مودرن دبلوماسي | رؤية 2030 وتأثيرها على السعودية

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

تُعدّ المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الأكثر إنتاجًا للنفط في العالم؛ حيث تمتلك كميات هائلة من مخزون النفط في حقل الدمام. في العقود الماضية، هذه الميزة حوّلت اقتصاد السعودية بالكامل ليصبح قائمًا على البترول، الذي يمثل 90% من صادرات الدولة، و75% من عائدات الدولة، و40% من الناتج المحلي الإجمالي. اليوم، تنتج السعودية حوالي 16,2% من إجمالي إنتاج الوقود العالمي.

في بداية 2010، بدأت المعاهد والمنظمات المختلفة التنبؤ بأن مخزون النفط هذا لن يدوم للأبد، وإذا لم يتم اكتشاف البدائل الضرورية، قد يُعرّض نقص البترول المملكة لأزمات تاريخية. كان السبب الرئيس للانخفاض الضخم في المخزون هو استخدام الآلات الثقيلة والتكنولوجيا الحديثة؛ ما أتاح استخراج الوقود بكميات غير محدودة ودون أي قيود وضوابط.

استغرق التحوط من هذا التحذير سنوات عديدة لكي ينتقل من تحليل على مستوى المجموعات إلى تحليل على مستوى الدولة. في أبريل 2016، أعلن محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، عن مشروع برعاية مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية يُسمى “رؤية 2030”. كان الهدف الرئيس لهذه الرؤية هو تنويع اقتصاد السعودية بعيدًا عن النفط لكي يقلل الاعتماد على اقتصاد البترول. في هذا الصدد، اكتشاف مجالات مختلفة مثل السياحة، والأعمال، والتجارة والتصنيع مُدرج على اللائحة. ظهرت ضرورة هذه الإصلاحات أكثر أثناء جائحة كوفيد-19 عندما انخفضت أسعار النفط إلى المنطقة السلبية.

وخلال الجائحة، وصلت أرباح النفط إلى قيم سالبة، وكان منع الحج عاملًا رئيسيًّا آخر في تراجع الاقتصاد السعودي على الرغم من أنه جرى إنعاشه الآن. في هذا الصدد ومن أجل المستقبل، تنويع الاقتصاد حتمي من أجل التقدم المستمر للمملكة.

بيد أن القول أسهل من الفعل فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد. إنه يعني ثورة والتي يعرّفها جيفارا بأنها “ليست تفاحة تسقط عندما تنضج. لكن يجب أن تجعلها تسقط”. إن الصدمات التي تتعرض لها الدولة أثناء هذا التحول قد تصبح الأسوأ إذا لم يتم السيطرة عليها. في هذه السنوات، كان البترول العجلة المحركة للبلاد، وأصبحت التجارة والنقل والأعمال والكثير من الشركات متعددة الجنسيات غير المملوكة للدولة مرتبطة بهذه العجلة.

وتمتلك “رؤية 2030” ثلاثة أهداف رئيسية:

اقتصاد مزدهر – وضعت السعودية خططًا وبرامج معينة لتحويل اقتصادها وتنميته. هذا يشمل التركيز على قطاعات الأعمال، والتجارة، والسياحة.

ارتقت السعودية بنفسها في التعليم والتدريب المهني والفني من المركز 86 في 2019 إلى المركز 12 في 2021 وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. هذا يوفر مساواة ونهجًا أفضل للفقراء لكي يزدهروا في المحيط المتغير. وصلت السعودية إلى المركز السابع عالميًّا في مؤشر “كفاءة الإنفاق الحكومي” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. إنها تزيد مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20% في 2016 إلى 32% في 2021.

خفضت السعودية الوقت اللازم لإصدار التأشيرة من 15 يومًا إلى 4-5 أيام عمل. تُعد السياحة هي العامل الرئيس لتعزِّز الدولة صورتها على المستوى الدولي. قد تكون هذه الخطوة عنصرًا أساسيًّا في تحفيز السياحة في المملكة.

أمة طموحة – العملة الرقمية، والحرب الهجينة والسيبرانية والقوة النووية هي مستقبل العلاقات الدولية. اتخذت المملكة خطوات كثيرة بما يتوافق مع هذه التكنولوجيات. أطلقت السعودية برنامج حساب المواطن في 1 فبراير 2017. إن الهدف الرئيس لهذا البرنامج هو تخفيف تأثير الإصلاحات على الشعب السعودي، ويمكن رؤية الزيادة التدريجية في هذا المجال من 2017 حتى 2021. أنشات السعودية 33 محطة تحلية مياه في 17 منطقة تديرها المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، كما أكملت هذه المؤسسة 69% من تحلية المياه في الدولة و20% من تحلية المياه في العالم. إن ملوحة المياه مشكلة كبرى تغلبت عليها السعودية وأصبحت أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

مجتمع نشط – إن المجتمع النشط والمستقل عنصر مهم للحكومة المستقرة والفعالة. عززت المملكة احتياجات المواطنين وسعادتهم عبر وضع هذا العامل في الاعتبار. من 2019 إلى 2021، نظمت السعودية أكثر من 2000 فعالية من ضمنها 1750 لأغراض ترفيهية، و50 فعالية رياضية، و56 فعالية ثقافية حضرها أكثر من 46 مليون زائر.

ووفقًا لآخر تصنيف للدولة في وورلد ميتر لمتوسط الأعمار المتوقعة، وصلت السعودية إلى المركز 86 في العالم بمتوسط 75,69، كما شهدت ميزانيتها عزم الحكومة على التغيير. لقد خفضت الإنفاق على النفط بشكل كبير، والسبب الرئيسي الذي ذكرته هو جائحة كوفيد-19 التي تسببت بخسائر فادحة بسبب انخفاض أسعار النفط. وهكذا، تهدف الميزانية إلى إنفاق المزيد على القطاعات الأخرى التي جرى تجاهلها قبل ذلك.

 إن “رؤية 2030” تُعد بمثابة تحول ثوري مميز في السعودية، ولا شك أن واحدًا من العناصر الرئيسية للمملكة هو الاقتصاد، وكلما استطعت تغذية الأمة ستحصل على دعم وقوة أكبر منها.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا