موسم الموت.. رحلات جريمة منظمة من القرن الإفريقي إلى اليمن

إسراء عبدالمطلب
موسم الموت.. رحلات الجريمة المنظمة من القرن الإفريقي إلى اليمن

وتعتبر سواحل القرن الأفريقي، مثل سواحل "بوصاصو" الصومالية، نقاط انطلاق رئيسية لتهريب المهاجرين والأسلحة.


لطالما كانت القوارب تبحر بين القرن الإفريقي واليمن لنقل البضائع والأشخاص، إلا أن هذه الرحلات، التي كانت تعد عادية وآمنة نسبيًا، أصبحت في العقود الأخيرة “رحلات موت” وتسجل ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأرواح المفقودة.

ولم تكن الرحلة التي تستغرق من 12 إلى 16 ساعة بين القرن الإفريقي واليمن تشكل خطورة كبيرة في الأوقات العادية، ولكن ظهور الجريمة المنظمة في مجال الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات قد غير ذلك بشكل دراماتيكي، حسب منظمة الأمم المتحدة.

موسم الموت.. رحلات الجريمة المنظمة من القرن الإفريقي إلى اليمن

موسم الموت.. رحلات الجريمة المنظمة من القرن الإفريقي إلى اليمن

إجرام وتطرف 

هذه الشبكات الإجرامية هي المسؤولة عن العديد من المآسي الناتجة عن حوادث غرق المهاجرين، ما يستدعي جهودًا دولية مكثفة لدعم المؤسسات الشرعية في الدول المعنية، مثل اليمن والصومال، وضمان عدم استغلال أراضيها من قبل الجماعات الإرهابية والشبكات المنظمة.

وتتولى مليشيات الحوثي في اليمن وحركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال، قيادة هذه الجماعات التي تساهم في تعزيز الإجرام المنظم، واستغلت هذه الجماعات الفوضى لتأسيس شبكات معقدة تعمل في الاتجار بالبشر، إما كمصدر مالي مباشر أو كغطاء لأهداف أخرى.

تدفق المهاجرين إلى اليمن

منذ الانقلاب الحوثي في أواخر 2014، استفادت مليشيات الحوثي من تدفق المهاجرين إلى اليمن، ما جعلها تستخدم البلاد كبوابة عبور رئيسية لتحقيق أهدافها وتوسيع نفوذها في القرن الإفريقي، وتقوم مليشيات الحوثي بجذب المهاجرين واللاجئين إلى معسكرات خاصة في الحديدة والجوف وصعدة، حيث يتم تدريبهم وإعادة توظيفهم في مهام مختلفة بعد فترة من التدريب.

وفي الربع الأول من هذا العام، تم تسجيل دخول حوالي 5,500 شخص من القرن الأفريقي إلى اليمن، بينما وصل أكثر من 97 ألف شخص في العام الماضي، وبعض هؤلاء المهاجرين كانوا يطمحون للانتقال إلى دول مجاورة، بينما فضل آخرون البقاء في اليمن، البلد المثقل بالأزمات، وبعضهم وقع ضحية لجماعة الحوثيين، ولا يعرف العدد الدقيق لهم.

فاجعة جديدة

شهدت حوادث غرق قوارب المهاجرين ارتفاعًا ملحوظًا، إذ يُعد العدد الإجمالي للأحداث الأكبر في تاريخ البلاد منذ بداية النزاع الحوثي في أواخر 2014. النزاع قد أثر بشكل كبير على قدرة الدولة في مراقبة سواحلها التي تمتد على حوالي 2200 كيلومتر، ما جعل من الصعب مكافحة التهريب وتقديم المساعدة في حالات الطوارئ.

ولقي أكثر من ألفي شخص حتفهم في البحر، نتيجة عوامل مثل الطقس السيء، الحمل الزائد، وحشر العديد من الأشخاص في قوارب صغيرة، ما يسمح للمهربين بالاختباء تحت غطاء الصيد لتفادي الرقابة، وتعتبر سواحل القرن الإفريقي، مثل سواحل “بوصاصو” الصومالية، نقاط انطلاق رئيسة لتهريب المهاجرين والأسلحة، ووقع آخر حادث مروع في 20 أغسطس، عندما غرقت سفينة كانت تقل 13 شخصًا، ولا يزال 14 آخرين في عداد المفقودين بعد انقلاب القارب بالقرب من باب المندب.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن القارب، الذي كان قادمًا من جيبوتي، حمل 25 مهاجرًا إثيوبيًا واثنين من اليمنيين، وغرق في المياه القريبة من مديرية باب المندب غربي تعز، وتستمر عمليات البحث على أمل العثور على المهاجرين المفقودين والقبطان اليمني ومساعده، بينما السبب الدقيق لغرق السفينة لا يزال غير واضح.

موسم الموت

تُعرف الفترة من يونيو إلى أغسطس بـ”موسم الموت”، حيث يمثل الإبحار خلالها مخاطرة كبيرة بسبب الرياح وظروف الطقس القاسية. هذه الفترة قد تجعل الرحلة تستغرق حوالي 72 ساعة بدلًا من 12 إلى 16 ساعة في باقي فترات العام، ورغم المخاطر المتزايدة، تواصل شبكات التهريب استغلال المهاجرين لتحقيق مكاسب مالية، ما يؤدي إلى وفاة العديد منهم. الحوادث الأخيرة التي وقعت قبالة سواحل تعز وشبوة منذ يونيو أسفرت عن أكثر من 226 قتيلًا ومفقودًا، بينما أصيب الناجون بصدمات نفسية شديدة بعد بقاء أيام وليالٍ في البحر.

ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن هذه الحوادث تشكل تذكيرًا صارخًا بالمخاطر الكبيرة للطريق البحري الذي يعبره المهاجرون. ووفقًا للبيانات، وصل عدد الأفارقة إلى اليمن على متن قوارب العام الماضي إلى أكثر من 97 ألف شخص، بزيادة قدرها 24 ألف شخص مقارنة بعام 2022. منذ عام 2014، سجلت المنظمة وفاة وفقد أكثر من 2,082 شخصًا في هذا الممر، مع اتهامات متكررة للحوثيين بتغذية نشاط شبكات الجريمة التي تستغل المهاجرين وتضع الأرباح قبل الأرواح.

ربما يعجبك أيضا