كيف تتكيف أوروبا مع النظام الجيو-اقتصادي الجديد؟ جولة في المراكز البحثية

آية سيد

كيف يمكن للاتحاد الأوروبي بناء أداة مقاومة للقسر الاقتصادي؟ وماذا يعني بايدن باستقلال الطاقة وكيف تحققه الولايات المتحدة؟ جولة في المراكز البحثية


في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات غير المسبوقة التي فرضتها أوروبا على روسيا، يحتاج الأوروبيون للاستعداد للتكيّف مع النظام الجيو-اقتصادي الجديد.

وفي جولة في بعض المراكز البحثية، نستعرض كيف يمكن للاتحاد الأوروبي بناء أداة مقاومة للقسر الاقتصادي، وماذا يعني الرئيس الأمريكي، جو بايدن، باستقلال الطاقة وكيف تحقّقه الولايات المتحدة.

لماذا تحتاج أوروبا لأداة مقاومة للقسر الاقتصادي؟

نشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تحليلًا للباحث جوناثان هاكنبرويتش، في 1 إبريل 2022، رأى فيه أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى الاستعداد لحرب اقتصاديّة طويلة الأمد مع روسيا التي ربما تستخدم موسكو فيها الطاقة كسلاح، ردًّا على العقوبات الأوروبية. ولفت أيضًا إلى أن الصين ربما تساعد روسيا في قسر الاتحاد الأوروبي اقتصاديًّا، وربما تدخل في خلاف اقتصادي منفصل مع الاتحاد.

ولهذا يرى هاكنبرويتش أنه يجب أن يستعد الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذه التهديدات جزئيًّا عن طريق بناء أداة قوية لمقاومة القسر الاقتصادي. وذكر الباحث أن هذا سيُجّهز الاتحاد الأوروبي بإجراءات اقتصاديّة مضادة فاعلة وصارمة يمكن أن تستخدمها المفوضيّة الأوروبيّة بدعم من غالبية الدول الأعضاء.

كيف تتكيف أوروبا مع النظام الجيو-اقتصادي الجديد؟

أشار الباحث إلى أن الحرب الروسيّة الأوكرانيّة تحمل دروسًا مهمة للأوروبيين، في حين يبنون أداة مقاومة القسر الاقتصادي. وذكر أنه للتكيّف مع النظام الجيو-اقتصادي الجديد يمكن للأوروبيين أن يخلقوا عملية  تُسهِّل الإجراءات المضادة السريعة. لكن روسيا، مثل أي دولة أخرى، قد تضغط على أي دولة عضو لمنع العقوبات الصارمة، وهذا يعني وجود حُجّة قوية لأن تتمركز معظم العملية في بروكسل. وفي الوقت نفسه يجب أن تشارك الدول الأعضاء في العملية دون أن تغفل عن المصالح الاستراتيجيّة للاتحاد الأوروبي.

إضافة إلى هذا، يقول هاكنبرويتش إنه يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفكر في توسيع نطاق أداة مقاومة القسر الاقتصادي لتشمل تبنّي إجراءات مضادة صارمة في وقت الحروب في أوروبا. واقترح الباحث أيضًا تطوير أداة مقاومة للقسر الاقتصادي تواجه التهديدات الخطيرة للنظام الدولي لتغطي الانتهاكات الصارخة لميثاق الأمم المتحدة في المناطق الأخرى من العالم، مشيرًا إلى أن هذا سيعزّز الشراكات والتحالفات مع الدول البعيدة مثل اليابان وأستراليا.

استقلال الطاقة.. سراب يلاحقه بايدن

في تحليل نشرته مؤسسة هيرتيج الأمريكية في 1 أبريل 2022, رأت الباحثة في قضايا الطاقة والبيئة، كيتي تاب، أن استخدام الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لمصطلح “استقلال الطاقة” لا يعني المزيد من عمليات الحفر والتنقيب، إنما العكس تمامًا، ما يجعله مجرّد سراب سيدفع الأمريكيون ثمنًا باهظًا في حين يلاحقه بايدن.

وأشارت الباحثة إلى أن أمريكا تواجه أزمة طاقة، ففي الفترة من يناير 2021 إلى يناير 2022، ارتفعت أسعار النفط الخام 45%، وسجلت أسعار البنزين والديزل أعلى معدل لها منذ أن بدأت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية متابعتها في 1993، وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي 46%. وعلى الرغم من هذا رفض بايدن إصلاحات السياسة التي تسمح للمُنتِجين الأمريكيين بزيادة الإنتاج ولجأ إلى بدائل أربكت الأمريكيين والحلفاء على حد سواء، مثل التفاوض على استيراد النفط من فنزويلا.

ماذا يقصد بايدن باستقلال الطاقة؟

أوضحت الباحثة أن ما يقصده بايدن باستقلال الطاقة هو فرض التحوّل السريع إلى تكنولوجيات الطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الوقود التقليدي، وأنه استولى على العبارة لإعادة تسمية أجندته المناخيّة المتطرفة كبرنامج عمل.

لهذا في مجال إنتاج الطاقة، تواصل الإدارة دفع السياسات التي تحبط التنقيب المستقبلي عن النفط والفحم والغاز الطبيعي وإنتاجها وتوزيعها والاستثمار فيها، في الوقت الذي تستنزف دافعي الضرائب لزيادة دعم أبحاث وتطوير الطاقة المتجددة والاستثمار والتصنيع والإنتاج والبنية التحتية لهذا المجال.

وفي هذا السياق، أشارت الباحثة إلى الدول الأوروبية التي التزمت منذ عقود بتقليل إنتاجها من الغاز الطبيعي والفحم والنفط وفي بعض الحالات الطاقة النوويّة، ودعمت تكنولوجيات طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشدة. وكانت النتيجة، بحسب الباحثة، أن أوروبا واجهت أسوأ زيادات في أسعار الطاق،ة وتسبب الاعتماد على الطاقة الروسيّة في تهديد أمن الطاقة والاستقلال السياسي لأوروبا.

ماذا ينبغي أن تفعل الولايات المتحدة؟

ذكرت الباحثة أن الولايات المتحدة يجب أن تتجه سريعًا إلى أجندة سياسة تدعم وفرة الطاقة، والابتكار المدفوع بالمستهلك، وأمن الطاقة من خلال طرق وموارد متنوعة. ولفتت إلى أن وفرة الطاقة ميسورة التكلفة لن تُخفّض الأسعار فحسب، بل إنها الطريقة الوحيدة لإضعاف قوة الحكومات العدائيّة التي تسعى إلى تسليح الطاقة للتلاعب بالنتائج السياسيّة.

وأشارت الباحثة إلى أن الأمريكيين يتمتعون بوفرة من الطاقة المتمثلة في النفط والغاز الطبيعي والفحم وطاقة الرياح والطاقة النووية والطاقة الشمسية والطاقة المائية، ولديهم ثقافة قوية من الابتكار في البحث عن حلول الطاقة في المستقبل. ويجب أن يتمكنوا من الوصول إلى هذه الوفرة.

كذلك لفتت إلى أن أوروبا التي تواجه أزمة أشد بكثير، بدأت في العودة إلى المفاهيم الواقعية لأمن الطاقة باستخدام الفحم وتنشيط إنتاج النفط في بحر الشمال وإلغاء السياسات المناهضة للطاقة النووية واتخاذ خطوات للسماح بالتكسير الهيدروليكي الاستكشافي في بريطانيا العظمى.

ربما يعجبك أيضا