معركة “القدس”.. أمريكا تعاند وإسرائيل تفاوض والمصالحة تخنقها الخلافات

حسام السبكي

حسام السبكي

على الرغم من ردود الأفعال العربية والدولية الواسعة المنددة بالقرار الأمريكي الخاص بنقل السفارة الإسرائيلية إلى مدينة القدس المحتلة، والتي لم تراوح المفاوضات ومحادثات السلام مع الفلسطينيين حولها مكانها، بشأن وضعها الديموغرافي، والذي كانت المقترحات والمبادرات السابقة، تتحدث عن مستقبلها كعاصمة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن البيت الأبيض سارع بإنهاء القضية – على ما يبدو –  من طرفٍ واحد، ولصالح المُحتل، لتؤول بذلك المدينة السليبة إلى قبضة المحتل الإسرائيلي.

فقد همت واشنطن باتخاذ إجراءات فعلية باتجاه “يهودية القدس”، لتحسم القضية على أرض الواقع، وتدحض بذلك أي محاولات لإثناء ترامب وإدارته عن القرار، وتدخل المنطقة –  على الأرجح – في آتون أزمات جديدة، لم تكن في الحساب، على الأقل في تلك الفترة.

وعلاوة على ذلك، فقد سعى المُحتل، إلى الدخول في مفاوضات جديدة، تسعى لشرعنة الخطوة الأمريكية، والتي كُللت مؤخرًا باعتراف دولة ثانية هي “جواتيمالا” بالعاصمة المُحتلة، إلا أن التقارير الإعلامية تتحدث عن محادثات جديدة للحصول على إقرارات أخرى بالوضع الجديد للمدينة المغتصبة.

في التقرير التالي نسلط الضوء على تطورات الأزمة، ونشير إلى آخر الأخبار التي تناولتها، ونعرض كذلك على أهم ردود الأفعال والفعاليات الرافضة للقرار الأمريكي، والخطوات الإسرائيلية التي بُنيت عليها، إضافة إلى تفاصيل أخرى حول القضية، نستعرض في السطور التالية.

أمريكا.. إقرار الواقع الجديد

ويبدو أن الإدارة الأمريكية، لم يعيها أي تحركات أو ردود أفعال، تصدر من هنا أو هناك، وهي ترغب في أن تأخذ الأمور إلى نهايتها، فقد تحدثت وكالات الأنباء، عن قيام الولايات المتحدة، بشراء أحد الفنادق في مدينة القدس المحتلة من أجل نقل سفارتها إليه.

وفي التفاصيل، فقد كشفت وسائل إعلام عبرية عن شراء الولايات المتحدة الأمريكية اشترت فندقًا في القدس تمهيدًا لنقل السفارة، رغم الرفض العربي والأوروبي لقرار ترامب.

وقالت القناة السابعة العبرية أن أمريكا أشترت مؤخرا مبنى فندق “دبلومات” الذى يقع جنوب شرق القدس، وهو مقر دائرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية.

واستندت القناة لمعلوماتها، نقلًا عن رئيسة كتلة “المعسكر الصهيوني” في الكنيست، العضو ميراف ميخائيلي، التي أكدت أن الإدارة الأمريكية اشترت مؤخرًا مبنى الفندق.

من ناحيتها كشفت القناة الثانية العبرية النقاب مؤخرًا، عن وصول وفد أمريكي، يترأسه ممثل شخصي عن ترامب، للإشراف على التحضيرات الميدانية، لنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس وقالت إنه سيتم نقل السفارة الأمريكية إلى فندق “دبلومات” بحي “الأرنونا” بالقدس، بشكل مؤقت لحين الانتهاء من إنشاء المكان المخصص للسفارة، مضيفة: قام طاقم من الفنيين بوضع كاميرات وأبواب حراسة إلكترونية على مداخله (الفندق).

وكان ترامب قد أعلن في 6 ديسمبر الجاري مدينة القدس المحتلة عاصمةً لإسرائيل مخالفًا بذلك قرارات المجتمع الدولي، التي لا تعترف بكل ما ترتب على احتلال إسرائيل للقدس.

الاحتلال يستجدي الاعتراف والشرعية

تواصلت الخلافات الفلسطينية حول تنفيذ بنود المصالحة، التي كُللت برعاية مصرية خالصة، في مطلع الشهر الجاري، وبدت ملامحها داخل قطاع غزة، من خلال الإضرابات المتكررة التي قادتها قطاعات عُمالية عدة داخل القطاع المُحاصر.

وقد تطرق “هنية” للحديث بشأنها، في خطابه اليوم، حيث أكد إنه لا بد من ترتيب البيت الفلسطيني بسرعة للتفرغ للقضايا الوطنية الكبرى، محذرا من نتائج “وخيمة” لتباطؤ تنفيذ اتفاق المصالحة الأخير.

وفي اللقاء نفسه طالب قائد حماس في غزة يحيى السنوار بالعمل على دعم جهود المصالحة بهدف “التوحد في معركة القدس”، معتبرا أن الزمن محدود لأن المخاطر المحيطة كبيرة، كما طالب القيادة الفلسطينية “بعقد الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير بحضور الكل الفلسطيني”.

في هذا السياق، كشفت مصادر فلسطينية عن جهود مصرية كبيرة تبذل لمحاولة إنقاذ المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بعد تجدد الخلافات بينهما، بشأن تمكين الحكومة من مهامها في قطاع غزة، وملف موظفي حكومة حماس سابقا.

ونشرت صحيفة “الشرق الأوسط” اليوم نقلا عن امصادر أن اتصالات تجري بين قيادات حركة حماس ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية من جهة، وأخرى تجريها قيادة الجهاز مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك مع عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات بشأن القضايا العالقة.

وأوضحت المصادر بحسب الصحيفة ، أن قيادة جهاز المخابرات المصرية، أكدت للطرفين أنها ستواصل بذل الجهود من أجل الوصول إلى حلول تنهي الخلافات الحالية؛ مشيرة إلى أن مصر تنوي دعوة مسؤولين من فتح وحماس إلى القاهرة مجدداً، لبحث تلك الخلافات والوصول إلى حلول جذرية.

وتطالب حماس حركة فتح وحكومة التوافق الوطني بالالتزام بما جرى التوافق عليه بشأن صرف رواتب الموظفين وعقد اللجنة الإدارية الخاصة بحل أزمة موظفي حكومة حماس سابقا. فيما تطالب حركة فتح والحكومة بتمكينها من مهامها، وتتهم جهات حكومية تابعة لحماس في غزة بعرقلة مهام الوزراء ورفض تطبيق قرارات صادرة عنهم.

انتفاضة العاصمة.. صرخة فلسطينية في وجه المُحتل

بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر الحالي، القدس عاصمة للكيان الصهيوني، انتفض الشبان الفلسطينيون بطرق ووسائل مختلفة، تنديداً لهذا القرار الجائر، الذي وصفوه بوعد بلفور الثاني، الذي أعطى الحق لشعب بلا أرض لأرض بلا شعب.

حيث أطلق الشبان على تلك المواجهات المندلعة مع الاحتلال الاسرائيلي، لقب “انتفاضة العاصمة” وحق العودة عن هذا القرار، الذي لم ينصف جراحات وآلام الفلسطينيين على مدار أعوام طويلة قضوها في ظل وجود الاحتلال، الذي لم يتوانى في تعذيب وقتل وأسر الفلسطينيين.

وقد تحولت “#انتفاضة_العاصمة” إلى وسم أو هاشتاج، انتشر كالنار في الهشيم على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ونستعرض بعضًا من ملامحه فيما يلي:

من أصغرهنّ إلى أكبرهنّ.. شجاعة الفلسطينيات يُضرب بها المثل:

لحظة سقوط جندي من جنود الاحتلال خلال المواجهات في مدينة البيرة:

أحمد الطيبي للصهيوني حزان: لا يهاجم أمهات الأسرى سوى العاجز عن مواجهة أبنائهن:

الخاتمة

ستظل القضية الفلسطينية، هي لُب الصراع الأول في منطقة الشرق الأوسط، وستبقى الوقود المُحرك لكافة الفعاليات والتحركات، الإيجابية منها، والسلبية، مالم يكن لها تسوية عادلة لجميع أركانها، دون أن يكون فيها الغلبة لطرفٍ على حساب طرف.

بالتزامن مع الخطوات الأمريكية الرامية إلى ترسيخ “يهودية القدس”، فقد سارع الاحتلال الصهيوني إلى مخاطبة العديد من دول العالم، في محاولة لتقنين الوضع الجديد للمدينة العربية المحتلة.

فبعد ترحيب الكيان المُحتل بخطوة “جواتيمالا”، كشفت نائبة وزير الخارجية، “تسيبي حوطوفيلي”، إن هناك عشر دول أخرى تجري محادثات مع إسرائيل حول إمكانية نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس.

لم تكشف حوطوفيلي عن أسماء تلك الدول العشر، إلا أنها أشارت إلى أن إسرائيل تجري مفاوضات مع جزء منها للاعتراف بالقدس عاصمة لها، وهناك اتصالات أولية مع بعضها.

هذا، ويقدّر دبلوماسيون إسرائيليون أن هندوراس قد تكون الدولة التالية التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل بعد أميركا وجواتيمالا.

من جانبه، اختار رئيس حكومة الاحتلال، “بنيامين نتنياهو”، أن يشكر رئيس جواتيمالا عبر منصة الكنيست، مشيرًا إلى أن جواتيمالا لن تكون آخر دولة تنقل سفارتها في الكيان المُحتل إلى القدس: “نحن ننتظر نقل سفارات الدول إلى القدس. أخبرتكم مؤخرا أنه هناك دول أخرى ستعترف بالقدس وتعلن عن نقل سفاراتها إليها. وقد اعترفت دولة أخرى وأكرر: سيكون هناك المزيد، هذه هي البداية فقط وهي تشكل خطوة هامة”.

