هل يصبح «بايدن» صديقًا وفيًا للبيئة والمناخ في العالم؟

كتب – حسام عيد

منذ أن استهل حملته الانتخابية، وعد الديمقراطي جو بايدن، بأمريكا متجددة، نظيفة وصحية، من خلال صفقة خضراء جديدة تهدف إلى تحقيق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.

واليوم، ومع وصله إلى سدة حكم الولايات المتحدة من البيت الأبيض، أعاد الرئيس الأمريكي الـ46، بلاده، إلى اتفاق باريس التاريخي للمناخ لعام 2015.

وقام بتسمية وزير الخارجية السابق، جون كيري، مبعوثًا ومسؤولا عن ملفات البيئة والمناخ، الأمر الذي أعطى دفعة قوية للولايات المتحدة؛ لتعود دولة رائدة في هذه المجال.

وزاد بايدن من تطلعاته المكافحة للتغيرات المناخية المدمرة للبشرية والعالم، إلى الدعوة لتنظيم “قمة عالمية مناخية” لمساعدة الدول ذات الانبعاثات الكربونية العالية على اتخاذ إجراءات مناسبة، وذلك في إبريل القادم.. فهل يصبح بايدن صديقًا وفيًا للبيئة والمناخ؟.

الاقتصاد الأخضر

سيرفع بايدن خلال شهر فبراير المقبل خطته للمناخ البالغة قيمتها تريليوني دولار، ويفترض أن تضع التدابير الخضراء في قلب الاقتصاد الأمريكي على المدى البعيد.

فقد وعد “بمعالجة أزمة المناخ وبناء اقتصاد قائم على الطاقة النظيفة ومعالجة الظلم البيئي وتوفير الملايين من الوظائف الدائمة ذات الأجر الجيد”.

وبالفعل، في أيامه الأولى فور تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، وقع بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى مواجهة أزمة التغير المناخي.

وتشمل الأوامر فرض حظر على بعض عمليات التنقيب عن الطاقة، إذ ستجمد عقود إيجار جديدة خاصة بالتنقيب عن النفط والغاز في الأراضي العامة، مع تعزيز إنتاج الطاقة من الرياح. ويهدف بايدن إلى الحفاظ على 30% على الأقل من الأراضي الفيدرالية والمحيطات بحلول عام 2030.

وأوضح الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة ستستثمر “90 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة وبرامجنا ليست أحلاما، بل تحركات ملموسة”.

ومن المتوقع أن تواجه هذه الأوامر معارضة شديدة في قطاع الطاقة، إذ تأتي كتغيير جذري عن سياسات دونالد ترامب.

وتشبه هذه الإجراءات إلى حد بعيد “الصفقة الخضراء الجديدة” التي يدعو إليها الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي.

هنا قد تصبح الأمور أكثر تعقيدًا. فالحزب الديمقراطي يسيطر على مجلس الشيوخ بغالبية ضئيلة وقد يواجه باعتراضات كثيرة.

قال بول بليدسو، مستشار المناخ لدى الرئيس السابق بيل كلينتون، ويعمل اليوم في معهد السياسات التقدمية، إن “التحدي يكمن في الحصول على تأييد الجمهوريين لتمرير مشروع للبنى التحتية يعمل بالطاقة النظيفة ويقلل إلى حد كبير الانبعاثات الأمريكية”.

ولكن واسكوف أكد أن الدمج الكامل للجهود المناخية في الطريقة التي يتم بها بناء الاقتصاد هو ما سيجعلها برنامجًا “مستدامًا”.

فالتحديات السياسية والتقنية كبيرة، وسيتعرض بايدن لضغوط كي لا يخفض بشكل سريع استخدام الوقود الأحفوري، وخصوصًا الغاز الطبيعي الذي ساعد الولايات المتحدة على خفض الانبعاثات لعقد من الزمن ويعد طاقة انتقالية أساسية.

لكنه يتولى الحكم أيضًا في وقت صار فيه تغير المناخ ظاهرة معترفًا بها على نطاق واسع وفيما يعبر الشعب الأمريكي عن رغبة بالتحرك، أظهر استطلاع للرأي بعد الانتخابات صدر الأسبوع الماضي وأجراه برنامج في جامعة يال أن غالبية الناخبين من كلا الحزبين يؤيدون سياسات الحد من التلوث بالكربون وتعزيز استخدام الطاقة النظيفة.

