نيويورك تايمز: الحرب غير مرجحة لكن ليست مستبعدة.. كابوس بايدن قد يكون الصين

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

أول شيء يجب قوله هو أن الحرب مع الصين لن تحدث على الأرجح، ومع ذلك، إذا حدث هذا، فقد يبدأ في مكان غامض لم يسمع به سوى القليل، مثل جزر براتاس أو كينمن، وكلتاهما تسيطر عليهما تايوان إلا أنهما أقرب إلى الصين.

ويخشى بعض الصينيين والأمريكيين، على حدٍّ سواء، من أن الرئيس الصيني “شي جين بينج” ربما يُقْدِم على غزو كلتاهما أو إحداهما للضغط على تايوان، أو أن يرسل غواصة لقطع الكابلات البحرية التي تنقل خدمات الإنترنت إلى تايوان، أو ربما يعيق شحنات النفط إلى تايوان، أو قد يأمر بهجوم إلكتروني لإسقاط النظام المصرفي في تايوان.

ولا يعتقد معظم الخبراء أن مثل هذا الهجوم محتمل (كما أن الإقدام على غزو شامل لتايوان أقل احتمالية)، ولكنه أصبح خطرًا أكبر بكثير مما كان عليه منذ عقود. وما بدأ في براتاس أو كينمن لن ينتهي عند هذا الحد، فمن المرجح أن تنجذب الولايات المتحدة إلى ما يحتمل أن يكون أخطر مواجهة مع قوة نووية أخرى منذ أزمة الصواريخ الكوبية.

لذلك بينما نحاول تهدئة “الحرب” الحزبية في واشنطن، دعونا نعمل بجد أكبر لمنع حرب دولية حقيقية في آسيا، فالسنوات المقبلة تمثل أكبر المخاطر منذ أن بدأت في تغطية العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في ثمانينيات القرن العشرين، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن “شي” يشعر بالثقة الزائدة ويتنمر على المخاطرة ويعتقد أن الولايات المتحدة تمر بحالة من التدهور.

من جانبها، قالت “بوني جلاسر”، مديرة مشروع “تشاينا باور” في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن: “أعتقد أن من غير المرجح أن تكون هناك مواجهة عسكرية هناك، ومع ذلك فإنني لا أستبعد ذلك”.

ويبدو هذا صحيحًا بالنسبة لي، ولكني أشعر بالقلق أيضًا من أن نكون مخطئين، إذ كان عدد قليل هم من توقعوا أن يخوض “شي” معارك مع الهند على حدودهما المشتركة، كما فعل عدة مرات في العام الماضي، ولذلك نأمل ألا يكون متهورًا بالمثل تجاه تايوان ويثير حربًا مع الولايات المتحدة.

سيكون التعامل مع “ميتش مكونيل”– زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي– أكثر سهولة للرئيس “جو بايدن” مقارنة بالتعامل مع شي، إذ سيكون التحدي الذي سيواجه بايدن هو محاولة تقييد الزعيم الصيني الذي شن حملات قمع في هونج كونج، وعمليات إبادة جماعية في منطقة شينجيانج، والذي كان متعنتًا في المسائل التجارية، وانتهك قضايا حقوق الإنسان، وغير المخلص في كل شيء، بينما لا يزال يتعاون مع الصين في قضايا مثل تغير المناخ، ومخدر الفينتانيل، ‏وكوريا الشمالية، التي يتوقع العديد من الخبراء أن تستأنف إطلاق الصواريخ هذا العام. ورغم هذا كله، ليس لدينا استراتيجية للتعامل مع الصين، كما أنني لست متأكدًا من أن نكون على قدر هذه المهمة.

