هل تطلق “خلافات كركوك” رصاصة الرحمة على استفتاء كردستان؟

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

مع اقتراب موعد استفتاء إقليم كردستان في الـ 25 من الشهر الجاري، أصبحت مدينة كركوك تغلي على صفيح ساخن، الأمر الذي يكشف عن أزمة كبيرة قد تنطلق شرارتها من المدينة.

كركوك تغلي

المدينة تحولت إلى رمز للجدل الذي يحوم حول استفتاء انفصال كردستان العراق الأسبوع المقبل.

فبعكس المدن الأخرى التي يشملها هذا الاستحقاق، اختصرت كركوك كل المشكلة، بفعل تنوع مكوناتها العراقية، وتباين الأجندات السياسية التي تتصارع على ساحتها.

ويخشى المراقبون على مستقبل المدينة من الخلافات المتصاعدة، ويحذر من تداعيات أي خطوة يتخذها طرف على حساب الأطراف الأخرى، في معادلة التوازنات الهشة.

رصاصة الرحمة

رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، أكد أن الخلافات هذه المدينة ستكون بمثابة رصاصة الرحمة لهذا الاستفتاء، لأنها تعتبر مركزا لاستقطاب الأزمات السياسية، فمنذ اكتشاف النفط كانت المدينة محطة للتجاذبات الداخلية والإقليمية والعربية والكردية والتركمانية، لذلك فهى تحتاج لمعالجة دقيقة.

وأردف السراج، هناك العديد من الأزمات التي هددت استقرار المدينة وعقدت الأمور بداخلها، منها البعد السكاني وعمليات التهجير منها وإليها، فضلا عن عمليات التمدد التي قام بها البيشمركة واحتلالهم للنفط وطرد الموظفين.

ومع بداية الحديث عن الاستفتاء، أصبحت المدينة نقطة الخلاف الأساسية بسبب واقعها الإداري والاجتماعي وربطها بإقليم كردستان وانفصالها عن العراق في حالة نجاح الاستفتاء الأمر الذي سيؤجج الخلافات بداخلها، وسيكون من الصعب على الإقليم السيطرة على الخلافات الداخلية في مدينة كركوك.

اتهامات متبادلة

في المقابل أكد سامي الشبك النائب السابق في برلمان العراق، أن مشكلة كردستان ليست كبيرة وقضية الاستفتاء ليست إعلان حرب فوري، ولكن الساسة في بغداد يصبون الزيت على النار، والاستفتاء حق من حقوق الشعب الكردستاني.

وبرر سامي الشبك استيلاء البيشمركة على كركوك بأنهم هم الذين حافظوا عليها بعد هزيمة الجيش العراقي في الموصل أمام داعش.

فتيل أزمة

كشفت الخطابات السياسية المحتدمة والاتهامات المتبادلة بين الإقليم وبغداد، قبيل إجراء الاستفتاء، أن كركوك ستكون فتيل التفجير لهذه الأزمة.

الاستفتاء قد يتسبب في توتر عراقي وعربي ودولي، وخاصة في كركوك حيث يتنازع الأكراد مع التركمان والعرب على السلطة.

سكان محليون أكدوا أن الشرطة انتشرت في مدينة كركوك بشمال العراق للحيلولة دون تطور اشتباك مميت إلى صراع عرقي، قبيل الاستفتاء المقرر على استقلال إقليم كردستان.

في المقابل انتشرت قوات البيشمركة الكردية في مناطق كركوك وداقوق وطوز خورماتو، لقمع العرب والتركمان وفرض الاستفتاء بقوة السلاح والدبابات والمدرعات.

من المعروف أن مجلس محافظة كركوك العراقية صوت، في أواخر أغسطس، لصالح إدراج أراضيها في الاستفتاء الشعبي بشأن استقلال إقليم كردستان عن العراق.

جمر تحت الرماد

عربيا، أصدرت السعودية بيانا عبر وكالة الأنباء الرسمية، دعت فيه أكراد العراق إلى العدول عن تنظيم الاستفتاء حول الاستقلال المقرر نهاية الأسبوع، كما حذرت من “مخاطر” قد تترتب على إجرائه.

وقال مصدر مسؤول إن قرار المملكة جاء “انسجاماً مع المواقف الإقليمية والدولية بهذا الشأن”، و”تقديراً للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة وما تواجهه من مخاطر وحرصا منها على تجنب أزمات جديدة قد ينتج عنها تداعيات سلبية، سياسية، وأمنية، وإنسانية”.

ودوليا، رغم ارتياح إيران لهذه الخلافات الداخلية في كركوك التي من شأنها أن تطارد الحلم الكردستاني، فقد هددت إيران بإغلاق حدودها مع إقليم كردستان العراق ووضع حد لكل الاتفاقات الأمنية معه في حال أجرى الاستفتاء. كما دعا البيت الأبيض إقليم كردستان العراق إلى التخلي عن المشروع.

أما تركيا، التي أرسلت دبابات وجنودا إلى حدودها مع شمال العراق، فقالت إن تقسيم العراق أو سوريا قد يؤدي إلى اندلاع صراع عالمي.
وحذر وزير دفاعها نور الدين جانيكلي من أن تقسيم العراق أو سوريا قد تكون له عواقب وخيمة.

وقال “التغيير الذي يعني انتهاك وحدة الأراضي العراقية يشكل خطرا كبيرا على تركيا… انتهاك وحدة أراضي سوريا والعراق سيشعل صراعا عالميا أكبر لا نهاية له”.

وأردف الوزير التركي أن أنقرة لن تسمح بإقامة دولة على أساس عرقي في جنوب البلاد، مضيفا: “لا يجب أن يشك أحد في أننا سنتخذ كل ما يلزم من خطوات وقرارات لوقف تنامي عوامل الخطر”.

أخيرا، من المعروف أن التصويت غير ملزم، لكنه قد يشكل نواة لإقامة دولة مستقلة كحلم يسعى الأكراد إلى تحقيقه منذ نال الإقليم المكون من ثلاث محافظات في شمال العراق حكما ذاتيا في عام 1991.

وقد عبرت الولايات المتحدة والدول الغربية عن مخاوفها من أن يثير الاستفتاء نزاعا مع بغداد والجارتين تركيا وإيران، اللتين تضمان تجمعات سكانية كبيرة من الأكراد فيهما.

ربما يعجبك أيضا