مركز فاروس: هل تنجح «إيكواس» في فرض الاستقرار على مالي؟

يوسف بنده

رؤية

نشر مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، تقريرا تحليلا بقلم د. محمد فؤاد رشوان، الباحث في الشؤون الأفريقية، حول مستجدات الأوضاع في مالي. حيث شهدت مالي خلال الأيام الماضية مظاهرات حاشدة لرفض قرار منظمة إيكواس (الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) بشأن فرض عقوبات على مالي من أجل تسريع نقل السلطة إلى المدنيين، معتبرين ذلك دعما للموقف الفرنسي الغربي ضد دولتهم، وتشمل العقوبات غلق حدود الدول الأعضاء في إيكواس مع مالي وفرض حظر على التجارة (لا يشمل المواد الأساسية) والتعامل المالي معها، فضلا عن تجميد أصولها في بنوك غرب أفريقيا؛ هذا جعل الإيكواس متهمة من البعض بأنها نادٍ لزعماء معزولين عن الشعوب وأداة لدول أجنبية بينها فرنسا القوة الاستعمارية السابقة الحاضرة عسكريا في منطقة الساحل.

وجاء في التقرير: إن بداية الأزمة تعود إلى الانقلابين اللذين شهدتهما مالي، فلم تمض سوى تسعة أشهر فقط حتى حدث انقلاب عسكري على الانقلاب الذي سبقه في أغسطس 2020 على الحكم في مالي، حيث سيطر الجيش مرة أخرى على الحكم، حيث قام قائد الانقلاب بالإطاحة بالرئيس الانتقالي باه نداو، ورئيس الوزراء مختار عوين، عقب قيامهما بتعديل وزاري أطاحا خلاله باثنين من القادة العسكريين، وهو ما دفع العقيد أسيمي غويتا باتهامهما بتخريب عملية التحول في البلاد، ومن ثم اعتقالهما وتنصيب نفسه رئيسًا للمرحلة الانتقالية.

ونتيجة للضغوط التي مارسها المجتمع الدولي قام قائد الانقلاب بالإفراج عن رئيس الجمهورية الانتقالي ورئيس وزرائه، في الوقت الذي قامت فيه المحكمة الدستورية العليا بإعلانها غويتا رئيسًا انتقاليا للبلاد، وهو ما يعد استكمالًا للانقلاب الذي بدأه غويتا، حيث أضفت المحكمة الشرعية على الإجراء الذي اتخذه قائد الانقلاب.

وكان غويتا قد أعلن -عقب الانقلاب الذي قام به ضد الرئيس أبوبكر كيتا في أغسطس 2020- بتشكيل حكومة انتقالية مدتها 18 شهرًا، تستعد خلالها مالي لإجراء انتخابات ديمقراطية، إلا أنه عقب الانقلاب الأخير فقد الكثير من الثقة من قبل المجتمع الدولي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بالإضافة إلى فقد ثقة الأحزاب في إقامة انتخابات في فبراير من العام الحالي كاستكمال للفترة الانتقالية الأساسية، واتهمت الأحزاب السياسية في باماكو الرئيس بالتباطؤ في العملية الانتقالية من أجل البقاء في السلطة دون العودة إلى الحكم المدني.

روسيا على الخط

واستطرد التقرير: تسعى روسيا لإعادة توكيد نفسها كقوة عظمى من خلال بوابة أفريقيا، وتزداد أهمية منطقة الساحل في السياسية الخارجية الروسية نظرًا لكونها مفترق طرق يربط بين الأقاليم الخمسة الأفريقية، مما يمكن روسيا من نسج علاقاتها بشكل جيد مع دول المنطقة، ويضمن حصولها على دعم أكبر في مواجهة العقوبات الغربية، والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة في المنطقة من أجل الوصول للثروات الطبيعية الأفريقية.

وتحاول روسيا استغلال تنامي مشاعر العداء للوجود العسكري الفرنسي في المنطقة، بتقديم نفسها كبديل كفء في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، خاصة مع فشل الاستراتيجية الفرنسية في تحقيق نجاح ملموس في المنطقة، واتهام البعض لها بأنها تسعى لتأمين مصالحها الحيوية في المنطقة دون النظر لمصالح دول الساحل وخاصة مالي.

ويظهر ذلك التنافس بشكل جلي في ظل العقوبات التي فرضتها الإيكواس على المجلس العسكري في مالي، من أجل إرغامه على العودة إلى خارطة الطريق التي أعلنها عقب انقلاب أغسطس 2020، حيث إن تلك العقوبات لو حظيت بالتأييد من مجلس الأمن الدولي -خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مالي- كانت ستجبر قادة الانقلاب على الانصياع لتلك العقوبات والعودة لخارطة الطريق من أجل تسليم الحكم لحكومة مدنية منتخبة، إلا أن الموقف الروسي الصيني من تلك العقوبات، والذي قد يخفف من حدة تأثيرها من خلال الدعم المقدم من الصين وروسيا، أو على أقل تقدير قد يجعل قادة الانقلاب العسكري يملكون أوراقًا أخرى يمكنهم المساومة بها دون الالتزام التام بخارطة الطريق، وإطالة مدة حكمهم دون إجراء انتخابات بشكل أو بآخر.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا