منتدى شرق آسيا | إيران في حالة نشاط مع منظمة شنغهاي للتعاون

آية سيد

ترجمة – آية سيد

في آخر اجتماع لها في طاجيكستان في سبتمبر الماضي، بدأت منظمة شنغهاي للتعاون عملية رسمية لمنح إيران العضوية الكاملة. ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتوسع فيها المنظمة بعد قبول الهند وباكستان في 2017 – فهي الآن تمد نفوذها من وسط وشرق آسيا إلى الشرق الأوسط الكبير. 

إن إدراج إيران في منظمة شنغهاي للتعاون له تداعيات مهمة على المنظمة المعنية بشكل كبير بآسيا الوسطى، حتى لو كانت إيران هي المستفيد الرئيسي. في وقت تشهد فيه عزلة دولية، تأمل طهران في أن عضويتها ستفتح فرصًا لتوسيع روابطها السياسية، والاقتصادية والثقافية مع البلاد في أنحاء المنطقة. وفي ظل وجود عضوين من منظمة شنغهاي للتعاون في مجلس الأمن، تأمل إيران في الحصول على تعاطف أكبر في الاستماع لها في القضايا مثل رفع العقوبات.

مع هذا، دلالة العضوية الإيرانية، على الأقل في الوقت الحالي، رمزية أكثر من كونها جوهرية. إن ما تجلبه إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يعتمد على أهداف المنظمة، وهيكلها وقدراتها.

تأسست منظمة شنغهاي للتعاون في 2001 بأهداف محدودة لكن حيوية لأعضائها – لمحاربة ما يُسمى بـ”الشرور الثلاثة” وهم التطرف، والإرهاب والانفصالية. في ذلك الوقت، شكّلت هذه الشرور تهديدات خطيرة على الصين، وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى. وسّعت المنظمة منذ ذلك الحين صلاحياتها لتشمل التعاون الاقتصادي المعتدل وتطوير الطاقة، والأهم من ذلك هو الحفاظ على الأنظمة السياسية للدول الأعضاء ومناصرة نوع جديد من العلاقات الدولية والذي يُنظر له بشكل كبير كنقيض للهيمنة والأحادية الأمريكية.  

وسّعت الصين على مدار العقدين الماضيين امتدادها ونفوذها في أنحاء آسيا الوسطى، وبحار جنوب آسيا، والشرق الأوسط على نحو متزايد. ساعدت منظمة شنغهاي للتعاون الصين على تأمين إمدادات طاقة مهمة عبر أوراسيا، بينما وسّعت مبادرة الحزام والطريق الأجندتين الجيواقتصادية والجيوسياسية للصين، في تحدٍّ مباشر لوضع الولايات المتحدة في المنطقة.

أصبحت منظمة شنغهاي للتعاون الآن منظمة ذات طابع مؤسسي رمزي تعقد اجتماعات سنوية رفيعة المستوى. لكن هيكلها الموضوعي يبقى متواضعًا إلى منعدم، كما هو الحال مع أجنداتها، التي تتجه لأن تكون متنوعة وغير مركزة، مع وجود خلافات بين دولها الأعضاء تعيق تحولها إلى منظمة ذات أهمية حقيقية.

لعل هذه كانت نية الأعضاء المؤسسين. إن الوضع الرمزي لمنظمة شنغهاي للتعاون يعني أنها تتنازل عن أي سيادة بخلاف تنسيق الجهود لمحاربة “الشرور الثلاثة”. وبعيدًا عن الأمانة العامة الأساسية، فإن الكيان الملموس الآخر الوحيد تحت منظمة شنغهاي للتعاون هو الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب. إن تدريبات مكافحة الإرهاب المشتركة النصف سنوية، التي تتميز عادة بالمشاركين الروس والصينيين، هي النشاط الأبرز للمنظمة. 

ونظرًا لاهتمامها بالحفاظ على الذات، والأهداف الاقتصادية المتواضعة وقدرة الدولة المحدودة، لن تضيف عضوية إيران إلى قوة منظمة شنغهاي للتعاون. إن قبول لاعب رئيسي في الشرق الأوسط يرمز بشكل رئيسي إلى الامتداد الجغرافي للمنظمة وأهميتها المستمرة كمناصر للمبادئ مثل التنمية المشتركة والأمن التعاوني. 

يبقى أن نرى إذا ما كانت المنظمة ستعيد تعريف أجندتها للعب دور أكبر في القضايا الأمنية والاقتصادية المستقبلية التي تربط جنوب آسيا، وآسيا الوسطى والشرق الأوسط – ثلاث مناطق ذات أهمية جيوسياسية وجيواقتصادية. تشمل هذه القضايا تطوير الطاقة، واستقرار أفغانستان، وترابط البنية التحتية الذي يربط أوراسيا، وجنوب آسيا والشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن عضويتها تتفاخر بـ40% من سكان العالم و20% من ناتجها المحلي الإجمالي، فإن منظمة شنغهاي للتعاون قوية واستباقية فقط بالقدر الذي يريده أعضاؤها الأساسيون، روسيا والصين، وإلى حد ما الهند. إن ترجمة إمكانات المنظمة إلى سياسة ملموسة وتعاون أعمق تعتمد على مدى تلاقي المصالح الداخلية ومصالح الدول الأعضاء، وكذلك أيضًا الضغوط الخارجية والفرص.

غير أن قدرة منظمة شنغهاي للتعاون على بناء هيكل اقتصادي وأمني إقليمي ستبقى على الأرجح محدودة وانتقائية وتدريجية. في الواقع، احتمال أن تتوطد منظمة شنغهاي للتعاون لتصبح منظمة على غرار الناتو أو الرباعي يظل بعيدًا إن لم يكن مستحيلًا – وهي نتيجة تتأثر على الأرجح بتطور علاقات مستقبلية أمريكية – روسية وأمريكية – صينية. هذا مفهوم نظرًا لتنوع آسيا الوسطى، وجنوب آسيا والشرق الأوسط، وكذلك أيضًا الموارد الهائلة اللازمة لمعالجة القضايا الإقليمية.

إن أحد الأدوار الكبيرة المحتملة لمنظمة شنغهاي للتعاون سيكون المساهمة في استقرار أفغانستان ما بعد الصراع، والذي قد تلعب خلاله مجموعة اتصال منظمة شنغهاي للتعاون – أفغانستان، التي تأسست في 2005، دورًا أكثر نشاطًا. تبحث الصين عن التزامات من حكومة طالبان بشأن عدم السماح لجماعات الأويغور الانفصالية، مثل الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، باستخدام أفغانستان كقاعدة لزعزعة استقرار مقاطعة شينجيانج.

وفي حين أن عضوية إيران الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون تقدّم فرصة للمنظمة، فإن الواقع الجيوسياسي الأوسع يشير إلى أنه ربما يكون هناك ثمن محتمل لعضويتها الحالية. في الواقع، لا تملك منظمة شنغهاي للتعاون نفوذًا حول إذا ما كانت إيران تستطيع الحصول على المنافع الاقتصادية لرفع العقوبات التي تحتاجها بشدة لإعادة تشغيل صادرات النفط. وسيتحدد ذلك عبر امتثال طهران لخطة العمل الشاملة المشتركة، وإذا ما كانت الولايات المتحدة ستعود إلى الاتفاقية، وإلى أي مدى سترفع واشنطن عقوبات الطرف الثالث. 

ومن هذا المنطلق الجيوسياسي المعقد، لعل مبدأ “لا ضرر ولا ضرار” هو أفضل تصوير لما قد تسعى إليه منظمة شنغهاي للتعاون بعد آخر جولة توسع لها.

للإطلاع على رابط المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا