيتية أو تخزنها، والتي تستطيع القوات المسلحة الأوكرانية استخدامها بدون تدريب إضافي.

وختامًا، قال الكاتب، إنه ينبغي على الأوروبيين ألا يدخروا جهدًا لمساعدة أوكرانيا على الانتصار، من أجل الحفاظ على أمن أوروبا.

الوصول إلى الشعب الروسي

قال الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة الأستاذ بجامعة كولومبيا الأمريكية، توماس كنت، في تحليل على موقع مركز تحليل السياسات الأوروبية بتاريخ 8 مارس الحالي، إن الغرب يحتاج للتواصل مع الشعب الروسي، فإن بوتين على مدار أكثر من عقد سيطر على الإعلام الروسي وهدد الصحافة الحرة وفصل الروس عن الإنترنت الدولي.

والآن بعد بدء الحرب، اتجه بوتين إلى المرحلة النهائية وهي منع الروس من الوصول إلى المواقع الإخبارية الغربية وغلق المنافذ الداخلية التي لا يستطيع الكرملين ترهيبها، هذا جعل كثيرًا من المواطنين الروس لا يعلمون عن الحرب سوى ما يقدمه التليفزيون الرسمي، لكن وجد آخرون طرقًا لمعرفة ماذا يحدث عن طريق أقاربهم في الجيش أو أصدقائهم في أوكرانيا، ما دفعهم إلى الاحتجاج على الحرب.

ماذا يفعل الغرب لنقل الحقيقة إلى الروس؟

قال كنت، إن المحتوى الذي يجب نقله الآن هو الأخبار من ميدان المعركة التي يخفيها الإعلام الرسمي، ينشر نشطاء أوكرانيون مقاطع فيديو توثق الأعمال الوحشية، وتعرض صور أخرى الجنود الروس الأسرى. ولفت الكاتب إلى أن الروس يجب أن يفهموا تداعيات هذه الحرب، لقد انقلب العالم ضد روسيا وأصبحت أكثر اعتمادًا على الصين.

أشار الكاتب إلى أن المؤسسات الإعلامية التي جرى إغلاقها في روسيا، مثل إذاعة أوروبا الحرة وبي بي سي ودويتشه فيله وفويس أوف أمريكا، تحتاج إلى دعم كبير لكي تجمع الأخبار، مع تطبيق تكنولوجيا جديدة للوصول إلى الجمهور الروسي رغم حجب الإنترنت. وإضافة إلى هذا، توجد حاجة لأصوات روسية حرة ونشطاء روس لنقل حقيقة ما يحدث.

أهمية التواصل مع المواطنين الروس

ذكر كنت أن التواصل مع المواطنين الروس العاديين له أهمية كبيرة، فأولًا لا يستطيع قادة الكرملين تجاهل الاستياء الشعبي للأبد، حتى لو كانوا يتعاملون الآن بوحشية مع من يجرؤ على الاحتجاج في الشوارع. وقال، إن الاحتجاج والسخط الشعبي في روسيا ربما يكون لهما تأثير.

وثانيًا، يجب أن يُظهر العالم الغربي أنه يحترم شعب روسيا، وهذا يعني إظهار الالتزام بمبدأ أن الروس يستحقون معرفة الحقيقة، وأن يكون لهم رأي في مستقبل بلادهم، وفقًا للكاتب.

ماذا تتعلم الصين من غزو أوكرانيا

قال الخبير في الأمن القومي والسياسة الخارجية بمؤسسة هيرتيج الأمريكية، جيمس كارافانو، في تقرير بتاريخ 8 مارس الحالي، إن الرئيس الصيني شي جين بينج يحلم برفع العلم الصيني على تايبيه عاصمة تايوان. وتساءل الكاتب عما إذا كان الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا يحمل دروسًا للصين وقضيتها.

رأى الكاتب أن الدروس التي تتعلمها الصين من هذا الصراع مختلفة عما توقعته، إن بوتين لم يحقق انتصارًا سريعًا وخاطفًا حتى لو انتصر في النهاية، سيكون ذلك بعد حملة مُكلفة ومنهكة تدمر انتصاراته وتوجه ضربة قوية لاقتصاده. وفي حالة الفوز أو الهزيمة سيتحمل بوتين عبئًا كبيرًا.

هل بوتين حليف أم عبء؟

أشار كارافانو إلى أن أحد الدروس الأخرى التي تتعلمها بكين هي قيمة بوتين كحليف، فبدلًا من تقسيم أوروبا وإضعافها، منح بوتين الناتو سببًا للتوحد وتعزيز دفاعاته.

وأضاف: “إن بكين كان عليها دفع ثمن جيوسياسي للوقوف إلى جانب روسيا، فالدفاع عن جرائم الحرب الروسية دمر مصداقية ادعاءات الصين بأنها قوة مسؤولة. وعلاوة على هذا، سيصبح بوتين حالة ميؤوس منها اقتصاديًا، وإذا أرادت بكين إنقاذه من الديون سيكلفها كثيرًا من الأموال”.

ماذا سيحدث بعد الحرب؟

وفقًا كارافانو، شعر شي بسعادة غامرة لمشاهدة الغرب ينتحر اقتصاديًا من خلال خطة “العمل المناخي” التي تعمل على إفقار اقتصاداته، في الوقت الذي يزدهر الاقتصاد الصيني مدعومًا بمزيد من المحطات التي تعمل بالفحم. فماذا لو تسببت هذه الحرب في استيقاظ الغرب وتبني سياسات توفر طاقة موثوقة وبأسعار معقولة ووفيرة بدون النفط والغاز الروسي؟

وخلص الكاتب إلى أن الدرس النهائي لبكين هو أن تنتظر وترى ماذا سيحدث بعد حرب أوكرانيا، هل سيعود الغرب إلى سباته الجيواستراتيجي أم سيصبح الدفاع عن العالم الحر واقعًا جديدًا في العالم الحديث؟

ربما يعجبك أيضا