مودرن دبلوماسي | الهند فرضت سباق تسلح على باكستان

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

لإثبات قوة ردعها النووي، أجرت الهند يوم 27 أكتوبر تجارب على صاروخ باليستي عابر للقارات ذي قدرة على حمل سلاح نووي، ويصل مداه إلى خمسة آلاف كيلومتر. ويمكن للهند باستخدام هذا الصاروخ من طراز (أجني 5) أن تضرب الصين كلها تقريبًا. وعلاوة على ذلك، فهي قادرة بالفعل على ضرب أي مكان داخل باكستان. وبالتالي، فإن شحذ الهند لترسانتها الصاروخية يحتم على باكستان اتخاذ تدابير مماثلة فيما يتعلق بقدراتها النووية. ولتعزيز دفاعها، يحتاج صُنّاع السياسة الباكستانيون إلى إنفاق الموارد بحكمة في الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والحوسبة الكَميَّة، والاستشعار الكَمِّي والتكنولوجيا الحيوية. وتؤدي إتاحة المزيد من الموارد للعلم والابتكار إلى تحديث كل من القوات التقليدية والنووية.

وبينما تمر باكستان بأسوأ أزمة اقتصادية، فإن ميزانية دفاعها تواجه قيودًا. ولذلك فإن سباق التسلح الذي بدأته الهند يدفع باكستان تعزيز قدراتها الدفاعية في وقت حرج. ورغم أن التحديات الأخرى مثل البيئة والوباء والفقر وغيرها، لم تتم معالجتها بعد، غير أن التهديدات الهندية قد تدفع باكستان إلى التخلي عن جميع هذه التحديات وتركز على الدفاع.

تضيف ثقة الهند في التقدم المطرد لبرنامج الدفاع الصاروخي الباليستي وسعيها الحثيث من أجل تطوير قدرة صواريخ تفوق سرعة الصوت متغيرًا جديدًا في الثنائي الاستراتيجي التنافسي بين الهند وباكستان. ونتيجة لذلك، يتفق خبراء الأمن الباكستانيون على أن إسلام أباد بحاجة إلى مواصلة تحديث قدراتها النووية. فعلى مدى عقدين من الزمن، بدا أن باكستان كانت تستثمر في تعزيز نووي محسوب؛ لأن النخبة الاستراتيجية تعتقد أن تطوير القدرة على القتل المفرط أو التورط في سباق تسلح مع الهند ليس في مصلحتها الوطنية. ولذلك، على الرغم من معارضة نيودلهي، سعت إسلام أباد إلى اتخاذ ترتيبات لضبط النفس في جنوب آسيا.

أما من الناحية الواقعية، فقد أصبحت الهند قوة صاروخية صاعدة. وهذا هو المكان الذي تحتاج باكستان إلى التركيز عليه في المنافسة الاستراتيجية. وعليها أن تراقب عن كثب التطورات وعمليات نشر الدفاع الصاروخي الباليستي في الهند، كما أنها بحاجة إلى أن تفعل كل ما في وسعها لتحقيق التوازن بين هذا الاندفاع الهندي نحو التفوق الصاروخي الهجومي والدفاعي.

ولكن.. أين يمكن أن تنفق إسلام أباد على أفضل وجه لضمان دفاعها في المستقبل؟

فإلى جانب الصواريخ الجوالة [كروز] والصواريخ الباليستية، يجب أن يكون التركيز على التقنيات الجديدة والناشئة التي تتجه بسرعة لأن تكون ضمن الأصول العسكرية.

وتتدهور السياسة العالمية والوضع الأمني ​​بشكل حاد. حيث وضع التوتر بين الصين والولايات المتحدة وروسيا العالم كله على المحك. وتتخذ الولايات المتحدة سياسات عدوانية لاحتواء الصين، ومقاومة صعودها، بالإضافة مواجهة الصحوة الروسية. وردًّا على ذلك، لم يتبق للصين وروسيا أي خيار للمعاملة بالمثل. لقد اعتادت الولايات المتحدة على ممارسة الضغط وتشكيل تحالفات ضد الخصوم، ورغم أن الناتو لم يعد فعالًا، فقد تم تقويض “الحوار الأمني الرباعي” أو (كواد)، إلا أن شراكة (أوكوس) [الاتفاقية الأمنية الثلاثية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة] التي جرى تشكيلها حديثًا هي التهديد الحقيقي؛ إذ قد يؤدي تسليح أستراليا بغواصة تعمل بالطاقة النووية إلى تعريض المنطقة بأكملها للخطر.

ولدى الولايات المتحدة أعلى ميزانية دفاعية، وأكبر عدد من القواعد العسكرية في الخارج، وهي منخرطة في مواجهات عسكرية في مختلف أنحاء العالم، فقد كانت تتمتع بوضع القوة العظمى الوحيدة في العالم أحادي القطب، ولكن في الآونة الأخيرة، واجهت مقاومة من روسيا والصين، وهذا هو سبب محاولتها الوقوف في مواجهتهم. ومع ذلك، فقد تدهور الاقتصاد الأمريكي، وأصابته الاضطرابات الاجتماعية، وتأثرت سمعته الدولية بشكل كبير؛ ولذلك تكافح واشنطن لاستعادة موقعها المفقود في الجغرافيا السياسية.

ولأن روسيا والصين يدركان النوايا والأفعال الأمريكية، فهما يستعدان أيضًا لأسوأ الأوقات؛ إذ تسعى كلٌّ منهما لاتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة التهديد الأمريكي. وسيكون للاختبار الذي أجرته الصين مؤخرًا لنظام توصيل أسلحة نووية تفوق سرعته سرعة الصوت تأثير استراتيجي على الجغرافيا السياسية، كما أن الرئيس “شي جين بينج” مصمم على تحقيق استراتيجية “التجديد العظيم للأمة الصينية” بحلول عام 2049.

وفي عام 2017، وضع هدف تحديث لجيش التحرير الشعبي لتحويل الجيش الصيني إلى جيش “من الطراز العالمي” بحلول عام 2049. ولذلك يقوم الجيش الصيني بتطوير القدرات اللازمة لتنفيذ ضربات دقيقة طويلة المدى مشتركة عبر المجالات، والفضاء شديد المعقد، والفضاء المضاد، والقدرات السيبرانية، وتسريع التوسع لقدراته النووية، كما أن الصين خططت لمضاعفة عدد رؤوسها الحربية النووية أربع مرات من 350 إلى 1000 رأس نووي بحلول عام 2030.

وبناءً على التجارب السابقة، لا يمكن لباكستان أن تكون ساحة معركة، وقد تتجنب أي مواجهة مباشرة أو غير مباشرة. إذ تؤيد باكستان السلام وحماية الأرواح ورفاهية الإنسانية فقط، وهي شريكة مع أي شخص، في أي مكان وفي أي زمان، من أجل السلام فقط، ومع ذلك، فهي على استعداد جيد لمواجهة أي تحدٍّ مفروض.

للاطلاع على الرابطالأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا