مفتي مصر: التعامل مع «المستريَّح» هو إضاعة للمال المأمور بحفظه وصونه

علام: العلماء لم يكتفوا بإباحة العقود بناءً على الأصل فقط

بسام عباس
مفتي مصر في برنامج للفتوى حكاية

أوضح مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل القائمين على توظيف الأموال بطرق خفية أو ما يُعرف بالمستريَّحين، لأنهم يلحقون الضرر بالاقتصاد الرسمي، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال.

وأضاف أن بعضهم يخدعون أصحاب الأموال بالتخفي وراء مظلة إسلامية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على المال باعتباره أحد المقاصد الخمسة التي اتفق عليها العلماء، وهي أعمدة أساسية دعا الإسلام للحفاظ عليها.

سد الذرائع

قال مفتي الديار المصرية إن العلماء عندما نظروا إلى حكم العقود والمعاملات لم يكتفوا بإباحتها ومشروعيتها بناءً على الأصل، حيث إن الأصل في الأشياء الإباحة، بل أخذوا في الاعتبار المآلات والمفاسد التي قد تترتَّب على هذا العقد أو المعاملة، مؤكدين مبدأ سد الذرائع.

وأضاف، خلال لقائه الأسبوعي في برنامج “للفتوى حكاية” على فضائية قناة الناس، الجمعة 16 فبراير 2024، أن لفقه المآلات، وضرورة اعتباره في الاجتهاد والاختيار الفقهي، أهمية قصوى في الشريعة، خاصة في المسائل والوقائع التي جدَّ ما يدعو إلى تغير حكمها، وبما يرفق بأحوال الناس ويوافق أعرافهم وعاداتهم ويناسب مقتضيات العصر.

إضاعة المال

ذكر مفتي مصر أن الداعين لتوظيف الأموال خارج نطاق المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة هم ممن يستغلون البسطاء وغير البسطاء بإغراءات كثيرة ليست قائمة على دراسات اقتصادية منضبطة، بخلاف المعاملات المالية الرسمية المختلفة بدءًا من البنك المركزي إلى أصغر مؤسسة معتمدة تقوم على دراسات اقتصادية دقيقة.

وأفاد أن الفتوى مستقرة على منع التعامل مع الأشخاص الذين يطلق عليهم مستريَّحين لأن هذه المعاملات اشتملت على جملة من المحاذير الشرعية والمخالفات القانونية، والتعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يُطلق عليهم لقب “المستريَّح” هو من باب إضاعة المال المأمور بحفظه وصونه.

وتابع علام قائلًا: “على افتراض عدم قبول هذه المعاملات بحجة أن الأمر فيه خلاف، فهو يندرج تحت المختلف فيه وليس تحت المتفق عليه، وحكم الحاكم وهو القانون رافع للخلاف، لافتًا إلى أن العلماء وضعوا قواعد وضوابط كثيرة، منها قاعدة “لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه”.

منهجية علمية رشيدة

أشار الدكتور شوقي علام إلى أن المنهجية العلمية للفتوى الرشيدة والتي تتبعها المؤسسات الدينية المصرية كالأزهر الشريف ودار الإفتاء لا تتوافر عند من ينكر المختلف فيه، بل غائبة عن هؤلاء الأفراد المؤيدين لعمل توظيف الأموال في الخفاء، فليس لديهم تثبُّت، ولا إدراك للواقع ولا مآلات لما يروجونه من فتاوى.

ودعا فضيلة المفتي المواطنين إلى ضرورة الانتباه لخطورة هذا النوع من المعاملات، وإلى زيادة الوعي بالعمل تحت سياج المؤسسات والبنوك والشركات المالية الرسميَّة المقنَّنة، التي تحظى برقابة الدولة والحماية المطلوبة للمتعاملين فيها.

ربما يعجبك أيضا