مقتل صهر الزرقاوي بنيران أمريكية.. رسائل جديدة لقيادات “القاعدة”

عاطف عبداللطيف
كتب – عاطف عبداللطيف

تلقى الإرهاب، خاصة تنظيم القاعدة، ضربة جديدة، بعدما أعلن تنظيم “حراس الدين” المقرب من “القاعدة” في سوريا، مقتل نائب أميره العام، القيادي الأردني خالد العاروي المكنى بـ”أبوالقسام”، في غارة نفذها طيران قوات التحالف الدولي على مدينة إدلب، حيث أصيب “أبوالقسام” قبل نحو ثمانية أيام عقب غارة للتحالف على إدلب، وتوفي متأثرًا بجروحه، كما قتل قيادي آخر يدعى “بلال الصنعاني” زعيم “جيش البادية”، بغارة لطيران مسير في إدلب أيضًا.

وبحسب موقع روسيا اليوم، اليوم الخميس، يعتقد أن “أبوالقسام” الأردني، هو المسؤول العسكري لحراس الدين في سوريا، وهو ممن اعتقلتهم ما تعرف بـ”هيئة تحرير الشام” لفترة وجيزة نهاية العام 2017.

صاروخ سري

أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية استخدمت صاروخًا سريًا لقتل “خالد العاروري” قائد جماعة “حراس الدين” بطائرة مسيرة في إدلب، الأسبوع الماضي.

الصحيفة الأمريكية أوضحت أن صاروخ “هيل فاير” المعدل المعروف باسم “R9X” ألقى حوالي 100 رطل (45 كيلوجرام) من المعدن على الجزء العلوي من سيارة العاروري، وأخرج 6 شفرات طويلة مطوية للداخل من الصاروخ في ثوان معدود، وتقطع هذه الشفرات كل ما يعترض طريقها من أجسام.

تم تطوير الصاروخ، قبل حوالي عقد من الزمن تحت ضغط من الرئيس السابق باراك أوباما للحد من الخسائر في صفوف المدنيين وتدمير الممتلكات في الحروب.

صهر “الزرقاوي”

يذكر أن خالد العاروي هو نائب أبو مصعب الزرقاوي سابقًا القائد الأهم في تنظيم “حراس الدين” المدرج على قوائم الإرهاب الدولية إلى جانب كل من الأردنيين “سامي العريدي” وبلال خريسات المكنى بـ”أبو خديجة الأردني” والسوري “سمير حجازي” المكنى بـ”أبوالفاروق السوري”. قدم “العاروي” من إيران إلى سوريا في عام 2015 بصفقة تبادل إثر إطلاق سراح تنظيم “القاعدة” دبلوماسي إيراني معتقل لديه، قبل أن يتوجه من درعا إلى الشمال السوري في نهاية العام ذاته.

اسمه الحقيقي خالد مصطفى خليفة العاروري وولد في عام 1967، ولكنه أصبح معروفًا بأبي القسام أو أبوأشرف في الجماعات الإرهابية، من مدينة “رام الله” فلسطين، ونشأ في محافظة “الزرقاء” شرق الأردن. تزوج “أبوالقسام” من إحدى شقيقات “الزرقاوي” في أفغانستان خلال تواجدهما في معسكر “هرات”.

تركيا وروسيا

قال الكاتب الصحفي السوري، مالك الحافظ: استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لقيادات تنظيمات جهادية وقاعدية في الشمال السوري، ليس بالأمر الجديد، ولكن التطورات الأخيرة لها دلالات نوعية، وبالتالي فإن مقتل خالد العاروري، نائب متزعم جماعة “حراس الدين” الإرهابية بعد استهدافه من طيران التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، يدلل على عدة مؤشرات.

وأضاف مالك الحافظ في تصريحات خاصة لـ”رؤية” أن أول المؤشرات تتمثل في أن “واشنطن” تريد القول عبر تكرار الاستهدافات الأخيرة بأن شكل التوافق بين تركيا وروسيا في منطقة إدلب لخفض التصعيد لا تقبله واشنطن على الإطلاق، وأن مرحلة جديدة من استهداف القوى الإرهابية في سوريا تتعمق شيئًا فشيئًا.

لكن ذلك يؤدي للتنبؤ بأن ما تريده “واشنطن” وضع ذريعة جديدة لاستمرار تواجدها في سوريا واعتمادها دوليًا “كبؤرة إرهاب” لا تعتمد في قتال هذه الجماعات على العمليات العسكرية على الأرض؛ ما يعني عدم اعتمادها على العناصر المحلية السورية، وإنما تريد أن تحول سوريا إلى أفغانستان جديدة -هذا كما يتضح من الاستراتيجية الأمريكية في معالجة ملف مكافحة الإرهاب.

ويرى الكاتب الصحفي السوري أن هذه الاستراتيجية غير صائبة، فهي من ناحية تترك المجال لعودة “داعش” في أنحاء متفرقة من سوريا (يبدو من أجل استخدام ذلك كذريعة لاستمرار التواجد)، ومن ناحية ثانية فإن واشنطن غير متوافقة مع روسيا على شكل الحل في سوريا، وفي ذات الوقت لا تضغط على تركيا في الالتزام بالتعهدات بقتال الجماعات الإرهابية في الشمال تكريسًا لاستمرار التوتر في العلاقات بين الأطراف المتدخلة في الشأن السوري لإنهاء معضلة هذا الملف الإشكالي وما يتصل به من مسائل أخرى في الملف السوري الأكبر.

السؤال هنا يبرز على الشكل التالي، هل تسعى واشنطن لإنهاء وجود الجماعات الإرهابية في الشمال السوري من أجل التوصل إلى حل في سوريا، أم لتغليب نفوذها واستراتيجيتها في المنطقة؟، ومن ثم فإن هذا الحل المنتظر لماذا لا يتم التوافق عليه سياسيًا وتحديد آلياته بالتوازي مع قتال الجماعات الإرهابية وضمان إنهاء نفوذها.

أيضًا هناك مؤشر آخر على استهداف الجماعات الإرهابية، وهو أن واشنطن ترسل برسالة خاصة حول وجود “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا) في إدلب، فهي كانت ترى سابقًا أن ما يسمى بالجناح المعتدل في هذا التنظيم المتصل سابقًا بتنظيم “القاعدة” لم يشكل خطرًا على الأمن الدولي، ما يفسح المجال أمام احتمالية رفع اسم التنظيم من لوائح الإرهاب الأمريكية واعتباره “شريكًا محليًا” في قتال باقي الجماعات الإرهابية.

ويبدو أن ذلك بدأ يتضح أكثر بعد الاقتتال الذي بدأ مؤخرًا بين “تحرير الشام” وباقي الفصائل الجهادية في الشمال السوري. إذًا اعتبار “هيئة تحرير الشام” طرفًا يُعتمد عليه خلال الفترة المقبلة وتصديره متزعمه “أبومحمد الجولاني” كقائدِ يصنع السلام في المنطقة هناك هو أمر مثير للقلق، ويدعو للقول إن هذه التحركات ستخلط الأوراق كثيرًا في الملف السوري وتزيد من تعقيد المشهد بدلًا من الوصول إلى صيغة حل توافقية تقضي على الإرهاب وتؤسس للاستقرار.

قيادة بارزة

وفي عام 2015، كان العاروري واحدًا من خمسة شخصيات بارزة في تنظيم القاعدة أفرجت عنهم إيران مقابل دبلوماسي إيراني محتجز في اليمن، وبعد وصوله إلى سوريا مع اندلاع الثورة السورية، صعد ببطء ليصبح قائدًا عسكريًا للقاعدة ثم القائد الفعلي هناك. كان “حراس الدين” في البداية بقيادة أبوهمام الشامي، وهو من قدامى المحاربين في القاعدة، لكن تقرير للأمم المتحدة، قال العام الماضي إن العاروري تولي مسؤولية التنظيم.

وقال تشارلز ليستر، مدير معهد الشرق الأوسط في سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف: “خالد العاروري كان من كبار الشخصيات في القاعدة في جميع أنحاء العالم وقدامى المحاربين في التنظيم، بعد أن بدأ العمل مع الزرقاوي في أواخر الثمانينيات”.

وأضاف أنه كونه الممثل الأساسي للقاعدة في سوريا، فقد شارك أيضًا في جهود تنشيط عمليات للتنظيم في العراق وتركيا ولبنان، وإعادة شبكات التنظيم التي ضعفت إلى حد ما في السنوات الأخيرة.

ربما يعجبك أيضا