هل تجبر الأزمة الاقتصادية طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات؟

يوسف بنده

تدفع تبعات العقوبات الغربية على إيران إلى التساؤل عن إمكانية استجابة النظام الإيراني إلى العودة إلى طاولة التفاوض مع الغرب.


تواجه إيران أزمة اقتصادية حادة، فقد تخطى سعر الدولار حاجز الـ50 ألف تومان للمرة الأولى في تاريخ العملة الإيرانية.

ويلقي الوضع الراهن بظلاله على حياة الإيرانيين، فقد فقدوا الثقة في نجاح النظام في عبور هذه الأزمة، دون العودة إلى الاتفاق النووي والمصالحة مع الغرب، وكذلك التوقف عن مساندة روسيا في حربها ضد أوكرانيا.

إيران وروسيا

عقوبات غربية

على خلفية الدعم العسكري الذي تقدمه إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وحسب تقرير لوكالة رويترز، فرضت واشنطن، أمس الجمعة 24 فبراير 2023، عقوبات على 22 شخصية إيرانية و83 كيانًا، بينها بنك موسكو الائتماني. وقالت الخارجية الأمريكية إن العقوبات على روسيا تستهدف منعها من استخدام مسيرات إيران بأوكرانيا.

وأعلن البيت الأبيض، مساء الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة “واسعة النطاق” على روسيا، عشية الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، إن الولايات المتحدة سوف تستهدف البنوك الروسية وصناعة الدفاع، وكذلك جهات فاعلة في دول ثالثة تحاول التهرب من عقوباتنا. وهي تقصد إيران التي تساعد روسيا بخبرتها في التهرب من العقوبات الغربية.

اليورانيوم المخصب

ضغوط نووية

تزداد ضغوط المجتمع الدولي على إيران بخصوص برنامجها النووي، فبعد أن كانت تعرقل عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دفع التقرير الذي نشرته وكالة بلومبرج إلى سماح إيران للمفتشين بالتدقيق حول ما أثير من تخصيب يورانيوم بـ85%، وهو ما يتجاوز النسبة المسموح بها.

وقد ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية، 22 فبراير الحالي، أن مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودون في طهران لإجراء تدقيق. وحسب وكالة إرنا الإيرانية الرسمية، 22 فبراير، قال وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، إن بلاده لا تسعى لامتلاك قنبلة نووية.

وأكد عبداللهيان استعداد طهران للمضي قدمًا في الاتفاق النووي الايراني على أساس المباحثات السابقة في فيينا، مع مراعاة ما وصفها بـ«الخطوط الحمراء الإيرانية». وتأتي تصريحات عبداللهيان خلال زيارته بغداد، التي أسهمت في الوساطة ونقل الرسائل بين واشنطن وطهران.

a7534412 d288 4fee a7d4 6a2bc97ff497

وطأة العقوبات

تفرض الولايات المتحدة الأمريكية قيودًا صارمة على نوافذ إيران التي تحصل منها على عملاتها الأجنبية، الأمر الذي رفع مستوى التضخم والركود والغلاء، بما يهدد بانهيار الاقتصاد في إيران، ما دفع الخبراء إلى التشكيك في قدرة الحكومة الإيرانية في عدم ربط الاقتصاد الإيراني بالاتفاق النووي.

وشكك الخبير الإيراني، نعمت أحمدي، عبر صحيفة “جهان صنعت”، اليوم السبت 25 فبراير 2023، في قدرات حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، موجهًا كلامه إليه: “قلتَ إن حكومتك لن ترهن حياة الناس وإدارة البلاد في موضوع الاتفاق النووي والأجانب، ولكن اليوم نرى أن حياة الناس باتت مرهونة بالدولار والذهب”

عواقب وخيمة

أضاف أحمدي، في مقاله الصحفي، منتقدًا الرئيس الإيراني: “إن محاولة مد اليد في جيوب المواطنين وسوق البورصة لسد حاجة الحكومة ورفع النقص في ميزانيتها لن يكون محمود العواقب”.

download 62

ورأى المحلل السياسي حسن بهشتي بور، في صحيفة مستقل، 25 فبراير، “لو ادعت الحكومة أنها لن ترهن الاقتصاد بالمفاوضات، فإن الحقيقة أن الوضع المعيشي والاقتصادي للإيرانيين بات مرتبطًا بقضية الاتفاق النووي والعقوبات المفروضة على طهران”.

1396546

الإبقاء على لغة التصعيد

رغم الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران، فإن معسكر الصقور داخل إيران يصر على استخدام لغة التهديد، فقد أعلن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري للتليفزيون الإيراني، أمس 24 فبراير، أن إيران طوّرت صاروخ «باوه» من نوع كروز، يطال السفن الأمريكية حتى مدى 2000كيلو متر.

ويأتي هذا الإعلان في ظل ضغوط غربية على إيران للتوقف عن دعم روسيا بالأسلحة في حربها ضد أوكرانيا. وحسب تقرير الخبير، جورج مالبرونو، نشره مركز ريكونسنس، 24 فبراير، فإن الحرس الثوري في إيران لا يقبل بفكرة الحوار مع الغرب.

64cd5b161cb0a135bcb6afd5753fe004

ويرفض الحرس الثوري الحوار مع الغرب خشية تصدر الإصلاحيين للمشهد السياسي، بما يضر بمصالحه الاقتصادية، وأن الحرس الثوري يدعم وصول إيران إلى نموذج على النمط الصيني للانفتاح الاقتصادي المحلي، بدون استثمارات غربية حقيقية، ومع علاقات متوترة ومقبولة مع القوى الكبرى وانغلاق سياسي داخلي.

ربما يعجبك أيضا