من ذراع الكرملين إلى التمرد.. ماذا نعرف عن «فاجنر»؟

محمد النحاس

ماذا نعرف عن مجموعة فاجنر التي تخوض تمردًا ضد الجيش الروسي، ثاني أقوى جيوش العالم؟


شهدت الأشهر القليلة الماضية هجومًا لافتًا من قائد قوة “فاجنر” الروسية الضاربة، يفجيني بريجوجن، المعروف بـ”طباخ بوتين”، على قيادة الجيش الروسي.

وبلغ الأمر حد اتهام وزير الدفاع سيرجي شويجو بالخيانة، لكن الأحداث أخذت اليوم السبت 24 يونيو 2023، منعطفًا خطيرًا مع بدء فاجنر تمردًا ضد قيادة الجيش، بعد اتهامه بتعمد استهداف مقاتلي الشركة العسكرية الخاصة، شبه الرسمية.

منعطف خطير

حسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تتبع مجموعة فاجنر وزارة الدفاع الروسية، وقد أسسها الضابط السابق ديمتري أوتكين، ويديرها الآن بريجوجن، وقد جاء اسمها تيمنًا بالموسيقار الألماني ريتشارد فاجنر، الذي كان الزعيم النازي أدولف هلتر مولعًا بفنه.

وظهرت فاجنر للمرة الأولى عام 2014، تزامنًا مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وكان لها دور في دعم الانفصاليين الموالين لروسيا شرقي أوكرانيا في ذات العام. ويقدر تعدادها الآن في أوكرانيا نحو  25 ألف مقاتل، يعملون بالأجر بعقود خاصة، وبرواتب كبيرة مقارنةً بالتي تدفعها وزارة الدفاع لمقاتليها. 

ويفتح تمرد فاجنر فصلًا جديدًا في علاقات المجموعة بالجيش، والكرملين، سيكون له ما بعده من أحداث وتداعيات لا تقتصر على الداخل الروسي فحسب، بل تتعداه إلى الخارج.  

انقلب السحر على الساحر

في عام 2022 افتتحت فاجنر أول مقر علني لها في سان بطرسبورج. وتتمتع المجموعة بهيكل مرن، وقدرة على تنفيذ عمليات عسكرية خاصة، تواجه القوات النظامية صعوبات في التعامل معها. 

وكان لفاجنر دور بارز في حرب أوكرانيا، خاصةً في معركتي باخموت وسوليدار، غير أن قوتها المتضخمة يومًا بعد آخر زادت من طموحات قائدها. ورغم القول بأن الضابط السابق في القوات الخاصة الروسية، ديمتري أوتكين، هو من أسسها، فقد خرجت عن طوع الكرملين لينقلب السحر على الساحر. 

كيف بدأ الخلاف؟ 

لا توجد تقديرات نهائية تجزم بعدد أفراد المجموعة لكن ترجح بعض التقديرات بأن تعداد أفرادها، قفز من 5000 إلى حوالي 25 ألف مقاتل، وقد استعانت المجموعة بسجناء ومدانين بجرائم في السجون الروسية، للقتال في أوكرانيا في مقابل الإفراج عنهم.

وبدت ملامح الخلاف مع القيادة الروسية على نحو جدي، بعد توجيه الكرملين الأسبوع الماضي بـتسجيل المقاتلين في الشركات الخاصة لدى وزارة الدفاع، وهو أمر امتنع قائد فاجنر عن تنفيذه.

وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من التصريحات بدأها بريجوجن يهاجم فيها قيادة الجيش، بدءًا من اتهامهم بتعمد عدم إيصال الذخائر لقواته، وحتى تهديده بالانسحاب من باخموت الشهر الماضي، وانتهاء بإعلانه نيته القبض على وزير الدفاع سيرجي شويجو، ومن ثمّ بدء التمرّد. وقد وجه بريجوجن إلى شويجي تهمة “الخيانة” من قبل. 

انتشار بأنحاء العالم

دور فاجنر لا يقتصر على أوكرانيا، فهي تنشط بمناطق أخرى في العالم، وكان لها دور بارز في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدءًا من العام 2016، خاصةً في مناطق بها حقول نفطية مثل دير الزور وتدمر. وتنتشر فاجنر في مناطق يإفريقيا.

وكذلك تدعم المجموعة قوات الدعم السريع في السودان، التي تخوض معارك طاحنة مع الجيش السوداني منذ منتصف إبريل الماضي، ولها وجود كذلك في مناطق مناجم الذهب، حيث لها ارتباطات بتجارة المعدن النفيس المربحة، وتؤمن إمدادات الذهب إلى روسيا في ظل عقوبات غربية غير مسبوقة.

وإجمالاً، توجد فاجنر في حوالي 12 دولة إفريقية، ونشطت أيضًا في بعض مناطق أمريكا الجنوبية. وبمزاعم ارتكاب المجموعة فظائع في الحرب، فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة عقوبات عليها. واعتبرتها واشنطن “منظمة إجرامية دولية” يناير الماضي. 

أهداف اقتصادية وسياسية

كما هي الحال في السودان، لا يقتصر نشاط فاجنر على العمليات القتالية، بل يتعدى ذلك إلى تأمين أنشطة تعدين الشركات الروسية بحثًا عن الذهب، والمعادن الحيوية للصناعات المختلفة، وتنشط المجموعة في إفريقيا الوسطى، ومالي، ومدغشقر، وموزمبيق.

الأهداف المعلنة لوجود المجموعة في مناطق مختلفة من العالم، عادةً ما تتركز في تعزيز الأمن، ومكافحة الإرهاب، لكن من الواضح كذلك أن الأمر يتعدى ذلك إلى تنفيذ أجندة الكرملين الخارجية، دون تورط رسمي مباشر في نزاعات شائكة، وتبعات قد تترتب عليها. 

اقرأ أيضًا| تغطية مستمرة| تطورات العصيان المسلح لقوات «فاجنر»

اقرأ أيضًا| رويترز: «فاجنر» سيطرت على المنشآت العسكرية بمدينة جنوبي موسكو

ربما يعجبك أيضا