ميزانية سلطنة عُمان تتحول إلى تحقيق فائض بفضل النفط.. ما التفاصيل؟

ولاء عدلان

تتوقع "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني أن تحقق سلطنة عمان خلال العام الجاري فائضًا ماليًّا بنسبة 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي


سجلت الميزانية العامة لسلطنة عُمان خلال شهري يناير وفبراير 2022، فائضًا ماليًّا بلغ 210 ملايين ريال “545.4 مليون دولار”، مقارنة بعجز بـ457 مليون ريال خلال الفترة نفسها من 2021.

يأتي ذلك نتيجة ارتفاع أسعار النفط على خلفية تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتحركها منذ 24 فبراير الماضي أعلى مستوى الـ100 دولار للبرميل، فيما توقعت السلطنة في يناير الماضي عجزًا في ميزانية 2022 بـ3.9 مليار دولار بتحديد سعر برميل النفط عند 50 دولارًا “فقط” للبرميل.

زيادة قياسية في الإيرادات

أفادت وزارة المالية العُمانية في 5 إبريل 2022، بأن إجمالي إيرادات الدولة منذ بداية 2022 حتى نهاية فبراير الماضي بلغت 1.918 مليار ريال “4.98 مليار دولار”، بنمو قدره 75.6% مقارنة بالإيرادات المتحصلة في الفترة نفسها من 2021، لافتة إلى أن الميزانية العامة واصلت تحقيق فائض مالي بنهاية فبراير بلغ 210 ملايين ريال، مقارنة بعجز قدره 457 مليون ريال في الفترة نفسها من 2021.

وفي المقابل سجل الإنفاق العام حتى نهاية فبراير الماضي نموًا بـ10.2% وبلغ 1.707 مليون ريال “4.4 مليار دولار”، نتيجة لارتفاع سداد فوائد القروض إلى نحو 483 مليون دولار، وجملة المصروفات الاستثمارية للوزارات المدنية إلى 145.5 مليون دولار، ومصروفات نقل وشراء الغاز إلى 123 مليون ريال “319.5 مليون دولار”، وفقًا لوكالة الأنباء العمانية.

قفزة النفط تنعش ميزانية عُمان

عزت وزارة المالية قفزة إيرادات الميزانية خلال يناير وفبراير 2022 إلى ارتفاع متوسط إنتاج النفط إلى 1.019 مليون برميل يوميًّا من متوسط 953 ألف برميل يوميًّا خلال الفترة نفسها من 2021، مع ارتفاع متوسط سعر النفط المحقق إلى نحو 81 دولارًا للبرميل، مقابل 42 دولارًا للبرميل عن الفترة نفسها في 2021، وفقًا لبيان وزارة المالية العمانية و”بلومبرج“.

وقفز صافي عائدات النفط بـ81.4% إلى 1.094 مليار ريال “نحو 2.8 مليار دولار”، وارتفعت إيرادات الغاز خلال يناير وفبراير بـ116.6% إلى 509 ملايين ريال “1.3 مليار دولار”، فيما قفزت الإيرادات الجارية بـ29.6% على أساس سنوي، نتيجة بدء تحصيل ضريبة القيمة المضافة “5%” التي أقرتها الدولة في إبريل الماضي، يشار إلى أن الإيرادات النفطية تمثل نحو 44% من الناتج المحلي للسلطنة.

Untitled745

المصدر: وزارة المالية العُمانية

إدارة الدين العام

أشارت المالية العُمانية إلى أنها تستهدف خفض المديونية العامة لتصل إلى 19.46 مليار ريال “50.5 مليار دولار” بنهاية إبريل الجاري، موضحة أن إجمالي المبالغ المعتمدة في ميزانية 2022 لسداد القروض بلغ نحو 4 مليارات ريال “10.4 مليار دولار”.

وأفادت بأنها تسعى بنهاية إبريل الجاري لسداد قروض تتجاوز قيمتها 7.4 مليار دولار، وذلك في إطار استراتيجيتها لإدارة الدين العام، وخطتها لتوظيف الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع متوسط أسعار بيع النفط لخفض العجز المالي وتقليل تكلفة ومخاطر الدين العام، وكشفت عن أن إجمالي القروض المسددة حتى مارس الماضي بلغ 1.49 مليار ريال منها سداد قرض بقيمة 850 مليون ريال قبل موعد استحقاقه.

رفع تصنيف السلطنة لأول مرة منذ 2015

مطلع الشهر الجاري، توقعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني أن تحقق سلطنة عمان فائضًا ماليًّا بنسبة 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، بخلاف العجز المالي الذي كان مقدرًا سابقًا بنحو 4.6% من الناتج المحلي، وأشارت إلى أنها قررت رفع تصنيفها الائتماني للسلطنة من +B إلى BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك لأول مرة منذ 2015.

وعزت “ستاندر آند بورز” رفع التصنيف إلى تحسُّن مؤشرات المالية العامة وانخفاض مخاطر الدين العام جراء ارتفاع عوائد النفط، وحزمة الإصلاحات التي أقرتها البلاد في 2020 لضبط المالية العامة وخفض الدعم وزيادة الحصيلة الضريبية، لافتة إلى أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3.9% هذا العام، وفقًا لـ”بلومبرج” و”العمانية“.

توقعات إيجابية

قالت “ستاندر آند بورز” في تقريرها، إن التصنيف الائتماني للسلطنة قد يرتفع خلال الفترة القادمة إلى مستويات أعلى في حال شهد النمو الاقتصادي والأوضاع المالية تحسُّنًا ملحوظًا مقارنة بتوقعاتها الحالية، والتي تشمل انخفاض معدل الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى نحو 49.6%، مقارنة بـ65.1% في توقعات سابقة.

فيما توقعت وكالة “فيتش” في ديسمبر 2021، أن تشهد الميزانية العُمانية لهذا العام انخفاضًا للعجز المالي وتراجعًا لمستوى الديون الخارجية تدريجيًّا ليصل في المتوسط إلى 3 مليارات دولار خلال الفترة من 2023 إلى 2026، لافتة إلى أنها عدلت نظرتها المستقبلية للسلطنة إلى “مستقرة” من “سلبية”، مع التحسن الفعلي والمتوقع للمؤشرات المالية بفضل ارتفاع النفط والإصلاحات المالية، وفقًا لـ”الإندبندنت“.

الحرب تشعل أسعار النفط

أفادت المالية العمانية في بيانها بأنه من المتوقع أن تتراوح أسعار النفط بين 135- 101 دولار للبرميل على المدى القصير 2022 -2023 في حال استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي غذت صعود الأسعار إلى مستويات قياسية، فبلغت مطلع شهر مارس 128 دولارًا للبرميل، وحاليًّا تتداول عند مستوى 102 دولار للبرميل.

وفي مارس الماضي، قال سلطان عُمان “هيثم بن طارق آل سعيد”، إن بلاده تخطط لاستخدام المكاسب غير المتوقعة من عوائد النفط لخفض ديونها وزيادة الإنفاق على مشاريع التنمية، يشار إلى أن السلطنة تستهدف خفض اعتمادها على عائدات النفط إلى 10% بحلول 2040، وفقًا لـ”بلومبرج“.

 

ربما يعجبك أيضا