تجدر الإشارة، إلى أنه بعد أيام قليلة من إعلان ترامب أعلن رئيس جمهورية التشيك، “ميلوش زيمان”، أن بلاده ستنقل سفارتها إلى القدس، إلا أنه لم يحدد موعدا دقيقا لنقل السفارة، فقد قال: “قبل أربعة أعوام عندما زرت إسرائيل قلت إنني سأفكر في نقل سفارتنا إلى القدس. عاجلا أم آجلا سننضم إلى الولايات المتحدة”.

عرض أمريكي بعاصمة جديدة للدولة الفلسطينية

وبينما تسعى الولايات المتحدة لتهدئة الرأي العام العربي والدولي الغاضب من القرار الأخير، فقد رأت الإدارة الأمريكية أن توجه الفلسطينيين صوب منطقة أخرى، قريبة من القدس المحتلة، ولكن دون المساس بها كعاصمة تم منحها على طريقة “وعد بلفور” للصهاينة.

في هذا السياق، كشف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، اليوم الثلاثاء، إن واشنطن عرضت على السلطة الفلسطينية منحها عاصمة في ضاحية أبو ديس قرب القدس، معتبرا أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن القدس يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وخلال لقاء مع رؤساء العشائر في غزة قال هنية “الأميركان يعرضون وما زالوا على الجانب الفلسطيني في السلطة أو من له علاقة بالقضية بشكل أو بآخر أن يمنحوهم عاصمة أو كيانا أو تواجدا في منطقة أبو ديس بعيدا عن القدس المعروفة، مع وجود جسر بين أبو ديس والمسجد الأقصى يسمح بحرية الصلاة”.

وأضاف هنية أن التحركات الإقليمية تسعى إلى تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام، وإيجاد كيان سياسي في قطاع غزة يأخذ بعض الصلاحيات، مشيرًا إلى أن المخطط الأمريكي هو جزء من معركة كبرى لتغيير منطقة الشرق الأوسط بأكمله، مشيراً إلى أن المخطط يهدف لضرب عمق الأمة في القدس

ورأى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن القرار الأمريكي الأخير يحمل مخاطر تضرب طبيعة العلاقة بين فلسطين والأردن، موضحا أن هناك حديثا عن وطن بديل للفلسطينيين، وعن كونفدرالية (بين الأردن وفلسطين) للسكان وليس للأرض.

وأكد هنية أنه تحدث مع ملك الأردن عبد الله الثاني عن مخاطر قضية القدس ومشاريع التوطين والوطن البديل.

وطالب هنية الفلسطينيين بمواصلة الانتفاضة رفضا لقرار ترمب والاستمرار في إظهار موقف واضح قطعي لا يسمح بأي اختراق سياسي لموضوع القدس وأي قضية فلسطينية، كما أشاد في الوقت ذاته بالحراك الشعبي في العواصم العربية والإسلامية الرافض للقرار الأميركي.

وأوضح هنية، أن التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عما يسمى ب “مشروع القدس الكبرى”، وإنشاء وحدات استيطانية جديدة بالضفة ويتحدثوا عن يهودية الدولة وفرض القانون الإسرائيلي على الضفة المحتلة، هذه مؤشرات تكشف عن طبيعة القرار الأميركي.

واعتبر هنية، أن الحديث عن السلام الإقليمي وارتفاع وتيرة الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومحاولات تزييف الوعي العربي وإثارة قضية التعايش مع الكيان الصهيوني، يأتي في إطار تغيير معالم المنطقة.

وتابع: الأمة العربية والإسلامية تتحرك على أنغام الشعب الفلسطيني، وأي تخاذل أو تراجع أو تفريط بالحق العربي الفلسطيني الإسلامي في القدس سيكون له ارتدادات خطيرة على كل الأمة.

وشدد هنية على أن معركة القدس لا يستطيع طرف واحد أن يقودها، وهي مصير أمة، والشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى عمقها الاستراتيجي ولدينا شعب عظيم مرابط في بيت المقدس وكلما توهم البعض بأن الشعب الفلسطيني تعب وأُرهق تأتي هذه الانتفاضات لتضرب كل هذه الأوهام.

وأكد على أن هناك انتفاضة انطلقت وارتقى الشهداء وأصيب العشرات، وهي انتفاضة على طريق تحرير القدس والمخزون الموجود لدى شبابنا وجيلنا داخل فلسطين وخارجها مخزون استراتيجي هائل قادر على أن يتصدى لكل محاولات شطب القضية.

الخلافات الفلسطينية تضرب المصالحة.. وتهدد الموقف من القضية
https://twitter.com/MOHAMMEDDDAYA1/status/943325927521603584
https://twitter.com/qudsn/status/944299155962449920
https://twitter.com/jamalodah/status/945647514564382721

ربما يعجبك أيضا