مفاوضات سد النهضة.. مقترحات مجحفة وتعنت قائم

شيرين صبحي

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – فشلت مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى اتفاق بشأن أزمة سد النهضة، رغم مرور 9 سنوات على المفاوضات التي شارك فيها وزراء الري والخارجية في البلدان الثلاثة، وكبار المسؤولين وعدد من اللجان الفنية والعلمية، من أجل إيجاد آلية للتوافق على فترات ملء السد وتشغيله، إذ رفضت أديس أبابا جميع المقترحات المصرية لحل الأزمة.

“فشل متواصل”

بدأت المفاوضات بين البلدان الثلاثة منذ حوالي 9 سنوات، عقب بدء إثيوبيا في الشروع في بناء السد، خاضت البلدان الثلاثة جولات عدة من المفاوضات، لم تسفر عن أي شيء حتى، فعقب ثورة 25 يناير في مصر عام 2011، أعلنت إثيوبيا في مايو 2012 إطلاع مصر على مخططات السد لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصب مصر والسودان، وعقب ذلك جرى تنظيم زيارات متبادلة لرئيسي وزراء البلدين لبحث الملف، لتبدأ أعمال اللجنة الفنية لفحص ومراجعة المخططات، والتي لم تسفر عن أي توافق.

وفي يونيو عام 2014، اتفق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيلي ديسالي، على 7 بنود لحل أزمة بناء السد منها تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر لتناول جميع جوانب العلاقات الثنائية، والبدء الفوري فى التعامل بين البلدين بروح من التعاون والنوايا الصادقة.. وبعد 4 شهور اتفقت الدول الثلاث على اختيار المكتبين الاستشاريين الهولندي “دلتا رس” والمكتب الفرنسي “بي آر إل”، لعمل الدراسات المطلوبة للسد.

وجاءت أبرز الجولات، بتوقيع زعماء مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة”، ونص “على أن تعد المكاتب الاستشارية دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد عن 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب”، والتي انتهت إلى رفض السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات “سد النهضة”، في عام 2017.

ورفضت إثيوبيا في العام ذاته، اقتراح مصر بمشاركة البنك الدولي كوسيط محايد، وظلت المفاوضات جارية بين البلديين، بدون جديد، حتى، أمس؛ إذ عقدت اجتماعات خلال اليومين الماضيين في القاهرة بعد توقف دام عاما وعدة أشهر بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها السودان وأسفرت عن الإطاحة بالرئيس السودان السابق عمر البشير.

“قلق مصري”

وخلال اجتماعات القاهرة الأخيرة، والتي انطلقت وسط تحذيرات من مصر وتحركات دبلوماسية لجمع تأييد عربي وإفريقي وأوروبي لموقفها، خصوصا بعد تقدمها بمقترح وصفته بـ”العادل”، لتنتهي الاجتماعات بدون الوصول إلى نقاط اتفاق أو اختلاف، ورفض أديس أبابا مناقشة المقترح المصري من الأساس.

أعلنت مصر في بيان رسمي، صادر عن وزارة الري المصرية، أن إثيوبيا “رفضت دون نقاش” خطتها المتعلقة بجوانب رئيسية في تشغيل السد، وفي الوقت ذاته رفضت القاهرة مقترح إثيوبيا واعتبرته “مجحفا وغير منصف”.

وكشفت التعليقات الواردة في مذكرة وزعت على الدبلوماسيين، الأسبوع الماضي، إلى وجود خلافات أساسية بشأن التدفق السنوي للمياه التي ينبغي أن تحصل عليها مصر وكيفية إدارة عمليات التدفق أثناء فترات الجفاف، وطالبت مصر في مقترحها بملء السد على مدار 7 سنوات، متعلقة بفترات الفيضان والجفاف.

أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم -تعليقا على مفاوضات سد النهضة- أن الهدف ليس انعقاد مفاوضات متتالية لا تصل إلى نتائج، ولكن نرى أن الأمر علمي في الأساس، ويجب أن يتم تناوله في هذا الإطار بعيدا عن أي تأويل سياسي وأي فرض لإرادة أو لأمر واقع وأن يأتي بما يحقق مصلحة الدول الثلاث بشكل متساو ويتيح لهم الاستفادة من الفرص التنموية ويحافظ على مصالح دولتي المصب.

وقال شكري -خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي جون إيف لودريان- “إنه فيما يتعلق بالمفاوضات التي عقدت خلال اليومين الماضيين فبالتأكيد أنه وبعد انقطاعها لما يزيد على عام وثلاثة أشهر أن تتعثر المفاوضات، وأن تناول المسائل الفنية في وجود وزراء الري للدول الثلاث والفنيين أمر يدعو للاستغراب”.

“أقل الأضرار”

وزير الخارجية المصري، أوضح: “كنا نأمل أن تنطلق المفاوضات مرة أخرى، وأن يتم تناول كل الأطروحات القائمة بشفافية وألا تكون هناك محاولة لفرض إرادة أي طرف على الطرف الآخر أو حجب أي طرح يتم والهدف منه أن يكون محل نقاش وحوار بما يفتح الطريق الوصول إلى نقطة توافق وفهم مشترك”.

وأكمل: “ما تم الاتفاق عليه من جولات لانعقاد اللجنة الفنية العلمية المستقلة نأمل ألا يكون هدفه المزيد من الإطار التفاوضي بدون أجل ووقت محدد للوصول إلى هدف”، مشددا على أن مصر منفتحة على المشاورات، وأنه يتصور أنه إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية للوصول إلى اتفاق، فالاتفاق قابل للتحقيق أما إذا كان الهدف هو المزيد من لإضاعة الوقت حتى نصل إلى نقطة لا يمكن فيها بعد ذلك التوافق أو الوصول إلى حل فهذا سيكون أمرا آخر.

واستطرد: “نسعى إلى أن تترجم هذه الإرادة إلى اتفاق يطمئن الشعوب الثلاثة في القدرة على الوصول إلى تفاهمات تراعي مصالحهم وتعزز من التعاون والشراكة فيما بينهم على أساس العلاقة التاريخية التي تربط بين البلدان الثلاثة”.

ربما يعجبك أيضا