هبة البشبيشي لـ«رؤية»: بوركينا فاسو تتجه نحو «عسكرة الدولة» وانتحار العملية السياسية

شروق صبري
هبة البشبيشي استاذة العلوم السياسية

مدد المجلس العسكري في بوركينا فاسو حكمه لمدة خمس سنوات، فهل يثير هذا القرار شبح انقلابات جديدة في أفريقيا؟


أقر ميثاق جديد في بوركينا فاسو بقاء المجلس العسكري الحاكم في السلطة لمدة 5 سنوات أخرى، بعدما اقترح مُشاركون في المُحادثات الوطنية تمديد الفترة الانتقالية إلى الديمقراطية لمدة 60 شهرًا اعتبارًا من يوليو 2024.

وكانت قد استولت السلطات العسكرية على السلطة في انقلاب عام 2022، ووعدت بإجراء انتخابات في يوليو من هذا العام لاستعادة الحكم المدني، لكنها قالت أيضًا إن الاعتبارات الأمنية ستكون لها الأولوية.

تراجع الديمقراطية

ذكر موقع “naijanews”، النيجيري، اليوم الأحد 26 مايو 2024، أنه وفقًا للميثاق الجديد الذي وقعه القائد العسكري، إبراهيم تراوري، فإن الفترة الانتقالية محددة بخمس سنوات اعتبارًا من 2 يوليو، وأضاف أن “الانتخابات التي تمثل نهاية الفترة الانتقالية يمكن تنظيمها قبل هذا الموعد النهائي إذا سمح الوضع الأمني بذلك”.

ومن المُرجح أن يؤدي هذا التأخير الكبير إلى تعميق المخاوف بشأن تراجع الديمقراطية في غرب ووسط إفريقيا، حيث وقعت 8 انقلابات على مدى السنوات الأربع الماضية، كما يسمح الميثاق لتراوري بالترشح للرئاسة عند إجراء الانتخابات.

تفاقم العنف

كان العنف قد تفاقم في منطقة الساحل بغرب إفريقيا، والذي يغذيه القتال المستمر منذ 10 سنوات مع الجماعات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، منذ استيلاء الجيشين على السلطة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر المجاورتين.

ووفقًا لمجموعة مراقبة الأزمات ومقرها الولايات المتحدة، شهدت بوركينا فاسو تصعيدًا حادًا للهجمات المميتة في 2023، حيث قُتِل أكثر من 8 آلاف شخص.

بوركينا فاسو

بوركينا فاسو

عسكرة الدولة

قالت الدكتورة هبة البشبيشي أستاذ الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إنه من الواضح أن هناك اتجاه عنيف داخل بوركينا فاسو لـ”عسكرة الدولة”، وإلغاء كافة الإجراءات المدنية والمُشاركات في الحكم من القطاع المدني، وأصبحت المسألة “عسكرة القطاع المدني”.

وأوضحت البشبيشي أن “عسكرة القطاع المدني” اتضحت من خلال المدنيين في بوركينا فاسو، الذين انشأوا قوات معينة تشبه اللجان الشعبية للتصدى للهجمات المسلحة التي يشنها الإرهابيين على ممتلكات المواطنين، وبدأت كل مجموعة في منطقة بتسليح الشباب للدفاع عنها.

استقطاب للمدنيين

قالت أستاذ الدراسات الإفريقية إن الجيش بدأ يستقطب المدنيين داخل صفوف القوات المسلحة ليتولى مسؤولية الدفاع عن المواطنين، في شكل جماعات مسلحة أو ما يسمى “اللجان الشعبية” داخل بوركينا فاسو، للدفاع عن الممتلكات الشخصية.

وأردفت: “قد وعد الجيش هذه اللجان المُسلحة بمعدات ودعم عسكري، وهذا يعد توجهًا كاملًا لعسكرة الدولة، إذن أين دور الجيش الوطني؟ وكيف سيكون شكل الحكم بالبلاد؟ ولماذا يحدث عسكرة للدولة طالما أن الجيش من المفترض أن يقوم بهذا الدور؟”.

المجلس العسكري في بوركينا فاسو

المجلس العسكري في بوركينا فاسو

انهيار كامل للدولة

رأت البشبيشي أن دور الجيش الوطني سيكون من خلال الإشراف على المجموعات المدنية التي تتسلح، وهذا يعني أن الدولة “دخلت مرحلة من الهذيان”، وتساءلت: “أين الدولة وإنتاجها؟”.

وأشارت إلى أن معظم إنتاج دول غرب إفريقيا متوقف لأنه معتمد على تهريب المعادن النفيسة، أو إنتاج البترول وتهريب المعادن الثقيلة الموجودة فيها مثل الألماظ والذهب، وبوركينا فاسو مشهورة باليورانيوم وغيره من المواد الثقيلة الموجودة فيها، وهذه المواد الخام يتم تهريبها أو تصديرها من أجل الحصول على العملة.

وأضافت في تصريحاتها لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “مسألة عسكرة الدولة تعني أنه لا يوجد أمامها فرصة للإنتاج أو تشغيل القطاع الخاص، وبالتالي نحن أمام فرصة انهيار كامل للدولة”.

انتحار العملية السياسية

تابعت البشبيشي: “مسألة عسكرة الدولة في بوركينا فاسو تمثل مؤشرًا خطيرًا جدًا، ويعني ذلك أن هذه العدوى ستنتقل لباقي الدول في غرب إفريقيا، ومن المتوقع أن يكون هناك انقلابات أخرى، ولن يكون انقلاب النيجر هو الأخير، وقد يتكرر ذلك في الجابون أيضًا”.

ولفتت إلى أن كل الدول التي حدثت فيها انقلابات عسكرية اتضح أن العسكريين انفردوا فيها بالحكم، وحدث ذلك بصورة غير مسبوقة في غرب إفريقيا، حيث سيطروا على مقاليد الحكم.

واختتمت حديثها قائلة: “في النهاية لا توجد مشاركة للقطاع المدني أو الشعبوي داخل الحكم في بوركينا فاسو وفي كثير من دول غرب إفريقيا، وهذا يعني انتحار العملية السياسية في بوركينا فاسو وغرب إفريقيا بشكل عام”.

ربما يعجبك أيضا