هل تؤمن «لعبة المقايضة» مقعدًا لإيران في سوق الغاز العالمية؟

يوسف بنده

تستغل إيران علاقاتها مع روسيا في دعم قطاع الطاقة لديها وسد نقص إنتاجها من الغاز.


تواجه روسيا عقوبات أوروبية دفعتها للبحث عن أسواق بديلة لصادراتها من النفط والغاز داخل آسيا، خاصة في الهند والصين.

ويبدو أن إيران تسعى لاستغلال التوجه الروسي نحو آسيا في “لعبة مقايضة” تدعم بها صادراتها النفطية، مستقبلًا، نحو أسواق جديدة بعيدًا عن السوق التقليدية في القارة الصفراء.

وزير النفط الإيراني إلى روسيا

يعتزم وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، السفر إلى روسيا، اليوم الاثنين 31 أكتوبر 2022، لمناقشة اتفاقية بقيمة 40 مليار دولار مع شركة “جازبروم” الروسية للطاقة، من أجل تطوير حقول النفط والغاز في البلاد. وكذلك يوجد نحو 50 مسؤولًا إيرانيًّا بالفعل في موسكو، لعقد اجتماعات ثنائية، حسب ما أوردته وكالة “دانشجو” الإيرانية.

ووقعت هيئة النفط الوطنية الإيرانية و”جازبروم”، يوليو الماضي، مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي، تتضمن تطوير حقلي غاز كيش وبارس الشمالي، وتطوير حقل بارس الجنوبي، وتطوير 6 حقول نفطية، ومقايضة الغاز، واستكمال مشاريع الغاز الطبيعي المسال، وإنشاء خطوط أنابيب لتصدير الغاز.

مقايضة الغاز

قال مساعد وزير الخارجية الإيراني، مهدي صفري، إن بلاده تعتزم شراء الغاز من روسيا، في إطار عملية المقايضة، ومن ثم بيع الغاز الايراني إلى دول الجوار. وأضاف أن قرابة 5.6 مليار دولار من التفاهم المبرم مع شركة “جازبروم”  تحولت إلى اتفاقيات، ومن المؤمول استكمال بقية الاتفاقية، حسب ما ذكرته “إذاعة طهران“.

وأضاف صفري أن الزيارة السابقة لوزير النفط إلى روسيا شهدت نقاشًا في اللجنة المشتركة بشأن مقايضة النفط والمشتقات، الروسية وخلال أيام، قد يتوصل الجانبان لاتفاق بشأن الكميات. وأوضح أن حجم مقايضة الغاز هو 10 ملايين طن سنويًّا، وأن هذه الاتفاقية على وشك توقيعها.

التصدير لدول الجوار

شرح صفري أن روسيا تنفّذ مشروعًا لإنشاء خطوط نقل الغاز داخل باكستان لتصدير الغاز الإيراني عبره. وكذلك أعلن إنشاء شركة إيرانية روسية مشتركة، لمد خطوط نقل الغاز إلى دول الخليج وبحر عمان، وتبلغ حصة كل بلد 50% في هذا المشروع.

وأوضح أن الروس يستخدمون تكنولوجيا خاصة لإنشاء أنابيب نقل الغاز في قاع البحر بهذا المشروع. وكذلك، فإن المقايضة تساعد إيران على توفير الغاز لمحافظتها الشمالية، في حين تصدّر الغاز من حقول الجنوب إلى دول الجوار في الخليج وباكستان.

636246 1553507601

تعاون تقني

أعلنت إيران أنها أبرمت عقدًا مع روسيا لتزويدها بـ4 توربينًا، بهدف مساعدتها في مجال تكثيف الغاز، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو. ويبدو أن طهران تعتزم تقديم الدعم التقني والمعدات، التي تحتاجها الأولى، من أجل إنجاح اتفاقية مقايضة الغاز بين البلدين.

وحسب تصريحات المسؤولين في إيران، فإن البلاد تنتج 85% من المعدات التي تحتاجها صناعة الغاز بالداخل، وبالاستناد إلى هذه القدرات، قد تنجح طهران في بناء علاقة قوية مع موسكو في مجال تبادل الطاقة، خاصة أن روسيا بدأت الاهتمام بأسواق أسيا بعد توتر علاقاتها مع أوروبا، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

سد عجز إيران

حسب تقرير لموقع “طاقة“، يبحث الروس عن سوق جديدة للغاز الطبيعي المنتج في الجزء الغربي من البلاد. وتعدّ هذه فرصة سانحة لإيران في الحصول على الغاز الروسي من تركمانستان، عبر أفضل الطرق التشغيلية الممكنة، عن طريق عكس خط أنابيب “سي إيه سي” شبكة خط أنابيب الغاز المركزي في آسيا الوسطى.

وتمتلك إيران خطَّي أنابيب لاستيراد الغاز من تركمانستان، بسعة إجمالية تبلغ 20 مليار متر مكعب، ويمكن استخدامهما لنقل الغاز. ولا تقتصر السياسة الأساسية لإيران على نقل الغاز ومقايضته فحسب، بل تسعى إلى التجارة بالغاز ولعب دور دولي للحفاظ على أمن سوق الطاقة، وكذلك الحفاظ على حصتها في الأسواق العالمية.

أزمة غاز عالمية

حذّر رئيس وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، من أن شح الغاز الطبيعي المسال في العالم، وخفض كبار منتجي النفط الإمدادات، وضع العالم في خضم “أول أزمة طاقة عالمية حقيقية”. وأوضح أن زيادة واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال، وسط الحرب الروسية الأوكرانية خلق أزمة في السوق، حسب ما نقله موقع “ميدل ايست“.

وأشار إلى انتعاش محتمل في طلب الصين على الوقود، ما يزيد من شح السوق، التي لن يدخلها سوى 20 مليار متر مكعب، العام المقبل. وقال بيرول إنه من المحتمل أن تجتاز أوروبا هذا الشتاء سالمة، على الرغم من بعض الأضرار “ما لم تواجه شتاءً شديد البرودة وطويلًا”.

غاز مسال إلى أوروبا

حسب ما جاء في تقرير لوكالة “ايسنا“، فإن تدفق صادرات الغاز من روسيا انخفض، خلال العام الماضي، بأكثر من 82%، وشكل الإمداد من روسيا نحو 40% من الغاز المستهلك في أوروبا. وحاليًّا وصل هذا الرقم إلى 10%. ما يعني أن أوروبا تبحث عن بديل لسد احتياجات فصل الشتاء.

وذكر التقرير أن أوروبا تعتمد على واردات الغاز المسال الآتية من قطر وشمال إفريقيا. ويمكن أن يكون لإيران دور في هذه الواردات، إذا ما تعاونت مع قطر وسلطنة عمان في تصدير الغاز المسال إلى أوروبا.

ربما يعجبك أيضا