معاناة اللاجئين الأوكرانيين في إسرائيل.. ماذا يحدث؟

رنا أسامة

أفادت تقارير بإساءة مُعاملة لاجئين أوكرانيين في إسرائيل وتقييد دخولهم مع استمرار الغزو الروسي ما دفع أوكرانيا لرفع دعوى قضائية ضدها.. ماذا حدث؟


أفادت تقارير بإساءة إسرائيل معاملة لاجئين أوكرانيين مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، في خطوة دفعت كييف لمقاضاتها.

صرحت السلطات الإسرائيلية بتجاوز الحد الأقصى من اللاجئين غير اليهود، الذي كانت إسرائيل مُستعدة لقبوله، وسط جدل داخلي بشأن سياسة قبول اللاجئين بموجب قانون العودة الذي يمنح الجنسية الإسرائيلية لأي شخص والده أو جده يهودي.

كم أوكرانيًّا وصل إسرائيل منذ الحرب؟

قالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل ستسمح ببقاء نحو 20 ألف أوكراني كانوا يحملون تأشيرات سياحية أو وُجِدوا في البلاد بصفة غير قانونية قبل الحرب، إلى جانب منح تأشيرات لـ5 آلاف لاجئ غير يهودي آخرين، ما يسمح لهم بالبقاء دون خوف من الترحيل.

وكشفت هيئة السكان والهجرة والحدود الإسرائيلية أن أكثر من 9 آلاف و100 شخص من أوكرانيا وصلوا إلى إسرائيل منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، بينهم 221 مُنعوا من الدخول. إجمالًا، يتمتع نحو 2000 أوكراني ممَّن دخلوا إلى إسرائيل بحقوق الهجرة، ما يعني بلوغ الحد الأقصى للاجئين غير اليهود، وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

لاجئون يهود فارون من الحرب في أوكرانيا يصلون إلى مطار بن غوريون قرب تل أبيب في 6 مارس 2022

مهاجرون يهود فارون من الحرب في أوكرانيا وصلوا إلى مطار بن غوريون  في 6 مارس 2022

كيف عاملتهم إسرائيل؟

يأوي فندقان في تل أبيب اللاجئين الأوكرانيين في أثناء معالجة أوراقهم، وذلك بعد احتجاج عام على إساءة معاملتهم في مطار بن غوريون. وذكرت صحيفة هآرتس في تقرير مُطول نشرته يوم 11 مارس الحالي، أن اللاجئين كانوا ينتظرون أيامًا للترحيل أو الخلاص في صورة مساعدة قانونية، قائلة: “لا خيار للاجئين للاستحمام أو وضع رأسهم على وسادة”.

وأشارت إلى أنه جرى توثيق مشاهد لأطفال ينامون في أماكن مختلفة من المطار، موضحة أنه “في إسرائيل، يلتقي اللاجئون موظفين يتعاملون معهم بقسوة وبعدم اكتراث”. وذكر أن عبارات مثل “غير يهودي” أو “غير يهودية” كانت ممَّا تفوَّه به اللاجئون، كأن اللاجئين الذين طرقوا أبواب إسرائيل يشعرون بأنهم متهمون يُطالبون بحُكم مخفف، بحسب قولها.

انتقادات ضد سياسة اللجوء بإسرائيل

أثارت سياسة قبول اللاجئين غير اليهود في الدولة العبرية انتقادات في الداخل الإسرائيلي نفسه، بوصفها تنتهك الاتفاقيات الدولية، لا سيّما أنها لا تمنح اللاجئين أي حقوق رعاية اجتماعية، بما في ذلك منع الأطفال من دخول مدارس إسرائيلية وعدم منح المُسنين رعاية صحية.

وتظاهر مئات في وسط تل أبيب وعشرات أمام منزل وزيرة الداخلية الإسرائيلية مساء 12 مارس الحالي للمطالبة بدخول مزيد من اللاجئين، حاملين لافتاتٍ مكتوبًا عليها “أهلًا باللاجئين”. بدوره قال حزب ميرتس الليبرالي: “لا تمييز على أساس دين أو عرق أو جنس. هذا هو واجبنا الأساسي بوصفنا إسرائيليين وبشرًا”، بحسب تايمز أوف إسرائيل.

تظاهرة داعمة للاجئين الأوكرانيين في إسرائيل في 12 مارس

متظاهرون يحملون لافتات وأعلام خلال مظاهرة في تل أبيب ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في 12 مارس 2022

استنكار إسرائيلي: لماذا يجب أن يُنظَر إلينا كعنصريين؟

في السياق ذاته، قال نائب وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي يائير غولان، من حزب ميرتس الليبرالي: “كل ما نحتاج إليه هو قليل من الشجاعة والكرم”. كما تساءل مُستنكرًا “لماذا يجب أن ينظر إلينا العالم على أننا عنصريون ولا نقدم يد المساعدة لمن يحتاج إليها، خاصة الأوكرانيين في محنتهم؟”.

وأضاف: “يمكننا فتح أبوابنا لبضعة آلاف لاجئ واستيعاب هجرة واسعة من أوكرانيا في الوقت نفسه”، مُشيرًا إلى أن “البلاد قادرة على استقبال 30 ألف لاجئ دون الحاجة إلى تمييز بين اليهود وغير اليهود”، وفق الصحيفة. واحتج حزب العمل، الشريك بالحكومة الإسرائيلية، على القرار واصفًا إياه بتفرقة بين لاجئين ولاجئين آخرين. وقال في بيان “حان الوقت لأنْ تحدد الحكومة السياسة الخاصة باللاجئين، ليست وزيرة الداخلية وحدها”.

الأوكرانيون بإسرائيل.. مَن حدَّد عددهم؟

في مقابلة مع القناة الـ13 الإسرائيلية، قالت وزيرة داخلية إسرائيل إن تحديد سياسة الهجرة يخضع لـ”سلطتها الواضحة”، مُشيرة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، الذي يقود حزب يش عتيد “هناك مستقبل”، كان “شريكًا” في قرار تحديد عدد الأوكرانيين غير اليهود المسموح بدخولهم إسرائيل.

كانت إسرائيل قد أعلنت استضافة 25 ألف أوكراني غير يهودي مؤقتًا، مع إلغاء ضمانات مالية كانت تفرضها على لاجئي أوكرانيا بحد أدنى 3 آلاف دولار. كذلك سيتعيّن على الأوكرانيين ملء استمارة قبل الدخول تسألهم إذا كانوا مدعوِّين من مواطنين إسرائيليين، على أن ينتظروا ردًّا من داخلية إسرائيل، بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.

لاجئون أوكرانيون في إسرائيل

وزيرة الداخلية الإسرائيلية

وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد تعقد مؤتمرا صحفيا بمطار بن غوريون في 13 مارس 2022

كيف ردّت أوكرانيا؟

وصف رئيس الأركان الأوكراني أندريه يرماك الخطوة بأنها “غير ودية”، مطالبًا إسرائيل بالسماح فورًا بدخول جميع اللاجئين الأوكرانيين بموجب اتفاقية الإعفاء من التأشيرة بين البلدين. كما قدّم السفير الأوكراني لدى إسرائيل يفغيني التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية من أجل حماية حقوق اللاجئين الأوكرانيين، في حين عدّته القناة 12 الإسرائيلية “تطورًا سيئًا” في علاقة البلدين.

كتب كورنيتشوك في بيان أوردته القناة الإسرائيلية في 12 مارس الحالي: “السياسة الإسرائيلية الجديدة تنتهك اتفاقيات أوكرانيا وإسرائيل بشأن إعفاء الأوكرانيين من التأشيرات”. وطلب “تجميد سريان المخطط لحين البتّ في الالتماس”، مُبررًا ذلك بأن “شاكيد غير مخولة باتخاذ القرار الذي كان ينبغي أن يكون حكوميًّا وبالتشاور مع لجنة الداخلية بالكنيست”. السفارة الأوكرانية بإسرائيل نفت لاحقًا تقديمها التماسًا رسميًّا، لكنها اتفقت مع مضمونه.

هل تراجعت إسرائيل؟

نفتالي بينيت

قضت المحكمة العليا الإسرائيلية في 14 مارس الحالي، بمنع ترحيل لاجئي أوكرانيا أو مطالبتهم بالوفاء بشروط مسبقة قبل وصولهم على أن تُحدد جلسة الاستماع خلال أسبوع. بالتوازي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إن بلاده “ستحتضن” اليهود الفارين من الحرب الروسية الأوكرانية، وسوف تسمح للاجئين غير اليهود بالبقاء حتى “يهدأ” الوضع، بحسب تايمز أوف إسرائيل.

كذلك استبقت وزيرة الداخلية الإسرائيلية قرار المحكمة، مُعلنة أن إسرائيل ستزيد عدد اللاجئين غير اليهود ممَّن لهم أقرباء من أي درجة في إسرائيل، مُضيفة: “إسرائيل تستقبل بترحاب كل لاجئ، لكنها لا تنسى أنها قبل كل شيء البيت القومي للشعب اليهودي، وستركز جهودها على استيعاب يهود أوكرانيا”. وسوف تُخصص حكومة بينيت 4.6 مليون دولار للاجئين لمدة 3 أشهر قد تمتد إذا استمر القتال.

ربما يعجبك أيضا