قيادة الدفة العالمية في أزمة المناخ

ما قاله بايدن عن أولوياته مشجع، وكذلك العديد من التعيينات المقترحة، بما في ذلك مايكل ريجان، بطل المسؤولية البيئية منذ فترة طويلة، لقيادة الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، وجينا مكارثي، الرئيسة السابقة لوكالة حماية البيئة ورئيسة مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، بصفتها منسق البيت الأبيض الجديد لسياسة المناخ.

لقد دعا الرئيس المنتخب بشكل صحيح إلى نهج يشمل الحكومة بأكملها، مما يعني أنه يجب تقييم كل سياسة لتداعياتها على تغير المناخ. وإذا استمر بايدن في ذلك، فإن هذا النوع من الالتزام يمكن أن يوقف التراجع الذي حدث في السنوات الأربع الماضية ويحدث فرقاً حقيقياً ليس فقط للولايات المتحدة ولكن لكوكب الأرض بأسره.

يُعد تغير المناخ تهديداً عالمياً يتطلب اتخاذ إجراءات على مستوى أممي، لذلك من الضروري أن تنضم الولايات المتحدة، ويفضل أن توجه، الجهود التعاونية العالمية بهذا الخصوص. ومن بين الإجراءات الأولى لبايدن، إخطار الأمم المتحدة بانضمام الدولة مجدداً لاتفاقية باريس، وهي إطار عالمي للحد من انبعاثات الكربون، قدمته الولايات المتحدة ثم تخلى عنه دونالد ترامب. كما يجب أن تكون أهداف الولايات المتحدة أكثر طموحاً، وألا تقود بالنصائح بل بالقدوة.

وتسعى واشنطن إلى حشد الجهود في التعامل مع أزمة المناخ، عبر قمة دولية، للتأكيد على ضرورة التعاون الدولي في الحد من مخاطر التغير المناخي، على غرار ما تقوم به الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، التي تتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي، مقرا لها.

وبحسب البيت الأبيض، سينظم الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ قمة دولية حول المناخ في 22 أبريل المقبل. ويصادف 22 أبريل “يوم الأرض” والذكرى الخامسة لتوقيع اتفاق باريس للمناخ الذي عادت الولايات المتحدة للانضمام إليه مجددًا بعد بضع ساعات من تولي الرئيس الجديد منصبه.

الهدف الطموح للطاقة النظيفة أمر بالغ الأهمية، والانتقال السريع أمر ممكن. إذ انخفضت تكلفة الطاقة النظيفة من مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية بشكل كبير ولا تزال في انخفاض. وفي كثير من الحالات، تكون الطاقة القادمة من مصادر نظيفة أرخص من المصدر الأحفوري، فضلاً عن فوائدها البيئية والصحية الضخمة.

وختامًا، يمكن القول؛ إن هدف بايدن هو أن تحقق الولايات المتحدة اقتصاد طاقة نظيفة بنسبة 100% والوصول صفر انبعاثات في موعد لا يتجاوز عام 2050. وعالميًا، قد يصبح الرئيس الأمريكي الخيار الأمثل والأفضل في تلك المرحلة خاصة في ظل الآفاق القاتمة التي فرضتها متغيرات وتداعيات جائحة كورونا الوبائية على العالم أجمع، فالتعافي الأخضر قد يحد من الآثار الناجمة عن كوفيد-19 وإبطاء التغيرات المناخية، وهذا ما انعكس في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس المرحبة بقرار بايدن بالعودة إلى اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي والانضمام إلى التحالف المتنامي للحكومات والمدن والدول والشركات والأفراد الذين يتّخذون إجراءات طموحة لمواجهة أزمة المناخ لعقد قمة دولية حول المناخ، آملًا بأن يضع الرئيس الجديد “أهدافاً طموحة جديدة” في مجال حماية المناخ، ليتم تنفيذها خلال السنوات العشر المقبلة، فالتطلعات كبيرة لبلوغ العالم مرحلة الحياد الكربوني “من خلال اقتراح مساهمة وطنية جديدة ذات أهداف طموحة للعام 2030.

ربما يعجبك أيضا