هل تنجح قمة باريس في معالجة أزمة ديون زامبيا؟

شروق صبري
الرئيس الأمريكي جو بايدن يسير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا

تظهر المفاوضات خلال قمة باريس مدى نجاح دول العالم في إقامة علاقة بناءة، وما إذا كان المجتمع الدولي قادرا على حل أزمة الديون، وخاصة أزمة الاقتصادات المسؤولة عن الحصة العظمى من الديون، وما إذ كانت ستتمكن من التعافي من أزمتها المالية أم لا؟


إشكاليه الديون باتت من كبرى المشكلات التي ضربت دول العالم على مدى سنوات، لكنها تفاقمت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة فيروس كورونا.

وبسبب أزمة الديون التي ضربت العديد من دول العالم، اجتمع القادة الدوليون، يوم 22 يونيو 2023، في باريس لحضور قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد، وسط أزمات مالية حادة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وفي الوقت الذي يركز الغرب فيه عن حق الدفاع عن أوكرانيا، وسيادتها وديمقراطيتها من الاحتلال الروسي. باتت تنهار الدول بسبب أزمات الديون.

أزمة زامبيا

زامبيا، الدولة الواقعة في جنوب إفريقيا التي يبلغ عدد سكانها 19 مليون نسمة، كانت تتمتع بإمكانات وثروات هائلة، فهي من أكثر الدول نجاحًا في جنوب إفريقيا، لكن الديون انهكتها، ورغم ثرواتها من المواد الخام، أثرت الديون بنسبة كبيرة على الدولة الإفريقية، نتيجة الاقتراض الكبير، فضلًا عن التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، ما جعلها تتخلف عن سداد ديونها في نوفمبر 2020.

اقرأ أيضًا| عام على حرب أوكرانيا.. كيف واجه الاقتصاد الروسي سلاح العقوبات؟

وقالت مجلة فورين بولسي الأمريكية، الأربعاء الماضي، إنه نتيجة الديون المتراكمة ارتفعت تكلفة المواد الأساسية مثل الغذاء والطاقة والنقل، فضلًا عن تسريح الشركات للعمال، وتأخر دفع رواتب القطاع العام.

ودخلت البلاد في أزمة اقتصادية منذ هذا العام، وأشارت المجلة إلى أنه “في حين جرى إنقاذ بنك وادي السيليكون في ثلاثة أيام، انتظرت زامبيا ما يقرب من ثلاث سنوات، لإعادة هيكلة ديونها مع دائنيها”.

هيكلة الديون

كشفت دراسة أعدتها جامعة هارفارد الأمريكية عن الأثر المدمر لمثل هذه التأخيرات في سداد الديون، وتأثيرها في البشرية وسوق العمل.

وأشارت إلى أن أزمة ديون زامبيا الأخيرة في الثمانينيات، شهدت انخفاض متوسط العمر المتوقع من 53 عامًا إلى 45 عامًا، وعلى مدار العقد الذي أعقب التخلف عن السداد، انتعش متوسط العمر إلى 62 عامًا بحلول عام 2020.

اقرأ أيضًا«أزمة أوكرانيا» المحور الفرنسي الألماني.. مساعي للخروج من الأزمة

وأظهرت الدراسة أنه في المتوسط منذ عام 1960، شهدت البلدان التي تخلفت عن السداد زيادة قدرها 10% في وفيات الرضع، وإذا جرى تطبيق هذه النتائج على حالة تخلف زامبيا الأخيرة عن السداد، يعني حدوث 3079 حالة وفاة إضافية للرضع سنويًّا بحلول عام 2030.

قمة باريس.. ماكرون يحث على زيادة التمويل المناخي

قمة باريس.. ماكرون يحث على زيادة التمويل المناخي

اجتماع باريس

تجنبًا للكوارث البشرية المحتملة بسبب أزمات الديون، اجتمع القادة الدوليون، في باريس لحضور قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد، بعدما اندلعت أزمات مالية شرسة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

اقرأ أيضًا| ماكرون: قمة باريس تسعى لإرساء ميثاق جديد لمقاومة الفقر في العالم

ووفق المجلة الأمريكية، يموت الطفل أو الأم من مرض يمكن تجنبه، بالإضافة إلى نقص الرعاية الصحية بسبب نقص التعليم أو انعدام البنية التحتية، وتقل التحركات نحو الازدهار الأخضر طويل الأجل التي أحبطتها أزمات الديون، فكل هذه الأزمات بحاجة لتدخل عالمي سريع.

قمة باريس

أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قمة باريس المالية هذا الأسبوع، لتوليد المزيد من الاستثمار بهدف التنمية والتقدم المناخي، وهدفها هو التوصل إلى اتفاق جديد بين شمال الكرة الأرضية والجنوب العالمي لاتخاذ إجراءات ملموسة للأشهر الثمانية عشر المقبلة التي من شأنها دفع هذه الأجندة، والتي تتضمن معالجة الديون غير المستدامة.

وتمثل القمة فرصة لعشرات من رؤساء الدول والحكومات، وممثلي المؤسسات المتعددة الأطراف، الحاضرين للعمل بشكل جماعي للبدء في السيطرة على الأزمة.

البنك الدولي

البنك الدولي

حل أزمة الديون

من أجل تحقيق هذه الأهداف، من الضروري إنشاء جداول زمنية ثابتة لاتفاقيات الديون ضمن آلية الإطار المشترك الحالية التي صممتها مجموعة العشرين، لوضع حد لتخلف زامبيا على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ويجب أن يكون هناك أيضًا تحول في المعايير، إذ يجب على مؤسسة النقد الدولية (IMF) استخدام سلطتها في “إقراض الدول المتخلفة عن السداد” لتخفيف الديون، دون سداد الدائنين الذين يرفضون إعادة الهيكلة.

ويجب على الدول اتخاذ تدابير لمنع الدائنين من القطاع الخاص من رفض المشاركة في تسوية الديون التي وافق عليها الدائنون الآخرون.

ويتطلب ذلك أيضًا مزيدًا من التمويل من الدول الغنية للمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى لدعم تعافي البلدان المتخلفة عن السداد، وتمكين النمو الاقتصادي اللازم لتجنب المزيد من حالات التخلف عن السداد، وفق الدراسة.

ربما يعجبك أيضا