نيويورك تايمز: قطر استوردت فريقها الأولمبي كما تستورد جميع احتياجاتها

بسام عباس

ترجمة- بسام عباس

لم تكتف الدولة الخليجية الصغيرة، بأن معظم سكانها من العمال الأجانب، بل تطلعت إلى أبعد من ذلك.. إلى استيراد الرياضيين أيضًا. ورغم وجود الكثير من الرمال في قطر، إلا أنه لا توجد الكثير من الحفلات الشاطئية. على الأقل، ليس ذلك النوع من الحفلات الذي يجذب لاعبي الكرة الطائرة الشاطئية، مرتدين البيكيني والسراويل القصيرة.

ومع ذلك، فإن الافتقار إلى هذه الحفلات لم يمنع قطر من استيراد فريق كرة الطائرة الشاطئية من الدرجة الأولى. حيث تنافس شريف يونس وأحمد تيجان يوم السبت على الميدالية البرونزية [والتي أحرزاها بالفعل بعد التغلب على الثنائي اللاتفي مارتينس بلافينس وإدجارس توكس] في مسابقة الكرة الطائرة الشاطئية للرجال في الأولمبياد، بعد أن تغلبا أيضًا على إيطاليا، صاحبة الميدالية الفضية لعام 2016.

وقال يونس: “الجميع يعرف قطر الآن في كرة الطائرة الشاطئية… إنها على الخريطة”. وتحاول قطر مسلحةً بالأموال والمدربين ومرافق التدريب الحديثة، تجميع قوة رياضية جديرة باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ناهيك عن الأحداث الرياضية البارزة الأخرى التي كانت الدولة الخليجية الصغيرة حريصة على جذبها.

ففي طوكيو، قدمت قطر 16 متسابقًا –  13 رجلًا وثلاث سيدات، معظمهم مجنَّسين من دول أخرى. ومن بينهم رياضيون من موريتانيا ومصر والسودان والمغرب – لتمثيلها، حيث تخلى الكثيرون عن أسمائهم الأصلية بهدف خوض المنافسة، وفي المقابل يحصلون على رواتب وفرص ربما تكون مستحيلة في بلدانهم الأصلية.

من جانبه، قال “عبد الرحمن سامبا”، الذي احتل المركز الخامس في أولمبياد طوكيو في سباق 400 متر حواجز: “إننا من أفضل الدول التي تدعم الرياضة، الحكومة تدعمنا لتحقيق أهدافنا”، وأضاف: “لا أعتقد أنه يمكنني إخباركم الآن بكل الدعم، سيستغرق الأمر أيامًا”.

وقد نشأ السيد سامبا في السعودية وترشح للعب باسم موريتانيا، موطن والديه، قبل أن يظهر كمنافس قطري في عام 2016، بعد حوالي عام من انتقاله إلى هناك، وقال: “لقد ساعدوني في تحقيق حلمي.. لقد أعطوني كل شيء”.

وبينما نشأ يونس، لاعب الكرة الطائرة الشاطئية، في السنغال، فإن أصول شريكه، تيجان، تعود إلى غامبيا. وقد جندهما الكشافة القطريون الذين يجوبون شواطئ داكار، العاصمة السنغالية، ويبحثون عن مواهب سريعة للعب من أجل تحقيق أمجادًا رياضية لقطر وليس لموطنهم الأصلي.

وينحدر “فارس البخ” المعروف في دوائر رفع الأثقال المعروف باسم “ميسو حسونة”، الحاصل على الميدالية الذهبية الأولى لقطر في طوكيو، من أسرة رياضية فقد كان والده “إبراهيم حسونة” رافع أوزان أولمبي مصري، مثَّل مصر في ألعاب 1984 و1988 و1992، وقد سار ابنه على خطاه، لكن تحت راية دولة أخرى. ففي الأسبوع الماضي، حصد فارس ​​رقمين قياسيين في وزن 96 كيلوغراما وفاز بالميدالية الذهبية الأولمبية الأولى في تاريخ قطر.

كما تنافس، هذا الأسبوع، عداء يُدعى “إمري ظافر بارنز” لصالح تركيا في سباق 100 متر اندفاعة في أولمبياد طوكيو، وقبل ست سنوات، كان مواطنًا جامايكيًا يدعى “وينستون بارنز”، وقد أصبح مواطنًا تركيًّا مع عداء آخر مولود في جامايكا، “جاك علي هارفي”، المعروف سابقًا باسم “جاك مونتغمري هارفي”. وكلاهما فشل في تحقيق أي نتائج إيجابية في الجولات التمهيدية، وقد لفت بارنز إلى أن دخله في تركيا مرتبط بأدائه الرياضي، وقال: “في جامايكا، كما تعلمون، هناك الكثير من الرياضيين يركضون بسرعة كبيرة؛ ما يؤهلهم للحصول على الميدالية، والصعود على منصة التتويج، وهو ما لا يترك مساحة لأشخاص آخرين مثلي”.

وفي دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو، تنافس ما يقرب من 50 رياضيًا من مواليد الولايات المتحدة، وفاز ثمانية منهم بميداليات، كان من بينهم أربعة متسابقين من كينيا مجندين في برنامج للجيش الأمريكي يعمل على التدريب الرياضي للخدمة العسكرية.

ومع ذلك، تظل الولايات المتحدة دولة تدعمها الهجرة بشكل منتظم. وبالمثل ففي قطر، التي تعتمد بشكل كبير على العمالة المستوردة، يمثل الأجانب 90% من السكان، إلا أن عددًا ضئيلًا فقط يمكن أن يحصل على الجنسية، ويدخل الرياضيون ضمن الاستثناءات.

وترافقت عملية هدم مبنى الاستاد وتجديده في قطر استعدادًا لاستضافة المونديال، مع إساءة معاملة العمالة المهاجرة، وفقًا لتقارير مجموعات حقوقية دولية، التي قالت إن جائحة فيروس كورونا جعلت هؤلاء العمال الأجانب أكثر عرضة للخطر. وقد أعرب الاتحاد الدولي لألعاب القوى عن مخاوفه بشأن شكل آخر من العمالة المستوردة، وهو تجنيد الدول الغنية للعدَّائين الأفارقة، وشبّه رئيسه، سيباستيان كو، هذه الممارسة، في أشكالها المتطرفة، بالاتجار.

وقد بدأت قطر، التي تتمتع بأحد أعلى معدلات دخل الفرد في العالم، في تجنيد الرياضيين الأجانب منذ فترة طويلة. ففي عام 1992، فازت البلاد بأول ميدالية أولمبية (برونزية) بفضل “محمد سليمان”، المتخصص في سباق 1500 متر، والذي ولد في الصومال. كما جنّدت قطر اثنين من أشقائه، كما جاءت الميدالية التالية للبلاد بعد ثماني سنوات، من رافع أثقال من بلغاريا. وفي عام 2008، استقبلت “أكاديمية أسباير”، التي تمولها الحكومة القطرية، الدفعة الأولى من الطلاب، بهدف أن تصبح “الأكاديمية الرياضية الرائدة في العالم في تطوير الرياضيين الشباب”.

وأحد نجوم هذه الأكاديمية هو “معتز عيسى برشم”، لاعب الوثب العالي الذي تقاسم الميدالية الذهبية مع منافسه الإيطالي. وقد نشأ في قطر، إلا أن والده من أصول سودانية. ويقول المدربون في الخليج إن الآباء العرب الأثرياء نادرًا ما يسمحون لأطفالهم بممارسة الرياضة كمهنة. وعلى النقيض من ذلك، يمكن اعتبار الرياضة وسيلة للخروج من الفقر بالنسبة للكثير من الأطفال في إفريقيا.

وتعد فرصة العمل مع كبار المدربين في منشآت فاخرة إغراءً سهلاً لقطر، إلا أن هناك من يعرب عن مخاوفه من أن قطر لا تلعب بشكل عادل، ففي عام 2016، تم القبض على “جاما عدن”، مدرب سباقات المضمار الصومالي البارز المقيم في قطر، بمواد غير قانونية لتحسين الأداء في غرفته بالفندق في إسبانيا، وكان موضع تحقيق جنائي. كذلك ألقت الشرطة الإسبانية القبض على عداء قطري، ذي أصل سوداني.

وقبل أشهر، تم استبعاد عداء نيجيري المولد قطري الجنسية بأثر رجعي من أولمبياد 2008 في بكين بعد أن جاءت اختبارات إعادة تعاطي المنشطات إيجابية. كما تم تعليق عداء قطري آخر من أصل نيجيري لمدة عامين في عام 2012 بعد أن جاء اختباره إيجابيًّا لمادة “كلينبوتيرول”.

من جانبه، أكد شريف يونس، الذي ظهر لأول مرة في الألعاب الأولمبية في عام 2016 بالاشتراك مع لاعب برازيلي المولد، إن دعم قطر كان الطريقة الوحيدة التي مكنته من تحقيق أعلى المستويات في الكرة الطائرة الشاطئية، وأضاف أنه لعب كرة السلة في السنغال منذ سن الثامنة، وجاء الكشافة الأمريكيون لاختباره. ولم تكن كرة السلة ذات أهمية له، بل عزف عنها خشية الإصابة، وانتقل إلى رياضة أخرى يفضلها، وقال إن “كرة الطائرة الشاطئية ممتعة… شكرًا قطر على وجودي هنا”.

للإطلاع على المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا