مصالحة الإكراه والضرورة

محمود

كتب – محمد عبد الكريم
 
القدس المحتلة – عشر سنوات عجاف من الانقسام مرت على القضية الفلسطينية، في صراع لطالما أوَّلَ طرفيه “حماس المسيطرة على غزة وفتح المسيطرة على الضفة” مسوغات استمراره، رغم اتفاقيات ومباحثات برعاية عربية في: مصر، والسعودية، واليمن، وقطر.. إلا أنها كانت دائما تتحطم على صخرة الفئوية الحزبية الضيقة.
 
حماس في غزة التي هددت الإجراءات العقابية من السلطة الفلسطينية “من قطع للرواتب، وتقليص إمدادات الوقود والكهرباء، والتحويلات الطبية…”، شعبيتها وربما استمراريتها في حكم القطاع مع الحصار الإسرائيلي المفروض عليها أصلا، وجدت نفسها مضطرة لقبول الجهود المصرية في إتمام المصالحة، وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي أعلنت إفلاسها السياسي مع فشلها في إيجاد أي حل مع تعثر جهود التسوية السلمية التي ترعاها الولايات المتحدة المنحازة أصلا للرؤية الإسرائيلية للحل.
 
الجهود المصرية التي وصفت من طرفي الانقسام بأنها “حرص مصري لإنهاء الانقسام ولتحقيق أمل الشعب الفلسطيني بالوحدة”، أثمرت إعلانا من حركة “حماس” بحل لجنتها الإدارية، واستعدادا لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة “فتح”، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، في إطار حوار تشارك فيه كافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011، وموافقتها أيضا على إجراء الانتخابات العامة.
 
الرئيس عباس الذي قرر عقد اجتماعاً للقيادة الفلسطينية لدى عودته إلى أرض الوطن من نيويورك، لمتابعة هذا الأمر، سارعت حكومته في رام الله وعلى لسان الناطق باسمها التأكيد على جاهزيتها لتحمل مسؤولياتها مرفقة بتوضيحات عن طبيعة قرار حركة “حماس” حل اللجنة الإدارية وتسلم الحكومة الوزارات وكافة المعابر وعودة الموظفين القدامى لأماكن عملهم، مؤكدة أن المصالحة ستظهر من خلال تطبيق ما يتم التوصل إليه من تفاهمات على الأرض.
 
عباس الذي المح، عضو المكتب السياسي لـ”حماس” موسى أبو مرزوق بأن أقدامه على المصالحة جاء بضوء أخضر أمريكي، يعاني وضعا فتحاويا داخليا صعبا ومنقسما، وهو ما برز بحسب مصادر صحافية كحجر عثرة بالنسبة إلى وفد فتح الذي طلب تأجيل البحث فيه بوصفه موضوعاً داخلياً.
 
وشملت الحوارات التي أجراها وفد فتح مع الجانب المصري، والتي سادتها أجواء إيجابية البحث بشكل معمق في المرحلة التي ستتلو حل اللجنة وتمكين حكومة التوافق من العمل في غزة، وفق المطالب التي وضعها وفد فتح في البداية، قبل أن يتم إطلاق أي عملية مصالحة جديدة.
 
ورغم التكتم على فحوى التفاهمات، ترددت أنباء بأنها شملت بعد حل اللجنة الإدارية، إنهاء ملف موظفي حماس في غزة وفق “الورقة السويسرية” التي قدمت قبل أكثر من عامين، على أن يقوم الرئيس عباس أيضا بإصدار قرار رئاسي يقضي بوقف كافة “الإجراءات الحاسمة” التي اتخذتها السلطة لمعاقبة حركة حماس، والتي شملت خصم جزء من رواتب موظفي القطاع، وإحالة أعداد منهم للتقاعد، وكذلك تقليص كميات الكهرباء، وأن يستعاض بمطلب عقد اجتماع للإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير في القاهرة، باجتماع مقبل لم يحدد له موعد بعد لقيادة الفصائل ستستضيفه مصر، على أن يصاحب ذلك وفق “التراشق الإعلامي” بين الطرفين.
 
وفيما يسيطر الحذر على الطرفين، فإن 10 سنوات من الانقسام خلق مشهدًا شعبيًا في الشارع الفلسطيني متشائما ويائسًا من إمكانية تحقيق المصالحة، بعد فشل كل الجهود السابقة على مدى السنوات العشر الماضية، آخرها ما بدا أنه مصالحة أوجدت حكومة توافق، أثبتت لجنة حماس الإدارية، وهمية صدقيتها.
 

ربما يعجبك أيضا