مستجدات كورونا في الهند .. معاناة مستمرة ودعم دولي وقرارات عاجلة

حسام السبكي

حسام السبكي

لا تزال أصداء الأرقام الفلكية والخيالية، لمصابي الفيروس التاجي في الهند، تلقي بظلالها على الصعيد العالمي، حتى نبرة التفاؤل بقرب زوال أو انخفاض تأثيرات الجائحة، أوشكت على التلاشي، مع سرعة التفشي غير المسبوق للكارثة التي تقترب من دخول شهرها الـ17، إذ سجلت الهند إصابات وصفت بأنها تعادل نحو نصف إجمالي الإصابات الجديدة جراء الفيروس الشرس على المستوى العالمي، ومن الهند أيضًا، باتت “محارق الجثث”، تئن تحت وطأة التكدس الناجمة عن الأعداد المهولة من الضحايا، حتى أضحت الجائحة كارثة أخرى، لا تقل عن الكوارث الطبيعية والبيئية، إضافة لأزمات الحرب والنزاعات.

من جانبها، أبدت العديد من المنظمات والمؤسسات الرسمية العربية والدولية، دعمها غير المحدود للهند في أزمتها، في محاولة لمحاصرتها أملًا في عدم تفشيها خارج حدود البلد الآسيوي، فضلًا عن قرارات وإجراءات اتخذت في هذا الشأن.

معاناة مستمرة

تقترب الموجة الثانية من فيروس كورونا في الهند بسرعة للتحول إلى أزمة مدمرة، فمع امتلاء المستشفيات عن آخرها، ونفاد إمدادات الأكسجين، وموت المصابين وهم في انتظار رؤية طبيب، هناك أدلة متزايدة على أن عدد الوفيات الفعلي أعلى بكثير مما تم الإبلاغ عنه رسمياً، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، وأن الإصابات الجديدة بالهند تضاهي نصف جميع الحالات الجديدة حول العالم.

تبلغ الحكومة الهندية يومياً عن أكثر من 300 ألف إصابة جديدة، في رقم قياسي عالمي يتفوق على من الإصابات أي دولة أخرى حتى الآن، ويمكن القول إن الإصابات هناك بمعدل يضاهي نصف جميع الحالات الجديدة حول العالم.

ولفت تقرير جديد للصحيفة الأمريكية إلى أن الخبراء يقولون إن تلك الأرقام، مهما كانت صادمة، لا تمثل سوى جزء بسيط من المدى الحقيقي لانتشار الفيروس بالهند، الأمر الذي دفع البلاد لإعلان حالة طوارئ.

يرفض ملايين الناس الخروج من منازلهم- لخوفهم من الإصابة بالفيروس. كما هنالك روايات عن مرضى يائسون للحصول على الأكسجين أثناء انتظارهم في المستشفيات التي عمتها الفوضى والتي نفد منها الأكسجين المنقذ للحياة.

وإذا كان هذا هو الحال مع المصابين أو الخائفين من العدوى، فليس الحال أفضل، حتى مع من قضوا من مصابي الجائحة، حيث تعاني محارق الجثث والمقابر بالهند من كثرة العمل بعدما غمرتها موجة جديدة من إصابات فيروس كورونا التي تمزق البلد المكتظ بالسكان بسرعة مرعبة”، بحسب ما أفادت وكالة “أسوشيتد برس”.

وارتفعت خلال الساعات القليلة الماضية، حالات الإصابة بفيروس كورونا، في الهند، لتسجل إجمالي 17306300 إصابة، و195,116 حالة وفاة.

تحركات عاجلة.. ودعم لا محدود

في أحدث تحرك من السلطات الهندية، لكبح جماح الأزمة المستعصية الحالية، قررت نقل خزانات الأكسجين جواً من الخارج، وفق ما أفادت به صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

وأضافت الصحيفة ” أن النقص المزمن في الأسرة والأكسجين ترك المستشفيات في مهب الريح ، وهو ما جعل دلهي تطلب المساعدة علنًا، بينما يموت المرضى بسبب نقص العلاج ، وحتى أثناء وقوفهم في طابور خارج المستشفيات في انتظار دورهم في الكشف، فيما توفى أكثر من 20 مريضًا في مستشفى خاص في دلهي، وهى مستشفى جايبور جولدن، بعد نفاد إمدادات الأكسجين”.

وأشارت الصحيفة أخيرا إلى أن سلاح الجو الهندي حلق على مدار يوم أمس السبت وجاء بأربع حاويات أكسجين من سنغافورة.

فيما يُتوقع أن تبدأ الهند في استيراد المعدات اللازمة لإنتاج الأكسجين في حالات الطوارئ والإمداد من دول أخرى مثل ألمانيا والإمارات العربية المتحدة.

على الصعيد الدولي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الأحد، على “تويتر”، أن الاتحاد الأوروبي يستعد لتقديم المساعدة للهند لمكافحة تسارع انتشار وباء كورونا، من خلال تفعيل الآلية الأوروبية للحماية المدنية، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية، في بيان الأحد، أنها أرسلت أكثر من 600 من أجهزة الطوارئ الطبية إلى الهند التي تواجه أزمة وبائية خطيرة مع بلوغ الإصابات والوفيات بكوفيد-19 أرقاما قياسية.

وأوضحت وزارة الخارجية البريطانية، أنه سيتم إرسال تسع شحنات من حاويات الإمدادات تشمل 495 جهازا لتزويد الأكسجين و120 جهاز تنفس اصطناعي و20 جهاز تنفس يدوي.

بدورها أعلنت الرئاسة الفرنسية لوكالة “فرانس برس”، الأحد، أن باريس ستوفّر في الأيام المقبلة “دعما كبيرا بالأوكسيجين” للهند، حيث تزداد الإصابات بفيروس كورونا.

وأوضح مصدر مقرب من الحكومة أنّ المساعدة ستترجم بإرسال أجهزة تنفس الأوكسجين التي تفتقر إليها الهند بشدة.

أمريكيًا، قال المستشار الطبي للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي، الأحد، إن الولايات المتحدة ستدرس إمكان إرسال فائض من لقاحات أسترازينيكا إلى الهند مع معاناة العملاق الجنوب آسيوي من زيادة حادة على صعيد انتشار وباء كوفيد-19.

وتملك الولايات المتحدة حوالى 30 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا المنخفض الكلفة الذي لم تتم الموافقة عليه للاستخدام في البلاد، وقال فاوتشي: إن فكرة إرسالها إلى الهند ستكون “أمرا قيد الدراسة”.

دعم دبلوماسي وقرارات عاجلة

على الصعيد الدبلوماسي، أكدت دولة الإمارات وقوفها إلى جانب جمهورية الهند الصديقة في مواجهة جائحة “كوفيد19” ودعم جهودها الحثيثة في التصدي لتفاقم خطر الجائحة، وتضامنها الكامل معها في ظل الظروف الصحية الحالية التي تمر بها البلاد.

وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيانها اليوم عن تعازيها إلى حكومة الهند وشعبها الصديق في ضحايا الجائحة، وعن أمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين والسلامة للشعب الهندي. بحسب “إرم نيوز”.

وأكدت الوزارة على عمق علاقات الصداقة التاريخية والاستراتيجية التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية الهند والتي تقوم على أسس راسخة ومتينة من الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون والمصالح المشتركة، معربة عن أملها في أن تتمكن الهند من تجاوز هذه الفترة الصعبة في أسرع وقت ممكن.

إماراتيًا أيضًا، تزين برج خليفة في دولة الإمارات العربية المتحدة بعلم دولة الهند، وذلك تضامنًا مع الدولة الآسيوية العملاقة والتي تواجه حاليًا كارثة كبيرة في ظل ارتفاع إصابات ووفيات فيروس كورونا المستجد.

وفي أحدث القرارات والإجراءات الدولية، الناجمة عن الجائحة الهندية، قال وزير النقل وجيه عزايزة، الأحد، إن الأردن قرر إيقاف رحلات القادمين من الهند، والأشخاص المتواجدين بها قبل 14 يوما من تاريخ مغادرتهم للهند.

وأضاف عزايزة، إن الإجراءات الجديدة تأتي بعد انتشار السلالة الجديدة الهندية من فيروس كورونا وذلك للتصدي لها، ومنعا لنقل العدوى للأردن. بحسب صحيفة المملكة.

وعلى غرار الأردن، وفي إجراء مشابه بعض الشيء، أعلنت حكومة بنجلاديش، الأحد، إغلاق حدودها مع الهند اعتبارا من يوم غد الاثنين ولمدة أسبوعين؛ بسبب الزيادة الحادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الهند.

وقال وزير خارجية بنجلاديش ايه كيه عبدالمؤمن، في تصريحات نقلتها صحيفة (هندوستان تايمز) الهندية، “نعلن إغلاق حدودنا البرية مع الهند أمام حركة المواطنين في الوقت الحالي، ويستثني من ذلك شاحنات نقل البضائع”، مضيفا أن هذا القرار اتُخذ على ضوء الزيادة السريعة للإصابة بفيروس كورونا في الهند، نقلا عن “أنباء الشرق الأوسط”.

ويأتي إغلاق الحدود البرية بين بنجلاديش والهند في الوقت الذي أدى فيه وضع كورونا إلى تعليق عمليات الطيران بين البلدين منذ 14 أبريل الجاري.

ربما يعجبك أيضا