مفتي مصر: المؤسسات الدينية تعمل كحائط صد ضد الإرهاب والتطرف

سهام عيد

رؤية

القاهرة – أكد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم الدكتور شوقي علام، أن الشعب المصري تخطى كثيرًا من التحديات والصعاب والأزمات، وأنه أصبح على درجة كبيرة من الوعي بخطورة الموقف، ولا ينساق وراء الشائعات المغرضة للجماعات الضالة، وقد عكست أزمة “كورونا” مدى ما يتمتع به شعب مصر العظيم وقيادته الحكيمة من صلة بالله تعالى ويقين ووعي وبصيرة وصبر وثبات وتلاحم، وسوف تمر الأزمة إن شاء الله تعالى، ويبقى شعب مصر العظيم بشيمه وأخلاقه الراقية، وقيمه الراسخة المتحدية لكل الأزمات، المتجاوزة لكل المصاعب، “وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ”.

وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط “أ ش أ”، اليوم الخميس، قال مفتي الجمهورية: “لا ريب أن المعركة الحقيقية الآن هي معركة وعي ومن ثم على الجميع مراعاة السكينة والثبات والصبر والحكمة والتعقل، وتقبل كافة الابتلاءات بصدر رحب فأهل الإيمان والمعرفة بالله تعالى يرقبون الله ورحمته في السراء والضراء، كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له”.

وأضاف مفتي الجمهورية قائلا: “ومن لوازم هذا ألا يستمعوا إلا إلى بيانات الدولة الرسمية وألا ينساقوا خلف الشائعات والأكاذيب التي يطلقها المغرضون في الداخل والخارج بغرض بث الرعب وزعزعة الأمن، وقال: “كذلك أوجه نصيحة لفئة غير ملتزمة من الشعب المصري بأن يلتزموا بكافة التعليمات والقرارات التي تتخذها السلطات حتى تمر هذه المحنة بسلام”، وأكد: “أن الدولة لم تدخر جهدًا في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الاحترازية والوقائية والطبية لدفع هذا الضرر على حساب المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد المصري يوميًا، ومن ثم علينا نحن جميعًا كمصريين أن نتعاون مع الدولة من خلال الالتزام بتعليمات الأمن والسلامة التي تعلن عنها وزارة الصحة المصرية والجهات المختصة في الدولة أولًا بأول، وأن نتعاون على البر والتقوى والالتزام بتعليمات ديننا الحنيف من الحرص الدائم على الطهارة والنظافة”، مشددا على أن هذه الأزمة عكست مدى ما تتمتع به القيادة السياسية الحكيمة من صلة بالله تعالى ويقين ووعي وبصيرة وصبر وثبات وتلاحم مع الشعب.

وأشاد مفتي الجمهورية، بمبادرة الدولة في مساعدة العمالة غير المنتظمة وتخصيص مقررات شهرية لها لمساعدتها على مواجهة تداعيات الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، موضحا أن كافة مؤسسات الدولة تعمل منذ ظهور جائحة كورونا على قدم وساق، وقد ظهر هذا جليًا في كافة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة ولجنة الأزمات، مضيفا: “ومن جانبنا فقد بادرت دار الإفتاء المصرية بمبادرات شتى وأصدرنا مجموعة من الفتاوى لمعالجة كافة ما نجم عن الأزمة وانطلقت كافة دعواتنا وحملاتنا من مبدأ مهم وهو مبدأ الرحمة واسم الله الرحيم، فنحن نترجم معنى الرحمة إلى أفعال وعبادات عملية يصل نفعها إلى الناس، ونحقق الوعي الحقيقي للنص الشرعي الذي يتحرك على أرض الواقع في صورة عبادة ذكية تؤدي دورًا مجتمعيًّا مهمًّا، وقد بادرنا بحث الناس على تعجيل إخراج الزكاة وتوجيه الأموال للمستحقين من الفقراء والمحتاجين والعمالة غير المنتظمة.

وأضاف مفتي الجمهورية، أن المؤسسات الدينية الوسطية تعمل كحائط صد ضد الإرهاب والتطرف ونشر الأفكار الدينية المعتدلة، إيمانا منها بأن ترك الجيش والشرطة في مواجهة عصابات الجماعات الإرهابية لن يجدى نفعا ما لم تتكاتف جهود الدفاع المسلح مع الدفاع الفكري، والأفكار الدينية المغلوطة تُعَد من أهم الأخطار التي نواجهها على المستوى المحلي والدولي؛ وذلك لأن التطرف الديني في العادة لا يقف عند حد الفكر المتشدد المنطوي على نفسه القابع في زاويته؛ بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأي ثم محاولة تطويع المجتمع بأسره قسرًا لهذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء.

وقال: “الحل يكمن في مواجهة هذه الأفعال الهدامة التي تُؤثر في استقرار البشرية وتؤخر التطور الإنساني والتعاون والتكاتف بين الجميع، وأن تقوم كل دولة متحضرة وكل جهة حكومية ومؤسسة دينية ومنظمة دولية بدورها في تشخيص مشكلة التطرف والإرهاب وبناء برامج الوقاية منها ووضع الآليات المناسبة لمواجهتها واتخاذ الإجراءات الحاسمة والرادعة تجاه الدول التي تدعم وتمول وتحمي تنظيمات التطرف والإرهاب”.

وأكد مفتي الجمهورية، أن دار الإفتاء المصرية من أهم المؤسسات التي سارعت منذ البداية إلى المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب، وواكبت تزايد وتيرة العنف وارتفاعها في المنطقة، واستخدمت وسائل التكنولوجيا الحديثة سواء على نطاق الوقاية أو كوسيلة للعلاج، كما اعتمدت الأساليب العلمية والمنهجية كوسيلة فاعلة في هذه المواجهة الفكرية، ومن ضمن أساليبها الرصد والإحصاء العلمي الدقيق، وكذلك عبر إنشاء “مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة”.

وشدد مفتي الجمهورية، على أن ترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت، إثم شرعي ومرض اجتماعي، يترتب عليه مفاسد فردية واجتماعية ويسهم في إشاعة الفتنة، لافتا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين ، إلا أن الجماعات الإرهابية قد دأبت على استغلالها أسوأ استغلال وكذلك استغلال كافة أزمات الوطن حتى أنهم من الخسة والندالة لم يدعوا أزمة كورونا تمر دون استغلالها في ترويج الشائعات وإثارة البلبلة وخرق الإجراءات الوقائية التي وضعتها الدولة للحد من انتشار الوباء، وهؤلاء سعوا بأكثر من طريقة إلى تحريض الناس على مخالفة قرارات حظر التجول ومنع التجمعات التي قد تتسبب في نقل العدوى، فنادوا بالخروج في مسيرات على خلاف الشرع، مثلما حدث في الإسكندرية وبعض المدن بدعوى التكبير والابتهال إلى الله لرفع البلاء، مؤكدا أن هذه الجماعات تشن هجوما عبر لجانها الإلكترونية على كل من يقوم بتحذير الناس من دعواتهم المشبوهة، وقد حذرنا من الانسياق وراء المتاجرين باسم الدين، ومن الصدام مع المجتمع وتبني الآراء المتشددة ومخالفة القواعد العامة التي تضعها السلطات المختصة، مطالبا الدولة باستخدام الحق الرصين الأساس المقرر لها شرعا وقانونا في عقاب من يقوم بالتحريض ضد مؤسسات الدولة أو يرفع السلاح ضد الأفراد ومؤسسات المسؤولة.
 

ربما يعجبك أيضا