وأشار وزير الخارجية “أنطوني بلينكين” إلى أنه سيواصل ما أسماه “نهجًا أكثر صرامة تجاه الصين” الذي أقره “دونالد ترامب”، وإن كان يضيف مخاوف بشأن حقوق الإنسان والعمل مع الحلفاء لجعل هذا النهج أكثر فعالية. ومع ذلك، ينظر الجمهوريون إلى سياسة الصين باعتبارها نقطة ضعف لهذه الإدارة، مع بعض السخرية من “بايدن بكين”، وشجب السناتور “تيد كروز” “احتضان فريق بايدن للحزب الشيوعي الصيني”.

وكل هذا هراء؛ لأن بايدن جنَّد فريقًا ممتازًا ومتشددًا من خبراء آسيا، غير أن الانتقادات تعكس تشددًا تجاه بكين عبر الطيف السياسي مما لا يترك مجالًا كبيرًا للدبلوماسية، وهذا يجعلني متوترًا.

كنتُ في ساحة “تيانانمن” عندما فتحت القوات الصينية النار على المتظاهرين في عام 1989، وكان لدي أصدقاء صينيون مسجونون أكثر مما أستطيع أن أحصي، وليس لديّ أوهام بشأن بكين، لكني أشعر بالقلق من أن قطارين يندفعان نحو بعضهما البعض، لعدة أسباب:

  • نحن الأمريكيين لدينا نمط من التهديدات المبالغ فيها، ركزنا في أوقات مختلفة على الناصرية ودومينو جنوب شرق آسيا و”اليابان في المرتبة الأولى”. وبالنظر إلى الماضي، كان لهذه المخاوف بعض الأساس ولكنها كانت مفرطة في التبسيط؛ دعونا لا نكرر هذا الخطأ في حالة الصين.
  • يجب أن نضع شيئًا من التواضع في مناقشاتنا حول الصين، فالانتقادات الموجهة إلى “شي” تستحق، ولكن من الصحيح أيضًا أن عمر الطفل المولود في بكين اليوم أطول (82 عامًا) من الطفل المولود في واشنطن (78). وقد أخطأت الصين بشكل سيئ في معالجتها الأولية لتفشي فيروس كورونا، ولكنها تحركت بعد ذلك في جميع الاتجاهات لوقف الفيروس وإنقاذ مئات الآلاف من الأرواح، فالصين مكان معقد ومتناقض، وليس كاريكاتير.
  • دعونا نفرق بين شي والصين، وننتقد الأول دون شيطنة الأخيرة، فكبار المسئولين الصينيين وأفراد أسرهم يصفون “شي” بعبارات لاذعة، حيث وصفه أحدهم لي قبل أيام قليلة بأنه “شخص مجنون”؛ ولذلك يجب تجنب إهانة البلد بأكمله وإجبار المسئولين على الالتفاف حول زعيمهم.
  • يحتاج بايدن إلى التحكم في “شي” وتقليل مخاطر الحرب دون توجيه اللكمات، إذ ينبغي على بايدن أن يدين الإبادة الجماعية في شينجيانج، ولكن لا يسعى إلى مقاطعة أولمبياد بكين 2022، وعليه أن يقوي العلاقات مع تايوان ولكن دون استفزاز لـ “شي” لا داعي له، ويمكننا إرسال أفراد الجيش الأخضر للتدريب مع القوات المسلحة التايوانية دون نشر فيديو للتدريب، كما فعلت إدارة ترامب، كما يمكننا أيضًا العمل مع الصين لتقليل مخاطر الحوادث والتصعيد.

من جانبه، أشار “ديفيد شامبو”، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن ومدير برنامج بحوث السياسة الصينية، ومؤلف العديد من الكتب الممتازة عن العلاقات الأمريكية الصينية: “لقد تعلمنا مع الاتحاد السوفيتي كيفية الحفاظ على برودة الحرب الباردة”، مقترحًا إزالة الغبار عن صندوق أدوات الحرب الباردة لمعرفة ما إذا كانت اتفاقيات الحد من التسلح والخطوط الساخنة والمشاورات العسكرية يمكن أن تخفض درجات الحرارة، مؤكدًا أننا “الآن في مياه خطيرة للغاية”.

للإطلاع على المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا