موقع ألماني| بشأن الأزمة الأوكرانية.. هل يحسم بوتين الصراع مع الغرب؟

مترجمو رؤية

ترجمة: فريق رؤية

نشر موقع “فرانكفورتر ألجماينا تسايتونج” تقريرًا تناول الصرع المحتدم بين روسيا والغرب، بقيادة الولايات المتحدة، حول أوكرانيا التي طوّرت أسلحتها خلال الفترة الماضية لمواجهة التهديدات الروسية المتكررة بغزو أراضيها، ومستقبل المنطقة حال تطور الأوضاع هناك أكثر من ذلك.

واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرة أخرى، كييف والغرب بالتخطيط لتدمير بلاده من الداخل والقيام بحملات كاذبة، غير أن هذه التصريحات أيضًا لا تخلو من التناقض. والتقى بوتين خلال مؤتمر صحفي للرد على بعض التساؤلات، والتي كان من بينها موقف القوات الروسية المرتكزة على الحدود الأوكرانية وفي شبه جزيرة القرم، وهدف المناورات الروسية التي تضم حوالي أكثر من 1200 مظلة للتدريب على عمليات الغزو السريع في شبه جزيرة القرم ومنطقة كراسنودار جنوب روسيا.

وبدا الغضب بالفعل على الرئيس الروسي أثناء الحديث عن الأزمة الروسية الأوكرانية، وركّز على الضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، من ضرورة التخلي عن أي توسع مستقبلي وأي أنشطة للتحالف في محيط الأراضي السوفيتية وضرورة توفير منطقة عازلة.

فيما يعارض الغرب هذه المطالب الروسية ويعتبرها هجومًا على سيادة العديد من الدول، ومحاولة فاشلة لاستعادة ما حدث سابقًا وأدى إلى إقامة حلف وارسو والاتحاد السوفيتي اللذين كان مصيرها التفكك.

محادثات مع واشنطن أوائل يناير

ومع ذلك قال بوتين إنه كان هناك رد فعل إيجابي على المقترحات، وأنه من المنتظر أن تكون هناك محادثات أولية بيننا وبين الأمريكان في جنيف في أوائل يناير، فيما وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوتين بإجراء مفاوضات من أجل نزع فتيل التوترات في أوكرانيا، كما يحرص الرئيس الروسي على مواصلة الضغط المستمر على المعارضين في كييف والغرب، وقال بوتين: “إن الغرب دائمًا ما يحذرون من الحرب رغم أنه من الواضح أن كييف تخطط لـ “عملية عسكرية” جديدة ضد الجمهوريات الشعبية الموالية لروسيا في دونباس، ويقول الغرب لنا: لا تتدخلوا، ولا علاقة لكم بهذه الحرب؛ وإلا سيكون هناك عقوبات، لكن روسيا تعرف متى يجب أن تتدخل وكيف تتدخل في الوقت المناسب”.

أما الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي فاتهم الرئيس بوتين بدعم “العناصر المتطرفة” التي تسعى لتدمير القوات الأوكرانية الراغبة في الحفاظ على علاقات حسن الجوار مع روسيا، ولطالما سعى زيلينسكي إلى لقاء مع بوتين في دونباس، لكن الكرملين يرفض ذلك، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن روسيا تسعى لتغير المنطقة ديموغرافيا منذ أن تولى الرئيس المنتخب ديمقراطيًّا منصبه في عام 2019 من خلال تجنيس مئات الآلاف من سكان الجمهوريات الشعبية بالجنسية الروسية.

من جانبه، يرى السيد “أندريه كورتونو”، من المجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث تابع للحكومة، أن مخاوف الكرملين بشأن “الإمكانيات المتطورة” للجيش الأوكراني تُعدّ من أهم أسباب احتمالية قيام كييف بـ”هجوم عسكري” وشيك، لا سيما بعد التطور الكبير للجيش الأوكراني مقارنةً بما كان عليه بين عامي 2014 و2015، حيث يتسلح الجيش الأوكراني بصواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدبابات، والتي رفض الرئيس باراك أوباما قبل سبع سنوات بيعها لكييف، لكن خليفته دونالد ترامب سلّمها لكييف، فضلًا عن شراء واستخدام طائرات تركية بدون طيار، ويعتقد كورتونوف أن التدخل الروسي في دونباس أمر ممكن.

وفي المقابل يبرر الجانب الروسي التحركات الأخيرة بسبب الاستفزازات الأوكرانية، مثل الشراكة الأوكرانية الأمريكية التي يمكن أن تستخدم كذريعة للتدخل في المنطقة، الأمر الذي ترفضه موسكو بشدة. كما سعى بوتين إلى تأليب الغرب (الشعوب) ضد أوكرانيا، التي رفضت مرور الغاز عبر أراضيها ليمر – بدلًا من ذلك – عبر بولندا إلى ألمانيا؛ ما ساهم في زيادة سعر الغاز إلى مستويات قياسية.

أعداء بوتين في كل مكان!

أوكرانيا تريد أن تكون أداة في يد الغرب، كما يقول الرئيس الروسي بوتين، والذي قال إن أعداء روسيا يعلمون منذ قرون أنه لا يمكن هزيمة روسيا وإسقاطها إلا من الداخل، وهو ما حدث في نهاية الحرب العالمية الأولى وفي التسعينيات، حين خطط الغرب لتدمير الاتحاد السوفيتي من الداخل عن طريق دعم الإرهابيين في شمال القوقاز، ولذلك صرح بأن نهاية الاتحاد السوفيتي، الذي تنتمي إليه العديد من المناطق غير الروسية، كان بمثابة “انهيار روسيا التاريخية”، وأن ما جرى إنجازه خلال ألف عام ضاع خلال فترة مهمة من الزمن، ولذلك ستقف موسكو بالمرصاد لصد أي محاولات لتفكيك روسيا من الداخل، ومن ثَم فلن نسمح للخونة والعملاء الأجانب والمتطرفين بتدمير بلادنا.

وتابع بوتين أنه حتى بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، كانت روسيا أكبر من أن تستوعب الشركاء “الذين فقدوا إمبراطورياتهم، كما أكد بوتين أن تعداد روسيا الرسمي البالغ 146 مليون (بما في ذلك القرم) صغير جدًّا مقارنة بالخريطة الجيوسياسية للبلاد.

وكرر بوتين تحذيره للغرب الذي وعد روسيا خلال فترة الاتحاد السوفيتي بقيادة ميخائيل جورباتشوف بعدم توسيع الناتو، لكن ذلك لم يحدث، بل على العكس وسّع الناتو أنظمة الدفاع الصاروخي في رومانيا وبولندا، ومن ثم فلسنا نحن من يهدد، ومع ذلك فضم أوكرانيا لحلف الناتو خط أحمر.

وهناك تناقض أيضًا في تصريحات بوتين، حيث صرح مرة بأن الغرب مستمر في الكذب والخداع على روسيا، ومع ذلك يطالبه بضمانات مكتوبة، قد لا تمثّل أي أهمية حال الرغبة في التنصل منها، وأضاف أن “سياستنا لن تعتمد على مسار المفاوضات؛ بل على الضمان غير المشروط لأمن روسيا اليوم ومن منظور تاريخي”.

التلفزيون الروسي الحكومي يدعم موقف بوتين العسكري الدبلوماسي، حيث حذر الصحفي الروسي “دميتري كيسيليف” مؤخرًا من أنه إذا انضمت أوكرانيا إلى حلف الناتو أو إذا استغل الحلف الأراضي الأوكرانية عسكريًّا فمعنى ذلك أننا نسلم أسلحتنا للأمريكان، رغم أننا نملك بالفعل أسلحة تفوق سرعة الصوت وقادرة على الوصول إلى أمريكا بأسرع ما يمكن أن تصل الأسلحة الأمريكية أو البريطانية إلى موسكو من أوكرانيا، ومع ذلك سيكون هذا الأمر تكرار لأزمة كوبا عام 1962، عندما كادت تنشب حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بسبب الخلاف على مدى الصواريخ التي تتمركز في الجزيرة الكاريبية.

فيما يتابع السيد أندريه كورتونوف القول بأن مثل هذه التصريحات لها العديد من الأهداف، حيث إنها رسالة للغرب من جانب، كما أنها أيضًا موجهة للداخل الروسي، ومع ذلك فإن الحالة المزاجية للمجتمع الروسي تغيرت كثيرًا مقارنةً بما كانت عليه عامي 2014 و2015، حيث كان هناك آنذاك نشوة بضم شبه جزيرة القرم، وبدا أن بوتين يدفع بمشروع إمبريالي جديد “روسيا الجديدة” في بقية أوكرانيا. وتابع كورتونوف بأن المجتمع الروسي لن يدعم عملية عسكرية كبيرة في الخارج في الوقت الحالي؛ لأن السياسة الداخلية في روسيا هي الأهم في الفترة الحالية بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية؛ مثل التضخم المرتفع، وهذه القضايا لها الأولوية في المجتمع الروسي حاليًا، لا سيما مواجهة التضخم الذي وصل 8%، لكن الاقتصاد الروسي مع ذلك يسير في الاتجاه الصحيح، والسياسة الروسية هي الأخرى تثير بأقدام ثابتة.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا