مشاريع الإسكان في أوروبا.. استثمارات بـ90 مليار دولار في الطريق

العقبات قد تمنع استثمارات جديدة وسط أزمة ارتفاع الإيجارات في أوروبا 

مصطفى خلف الله

تعاني المدن الأوروبية الكبرى ارتفاع الإيجارات بسبب نقص المعروض من المنازل، فيما يستعد المستثمرون لضخ أموال في منازل جديدة، لكنهم يتعثرون في مجموعة مربكة من العقبات.

وبحسب “الشرق بلومبرج” اليوم السبت 6 يناير 2024، تعاني العقارات المكتبية والتجزئة من تأثير اتجاهات العمل عن بُعد والتسوق عبر الإنترنت، وخصص المستثمرون في العقارات مبلغاً إضافياً قدره 82 مليار يورو (90 مليار دولار) لمشاريع الإسكان في أوروبا حتى 2025، وفقاً لمسح أجرته شركة “سافيلز” (Savills)، لكن مستنقع القواعد واللوائح التنظيمية والبيروقراطية يقف حائلاً.

تأجير العقارات

قال مارك ألنوت، المدير التنفيذي لشركة “غريستار ريال ستيت بارتنرز”، وهي شركة أسهم خاصة متخصصة في تأجير العقارات: “رغم وفرة رأس المال الذي يتطلع للدخول إلى أوروبا، إلا أن هناك عقبات تتمثل في ندرة المعروض ونقص المخزون الحالي”.

وأصبح الإسكان قضية سياسية شائكة في أوروبا، حيث تثير صعوبات العثور على مساحة للعيش بأسعار معقولة توترات اجتماعية واستياء الناخبين. لكن ليس هناك حلاً سريعاً للأمر.

تتفاوت العقبات في أنحاء أوروبا، بداية من الضوابط على الإيجارات وحتى عقبات التخطيط، وستتطلب جهوداً حكومية مستمرة لإتاحة الفرصة أمام الاستثمارات اللازمة لتخفيف الضغط في النهاية عن الأسر التي تعاني ضائقة مالية.

المملكة المتحدة

في بريطانيا عادةً ما تكون الإشارة إلى نظام التخطيط في أمراً كافياً لإثارة نظرة استهجان من جانب مستثمري العقارات، حيث أصبحت قرارات التطوير في أيدي المجالس المحلية المُنهكة، كما يمكن لإسهامات العامة إعاقة المشاريع الطموحة.

وقال ألنوت إن “بعض المجالس تفهم المعوقات، والبعض الآخر لا يفهمها.. وعدد الذين لا يفهمون تلك المعوقات يفوق من يفهمونها”.

تمتلك السلطات المحلية في العادة فترة تصل إلى ثمانية أسابيع لاتخاذ القرار، أو 13 أسبوعاً للمشاريع الكبرى، لكن اثنين فقط من كل عشرة طلبات لمشاريع تطوير الإسكان الكبيرة تم النظر فيها في تلك الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر من العام الماضي، وفقاً للإحصاءات الحكومية.

يمثل احتمال وضع قواعد جديدة مشكلة أيضاً. وتعهد حزب العمال، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، بسلسلة من الإصلاحات للتصدي لمشكلة نقص المنازل في بريطانيا، بينما طالب عمدة لندن صادق خان مراراً وتكراراً بفرض قيود على زيادات الإيجارات.

أزمة الإسكان في لندن

رغم أن سقف الإيجارات قد يكون مرحباً به بالنسبة للمستأجرين، لكنه قد يؤدي إلى استمرار نقص المنازل على المدى الطويل من خلال قمع الحوافز المقدمة لعمليات البناء الجديدة. وهو ما يحدث في اسكتلندا، حيث يمكن لمُلاك العقارات رفع الإيجارات بنسبة تصل إلى 3% سنوياً فقط، وفقاً لاتحاد العقارات الأسكتلندي (Scottish Property Federation).

وقال جون بويل، المؤلف الرئيسي للبحث إن “القطاع واجه تحديات بسبب ما يعتبره المستثمرون مستويات عالية من المخاطر السياسية

فقاعة عقارية في إيرلندا

لا تزال إيرلندا تعاني من فقاعة الإسكان التي انفجرت خلال الأزمة المالية، حيث حددت زيادات الإيجارات هناك عند 2% سنوياً بصورة دائمة، وهذا يعني أن الارتفاع الأخير في معدلات التضخم لم يؤخذ بعين الاعتبار، مما يؤثر على الاستثمار في المعروض الجديد من المنازل.

وكانت النتيجة تفاقم أزمة الإسكان وتصاعد التوترات. فقد استغل المحرضون المتورطون في أعمال الشغب العنيفة في دبلن خلال نوفمبر مشاكل المواطنين، حيث تزامن نقص المنازل ميسورة التكلفة مع تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء.

منازل جديدة

تعهدت الحكومة الأيرلندية ببناء ما متوسطة 33 ألف منزل جديد سنويًا بين عامي 2021 و2030، لكن بالنسبة للمطورين، فإن التضخم المستمر في الارتفاع يعني أن الأرقام غير منطقية.

وقال بوب فيث، الرئيس التنفيذي لشركة “غراي ستار” (Greystar): “لا ينبغي أن يكون التحكم في الإيجارات مشكلة”، لكن القواعد يجب أن تتماشى بشكل أفضل مع التكاليف والمخاطر.

الإيجار في ألمانيا

يمتلك أقل من نصف الألمان منازلهم الخاصة، وهي واحدة من أدنى النسب في أوروبا، لكن بينما يعني ذلك توافر فرص استثمارية في قطاع الإيجار، فإن شراء المنازل القائمة بالفعل ينطوي على مخاطر التجديد. تضم ألمانيا عدداً كبيراً من المنازل المستأجرة، لكن جزءاً كبيراً منها “قديم جداً وغير صالح للمعيشة”، وفقاً لفيث، من “غراي ستار”.

فشل الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتس في تحقيق هدف بناء 400 ألف منزل جديد سنوياً، ومن ثم علّق قواعد الكفاءة الأكثر صرامة للمباني الجديدة في سبتمبر في محاولة لتعزيز عمليات البناء. لكن هذه الخطوة لا تتصدى لارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف البناء المتزايدة، كما يظل المستثمرون قلقين بشأن موعد عودة القواعد.

أسعار الفائدة في قطاع الإسكان

قال فيليكس باكليبا، المدير التنفيذي للاتحاد الألماني المركزي لقطاع البناء، إن “بناء المنازل يحتاج بشكل عاجل وسريع إلى الدعم، وليس المزيد من عدم اليقين”.

في الوقت نفسه، تزيد القواعد الصارمة المتعلقة بحماية المستأجرين من صعوبة جذب المستثمرين. وقال رولف بوخ، الرئيس التنفيذي لـ”فونوفيا” (Vonovia SE)، وهي أكبر شركة مالكة للعقارات في ألمانيا، إن الحكومة تخطط لتشديد اللوائح، مثل خفض سقف زيادات الإيجارات، “وهذا سيؤدي إلى تراجع أعمال البناء بدلاً من زيادتها.. بالتالي يجب على المشرعين التفكير في الأمر بعناية.

ربما يعجبك أيضا