هل موقف أنقرة من حرب غزة «متناقض»؟

حسابات وأبعاد الموقف التركي من حرب غزة

محمد النحاس

قال الباحث في الشؤون التركية والإقليمية بمركز شاف للدراسات، أحمد فهمي، إن الموقف التركي لم يكن ثابتًا بل مرّ بمراحل عدة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة


منذ بدء الحرب في غزة وبعد هجوم الـ 7 من أكتوبر 2023، تبنى المسؤولون في أنقرة موقفًا قد يبدو غير واضحًا من الصراع الدامي لكنه تبيّن أكثر مع احتدام القتال.

وفي حين أدانت أنقرة صراحةً إسرائيل بسبب مقتل المدنيين الفلسطينيين جرّاء القصف العنيف على قطاع غزة، وانتقدت الممارسات الإسرائيلية بشكل حاد، إلا أنها لم تتخذ مواقف فعلية سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو دبلوماسيًّا لتبرهن على مصداقية ما تردده من إدانات.. فما أبعاد وحسابات صناع القرار التركي؟ وهل تغير موقف أنقرة من الصراع؟.

هل تبنت أنقرة موقفًا متناقضًا؟

بدا الموقف التركي بعد الـ7 من أكتوبر مرتبكًا إلى حد بعيد، فتركيا التي اتجهت لإعادة علاقاتها مع إسرائيل والعمل على تصفية مشكلاتها في المنطقة، وجدت نفسها أمام موقف مفاجئ، إذ أن الفصائل الفلسطينية هي التي بدأت المعركة، حيث سقط مئات الإسرائيليين بين قتيلًا وجريح فضلًا عن عشرات الرهائن.

وعلى عكس النزاعات السابقة التي غالبًا ما تكون ضمن سياسة “جذ العشب”، أي إن إسرائيل هي التي تبادر بالعدوان عادةً، ما زاد من حيرة الأتراك، حتى أن التصريحات بدت متناقضة في أحيان، فيما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتحدث عن ضرورة الحياد، كما هو الحال في الصراع الروسي الأوكراني.

مراحل متعددة للموقف التركي

الموقف السالف لدى الإدارة في أنقرة بدأ في التغير، مع تطور الأحداث وسقوط أعداد هائلة من الفلسطينيين جرّاء العدوان الإسرائيلي المروع، وشرعت تركيا تنتقد ممارسات الاحتلال صراحةً، لكن دون مواقف فعلية، فهل يوجد تناقض في الموقف التركي؟ وما سر تصاعده تدريجيًّا؟.

تعليقًا على موقف أنقرة، قال الباحث في الشؤون التركية والإقليمية بمركز شاف للدراسات، أحمد فهمي، في تصريجات لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إن الموقف التركي لم يكن ثابتًا بل مرّ بمراحل عدة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.

من موقف محايد إلى اتهامات صريحة

يلفت فهمي بدايةً إلى تركيا كانت تتبنى موقفًا “دبلوماسيًّا محايدًا” إلى حد كبير، موضحًا أن ذلك يأتي “بحثًا عن دور لها في هذه الأزمة، وهو القيام بدور الوساطة”، وهو الدور الذي لعبته في الأزمة الأوكرانية الروسية.

وفقًا لخبير الشأن التركي، فقد كانت تركيا بحاجة إلى اثبات قدرتها على تحقيق رؤية “قرن تركيا” والتي من ضمن أهدافها العمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم، لكن لاحقًا ونتيجة لعدة أسباب فشلت تركيا في طرح مشروعها للوساطة، وتحول موقفها للتصاعد وانتقاد إسرائيل بوصفها دولة إرهابية.

هل تطمح أنقرة لـ “لعب دور وساطة”؟

أضاف فهمي: بالنظر إلى الموقف التركي من الحرب الروسية في أوكرانيا، فقد استمرت تركيا على موقفها المحايد بالرغم من مواقفها الداعمة لأوكرانيا قبل الحرب،

وتابع: لكن استطاعت اثبات جدية عرضها للوساطة، وهو ما نتج عنه لاحقا قيامها برعاية محادثات روسية أوكرانية، نتج عنها احرازها لنتائج إيجابية في التداعيات المتعلقة بالحرب مثل أزمة تصدير الحبوب وتبادل الأسرى وغيرها.

وأردف لـ “رؤية” عن احتمالية دور وساطة تركي بأنه “كان ممكنًا إذا ظلت أنقرة على موقفها المحايد بداية الصراع، وكان بإمكانها آنذاك أن تشارك في وضع مبادرة أو الدخول كوسيط مكمل مع القاهرة والدوحة أو تلعب دورًا ما في مراحل لاحقة متعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل عام”، موضحًا أن “موقفها التصاعدي أجبرها على الخروج سريعًا من تلك الحسابات”.

حسابات داخلية

في تفسيره للمنحى الذي اختاره صنّاع القرار في أنقرة يوضح فهمي أن “القيادة التركية قد “أجبرت”، وتبعًا لحسابات داخلية على اتخاذ هذا المسار التصاعدي في موقفها، مشيرًا إلى أنه يعود إلى “حالة الغضب الواسعة لدى الشعب التركي من المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين”.

ويعزو خبير الشأن التركي ذلك أيضًا للخطاب الذي قدمته أحزاب المعارضة وبالأخص الأحزاب المحافظة تجاه تأييد الفصائل الفلسطينية، وقلق حزب العدالة والتنمية الحاكم من انعكاسات ذلك على موقفه في الانتخابات البلدية في مارس المقبل.

ربما يعجبك أيضا