هل يشعل “طريق الشرق الإيراني” المواجهة بين طهران وتل أبيب؟

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

يبدو أن الكثير من البلدان العربية لم تدرك بعد ما الذي يعنيه التغلغل الإيراني العسكري والاستخباراتي والاستيطاني في سوريا، وأن هذا الاحتلال لم يأت لمساندة نظام الأسد وإنما ليحتل سوريا، خصوصا أن طائفة الأسد “العلوية” خسرت الغالبية العظمى من شبابها.

خامنئي لم ينفق المليارات، للحفاظ على نظام الأسد، وإنما للسيطرة على سوريا كما سيطروا من قبل على العراق ولبنان واليمن، وهو لن يخرج منها ولن تستطيع روسيا أو غيرها أن يخرجوه، فهو هناك في سوريا لأن علامات الساعة لديه، تقول إن عليه أن يبقي قواته العسكرية في سوريا حتى ظهور المهدي، حتى لو أغرقت دماء العرب المنطقة !!

من أجل المهدي لا بشار

وقد نشر موقع “فارهنك نيوز” الإيراني الشهير تحليلا حول ظهور مهدي الشيعة، وربط ظهوره بالأحداث في سوريا حيث وصف “الثورة السورية بالانقلاب من قبل أعداء المهدي المنتظر على بشار الأسد، حاكم سوريا، وفقا للروايات الشيعية”، وقال: “في العام الذي يظهر فيه الإمام المهدي يخرج الانقلابيون من ريف مدينة درعا في جنوب سوريا بقيادة السفياني ضد حاكم دمشق، وبعد الانقلاب سيدخل أصحاب الرايات الصفر إلى سوريا ويغيرون من معادلة الحرب القائمة فيها”.

وأضاف الموقع الإيراني: “ذكر في روايات الشيعة، أنه في العام الذي يظهر فيه الإمام المهدي، لن تدخل جيوش الدول الغربية العاصمة السورية دمشق غير أنها ستبقى على مشارفها”، مستدركا: “سيأتي صوت ينادي لفتح دمشق، وستشهد العاصمة السورية معركة سيقتل فيها 100 ألف سوري، وسوف يهدم جانب من المسجد الأموي في هذه المعركة”.

وأكد أن انفصال الأكراد في سوريا يمهد، أيضا، لظهور الإمام المهدي قائلا: “سيثور قوم من جانب تركيا وهم الأكراد وسيطالبون بالانفصال وإعلان استقلالهم، ومن ثم سيتدخل الجيش التركي وينزل إلى منطقة الحسكة ودير الزور والرقة كما ستتدخل الجيوش الغربية أيضا في الشام، وستعم الدول العربية فتنة عظيمة لم يذكر في التاريخ مثيلا لها، والدولة التي سوف تدمر تماما في هذه الفتنة هي بلاد الشام أو ما تسمى اليوم بسوريا”.

واعتبر “فارهنك نيوز” أن مقتل 100 ألف سوري في دمشق يعتبر رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين بحسب إحدى روايات الشيعة نسبة للإمام علي، قائلا: “وسيتحارب جيشان في بلاد الشام وسوف يهلك 100 ألف سوري في الشام ويكون هذا الحدث للكافرين عذابا ورحمة للمؤمنين”!!.

الاستراتيجية الإيرانية

الخارطة العسكرية تتغير بسرعة على الأرض في سوريا، حيث استغلت المليشيات التابعة لإيران قصف التحالف الدولي وتحركات قوات سوريا الدميقراطية التابعة له في شرق سوريا والقصف الروسي، في الاستيلاء على الأراضي الاستراتيجية في وسط بهدف جعل الأراضي السورية مركزًا لوجستيًّا إيرانيًّا لـ”البدر الشيعي” مليئة بالقواعد البرية والجوية والبحرية.

الحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية الموالية له باتت على وشك تدشين طريق الشرق البري الذي سيربط طهران بديالي وبغداد والأنبار ودير الزور وتدمر ودمشق وبيروت وساحل البحر الأبيض المتوسط !.

كما تعمل الاستراتيجية الغيرانية على إنشاء الحوزات العلمية الشيعية في سوريا، وشراء المنازل في عدد من المدن السورية، خصوصا في السيدة زينب في جنوب دمشق، والاستيلاء على الأراضي من المدنيين السوريين عنوة، وتوطين الآلاف من الشيعة الأجانب في سوريا،  وقتل وتهجير أكبر عدد من سكان سوريا الأصليين.

موقف الاحتلال الإسرائيلي

لطالما كانت دولة الاحتلال، مؤيدة لما يقوم به نظام الأسد الأب أو الإبن من خدمات، فقد قام هذا النظام بتصفية المقاومة الفلسطينية في لبنان وارتكب المجازر في المخيمات الفلسطينة منذ تل الزعتر وغيرها، وقبلها سلم الجولان دون عناء، بل ومنع مقاومة الاحتلال انطلاقا من الأراضي السورية، وكان من يحاول أن يقوم بأي تحرك يتم الزج به في فرع فلطسين سيء الصيت!!.  

ولهذا فرغبة إسرائيل هي بقاء هذا النظام الذي قدم لها عبر عقود، ما لم تكن تحلم به من قريب ولا بعيد.

ولكن ظهور الدور الإيراني وهيمنته على المشهد في سوريا أدى لتغيير في استراتيجية دولة الاحتلال، ويبدو أن الولايات المتحدة وروسيا لم يقدموا التطمينات اللازمة.

تهديدات ومناورات

وقد أجرى جيش الاحتلال مناوراتٌ عسكرية غير مسبوقة والأكبر منذ عشرينَ عام هذهِ المرةَ في المناطقِ الواقعة على حدودِ سورية ولبنان.

فيما قال بنيامين نتنياهو للأمين العام للأمم المتحدة إن: “إيران تبني مصانع للصواريخ الموجهة في سوريا ولبنان وتهدد أمن إٍسرائيل”.

وأكد وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، استعداد إسرائيل للدفاع عن نفسها ومنع أعدائها من مهاجمة مواطنيها، مشددا على أنها ستمنع إنشاء ما أسماه بـ “ممر شيعي” بين إيران وسوريا، ولفت ليبرمان، الذي يتولى أيضا رئاسة حزب “بيتنا إسرائيل” اليميني المتطرف، إلى “الخطوط الحمراء” الإسرائيلية، مؤكدا: “سنفعل كل ما بوسعنا كي نمنع إقامة ممر شيعي من إيران إلى سوريا!”.

وأخبر مسؤول إسرائيلي صحيفة عربية بأنه إذا توسَّعت إيران في سوريا، فإن إسرائيل “ستقصف قصر بشار الأسد”.

أما وزير البناء الإسرائيلي “يوآف غالانت” فوصف إيران بأنها قوة تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتابع “نثق بأن على الإيرانيين العودة إلى نهر دجلة الذي يقع بعيدا عن سوريا، والعودة إلى حدودهم الطبيعية”.

وأضاف أن “لا مكان لإيران في سوريا، وليست من أراضيها، ونحن سنجد وسيلة لحماية أنفسنا من هذا الخطر”.

دراسة استخبارتية

سفير “إسرائيل” الأسبق في موسكو، تسفي ماغين، ورئيسة شعبة الأبحاث السابقة في جهاز (الموساد) “الإسرائيلي”، سيما شاين، نشرا دراسة على موقع مركز أبحاث الأمن القومي “الإسرائيلي”، التابع لجامعة “تل أبيب”، مفادها أن “إسرائيل” ستشن حربًا في سوريا قد تقلب موازين القوى ضد إيران و”الأسد”

وقالت الدراسة إن “التقديرات الروسية تشير إلى أن التباينات والخلافات بين طهران و(تل أبيب)، تصرفات إيران في سوريا والخشية الإسرائيلية من ذلك، سيؤديان عاجلًا أم أجلًا لعملية عسكرية إسرائيلية”.

وأشارت إلى أن العملية العسكرية بإمكانها تغيير الوضع القائم على الأراضي السورية، والمس بحكم الأسد، الذي يعاني من ضعف كبير في سيطرته على الدولة السورية.

الأوضاع في سوريا والإقليم، تزداد تعقيدا، والصراعات الدولية والمكائد الأممية تزداد توسعا، ولاشك أن الانفجار يقترب، والذي لا يراه من الآن، فعليه أن يراجع نفسه قبل فوات الآوان.

ربما يعجبك أيضا