مناورات على حدود «أذربيجان».. إيران قلقة من وجود «إسرائيل» ومن سد الطريق أم تجارتها!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

بدأ الجيش الإيراني مناوراته البرية، صباح أمس الجمعة مطلع أكتوبر، وسط تصاعد التوترات مع جمهورية أذربيجان في الشمال الغربي.

وقد أبدت أذربيجان قلقها من هذه المناورات التي أجرتها إيران بالقرب من الحدود معها، ووصفتها بأنها “مثيرة للدهشة” حيث لم تكن هناك مناورات مثلها على مدى السنوات الثلاثين الماضية.

فقد وصف الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في 27 سبتمبر الماضي، هذه المناورة بـ “الحق السيادي لإيران”، لكنه تساءل: “لماذا لم تجرِ إيران مناورات عسكرية في الثلاثين عامًا الماضية عندما كانت المناطق الحدودية الثلاثة وهي فضولي وجبرائيل وزنغلان محتلة من قبل أرمينيا ؟”.

وبحسب ما ورد، فقد أطلقت وحدات مدفعية القوات البرية للجيش النار على مواقع وأهداف محددة مسبقًا في عملية أطلق عليها اسم “فاتحو خيبر”، ودعمت مروحيات الجيش العملية طوال الوقت.

أفادت وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري، أن هذه المناورات تجرى بحضور قائد القوة البرية للجيش كيومرث حيدري، فضلا عن وجود اللواء 216 المدرع، اللواء 316 المدرع، اللواء 25، مجموعة المدفعية 11، مجموعة الطائرات المسيرة، الحرب الإلكترونية، والمجموعة الهندسية القتالية 433.

لن نسمح بوجود إسرائيل

وقد قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده تعليقًا على تصريحات رئيس جمهورية أذربيجان: “لن تطيق إيران وجود للنظام الصهيوني (إسرائيل) بالقرب من حدودها مع أنه استعراضي، وستتخذ أي إجراء تراه ضروريًا لأمنها القومي”.

وأكد علي حاجيلو، قائد مقر شمال غرب البلاد التابع للجيش الإيراني، أن بلاده “ترفض التغييرات في حدود دول المنطقة”، وقال “كانت هناك فترة من الصراع بين دول الجوار وانتهت الآن .. اليوم هو وقت السلام والأمن وإعادة إعمار الأراضي المحررة من الاحتلال” وكذلك وقت طرد إسرائيل من المنطقة”.

كما دعم قائد القوات البرية التابعة للجيش، كيومرث حيدري، ضمنيًا أرمينيا خلال المناورات، قائلاً: إن إيران لن تسمح باحتلال حدود الدول “الضعيفة”.

وقال: “يجب الحفاظ على جميع الحدود القانونية، والضعف المحتمل لدولة ما في الحفاظ على حدودها لا يعني أن تقوم دولة أخرى بمساعدة الأجنبي بتغيير الحدود، ولن تسمح الجمهورية الإسلامية الإيرانية بذلك”.

كما هاجم حيدري إسرائيل، واصفًا إياها بـ “عنصر غير مدعو في المنطقة”، قائلا: “منذ مجيء هذا النظام، زادت حساسيتنا تجاه هذه الحدود ويتم مراقبة أنشطته فيها بشكل كامل”.

بالإضافة إلى القادة العسكريين، هاجم عدد من المسؤولين ووسائل الإعلام المقربة من المرشد الإيراني، جمهورية أذربيجان وإسرائيل أمس الجمعة.

فيما وصف عبد الله كنجي، رئيس تحرير صحيفة “جوان” التابعة للحرس الثوري، جمهورية أذربيجان بـ “المنفصلة عن إيران” وكتب على تويتر: “حتى الآن، احترمنا حكامها واعترفنا بها”، لكن عليهم أن يدركوا أنه لا يمكنهم فرض كلمتهم عبر “القوة الاستيجارية”، في إشارة إلى التعاون الإسرائيلي الأذربيجاني.

كما قال محمد حسيني، مساعد الرئيس الإيراني في الشؤون البرلمانية، إن مناورات “فاتحو خيبر” بالقرب من حدود أذربيجان هو تحذير لإسرائيل، قائلاً إن اسم المناورات “تم اختياره بذكاء تام” لأن الرسول “أفشل مؤامرة قادة اليهود بفتح خيبر”.

كما قال وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي إن إسرائيل “تتآمر” على العلاقات الودية بين إيران وجمهورية أذربيجان.

وأعاد عباس موسوي، سفير إيران في باكو، نشر تغريدة من السفير الإسرائيلي، وعلق عليها أن أذربيجان وفلسطين ستظلان “إسلاميتين” إلى الأبد. وكان السفير الإسرائيلي قد كتب أنه على عكس إيران، التي تقمع الأقليات الدينية والقوميات في بلدها، فإن دولًا مثل إسرائيل وأذربيجان تسعى للتعددية الدينية.

زيادة التوترات

وفي وقت سابق، وصف مسؤولون إيرانيون آخرون، بمن فيهم فدا حسين المالكي، عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، المناورة المشتركة لجمهورية أذربيجان مع باكستان وتركيا بـ “تحركات مشبوهة” وحذر من دور إسرائيل فيها.

وتصاعدت التوترات بين إيران وأذربيجان بعد مناورة عسكرية استضافتها جمهورية أذربيجان وحضرتها باكستان وتركيا في سبتمبر من هذا العام.

في وقت لاحق، بالإضافة إلى زيادة القيود والرسوم الجمركية على الشاحنات الإيرانية المتجهة إلى أرمينيا، تم اعتقال سائقين إيرانيين، ما أدى إلى تصعيد التوترات بين طهران وباكو.

أزمة قره باغ

يشار إلى أنه بعد النزاع الأخير بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا وتحرير بعض أراضي أذربيجان في إقليم ناغور قره باغ الجبلي، تصاعدت التوترات على الحدود بين إيران وأذربيجان.

وتزامنًا مع التحركات العسكرية الإيرانية، أعلن وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان أيضًا عن استعداد بلاده لحل أزمة قره باغ سلميًا.

وأضاف ميرزويان، أمس الجمعة الأول من أكتوبر، أن بلاده مستعدة للعودة إلى التسوية السلمية لأزمة إقليم قره باغ، وكان قد أعلن ذلك الأسبوع الماضي خلال اجتماع مع نظيره الأذربيجاني في نيويورك بوساطة مجموعة مينسك.

قلق الداخل

وتمس قضية الحدود مع أذربيجان المخاوف الإيرانية في الداخل؛ إذا تتشكل إيران من عرقيات عدة، تمثل العرقية الآذرية واحدة من أكبرها، وذلك أجمعت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت في صفحاتها الأولى على الاهتمام بخبر التوتر الأخير بين إيران وجمهورية أذربيجان والمعركة الدبلوماسية التي تجري بين البلدين.

وحسب تقرير قناة إيران إنترنشنال، الإيرانية، فقد أكدت صحيفة “جوان” التابعة للحرس الثوري الإيراني أن طهران لن تسمح بحدوث تغييرات جيوسياسية في حدودها في الشمال الغربي وترى أن ذلك يتعارض مع مصالح شعبها.

وأشارت الصحيفة إلى التبعات الاقتصادية على إيران في حال حدوث تغييرات على حدودها في الشمال الغربي وكتبت “في حال حدث هذا التغيير فإن إيران سوف تفقد فرصتها الوحيدة في الاستثمار في أحد أهم الطرق البرية في المنطقة بل إنها تفقد كذلك الفرصة في الاتصال بالدول الأوربية”، منوهة إلى أن أهم طريق بري بين إيران ومنطقة القوقاز وروسيا يمر من أذربيجان.

كما انتقد المحلل السياسي، علي سعادت آذر، في مقابلة نشرتها صحيفة “فرهيختكان” تخبط سياسات إيران في منطقة القوقاز واتهم قيادة بلاده بأنها تفتقد للاستراتيجية الوطنية في هذه المنطقة وهو ما خلق نوعا من التشتت والتخبط السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي في المناطق الحدودية حسب رأي الكاتب.

وأضاف سعاد آذر أن إيران لم تتخذ القرارات الصائبة في الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا واصفا سياسة طهران بـ “المتشتتة في القرارات”، منوها إلى أنه كان الأجدر بإيران أن تظهر حسما أكثر في مواقفها من الأطراف المتنازعة وقال إن هذه الحيرة السياسية تدعو إلى القلق ودعا إلى ترميم الدبلوماسية الضعيفة لإيران في هذا الملف.

كما هاجمت صحيفة “جمهوري إسلامي” روسيا بسبب موقفها من التوتر الأخير بين إيران وجمهورية أذربيجان وأكدت أن هذه المواقف من روسيا هي دليل آخر على تفنيد مزاعم الصداقة بين إيران وروسيا، متهمة الرئيس الروسي وباقي المسؤولين الروس بأنهم يتطلعون إلى دور مشابه لدور القيصرية الروسية السابقة.

وعلى الصعيد الداخلي طالبت الصحيفة باتخاذ عدد من الخطوات لإفشال ما أسمته “المؤامرة في حدود الشمال الغربي” منها ضرورة تحديد موقف خطيب جمعة محافظة أردبيل الذي اتهمته الصحيفة بأن مواقفه غامضة وذات وجهين وتحتاج إلى الشفافية والوضوح.

ربما يعجبك أيضا