هوية جديدة للعلاقات العراقية الأمريكية.. بدون سياسة المحاور!

كتب – حسام عيد

يبدو أن 70 دقيقة كانت كفيلة برسم هوية العلاقات العراقية-الأمريكية في المرحلة المقبلة، بطموحات وغايات دفع الحوار الاستراتيجي السابق إلى آفاق جديدة، قوامها تعزيز خيارات الشراكة الاستراتيجية، والابتعاد عن سياسة المحاور.. هذا ما أكده واتفق عليه الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال محادثات ثنائية في البيت الأبيض.

سيادة العراق أولًا وأخيرًا

ونجح مصطفى الكاظمي بقيادة الحوار الاستراتيجي “الثاني” للحصول على انسحاب أمريكي من العراق.

وأكد الجانبان العراقي والأمريكي على ضرورة احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه. كما اتفقا على تشكيل فريق خاص لمناقشة آليات وتوقيتات إعادة انتشار قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة خارج العراق.

شراكة استراتيجية بلا سياسة المحاور

العراق أكد جملة من المصالح، في مقدمتها الابتعاد عن سياسة المحاور، وذلك في ضوء رغبة حثيثة لدى واشنطن وبغداد في تعزيز الخيارات المشتركة بين البلدين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، إن العراق يريد للشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية أن تكون ضمن مظلة مصالح كبيرة تبدأ بالصحة والاقتصاد والتعليم والثقافة، ولا تنتهي عند حدود تبادل القدرات وتطوير الخبرات على كافة الصعد.

ولفت الصحاف إلى أنّ “الحوار مع أمريكا يستند إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي السابقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية”، مشيراً إلى أن “المصالح الشاملة بين البلدين تستدعي توفير بيئة آمنة، ويتطلب ذلك التكريس والوقوف بثبات على الجهود المشتركة التي تتصل بمجال مكافحة الإرهاب”.

وتابع أن “الجانب الأمريكي في هذه الجولة عبّر عن دعمه لحكومة الكاظمي، ودعم العراق اقتصادياً وصحياً، وأكدت الولايات المتحدة الأميركية أنها ماضية لتكريس قدرة وثبات العراق، من أجل أن تنجز الحكومة العراقية متطلباتها الوطنية”، مبيناً أنّ الحوار مستمر لأن “الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مستمرة، والحاجة بين البلدين، كل واحد منهما للأخر مستمرة، لا سيما وأن العراق يتمتع بموقعه الجيوستراتيجي، الحساس المهم جداً، وضمن هيكل القوى على مستوى المنطقة”.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أنّ بلاده لن تنسى كل من مد لها يد العون لتحقيق النصر على تنظيم “داعش”، مضيفاً أنّ “العراق ماض لتأكيد الشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، في ضوء المتطلبات والحاجات العراقية الجديدة، بما ينسجم مع المصالح الوطنية”.

دعم الاقتصاد باتفاقات واعدة

وتوصل الجانبان العراقي والأمريكي إلى اتفاقات جديدة، ففي الملف الاقتصادي، جددت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للإصلاحات الاقتصادية وحددت مجالات للتعاون.

وناقش البلدان التنسيق مع المنظمات الدولية لمساعدة العراق على التعافي من انخفاض أسعار النفط وجائحة فيروس كورونا الوبائية، والتعاون في مجالات الحكومة الإلكترونية وإصلاح القطاع المالي وشركات القطاع الخاص.

وفيما يتعلق بملف الطاقة، ناقش الطرفان ملفات إنتاج الكهرباء والغاز محليًا في العراق وتقليل هدر الغاز المشتعل وتنفيذ إصلاحات لأسواق الطاقة.

ووقعت حكومة العراق على مذكرات تفاهم مع شركات أمريكية تعنى بالطاقة التقليدية والطاقة المستدامة.

كما تخطط الحكومتان لمواصلة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي وهيئة الربط الكهربائي التابعة له لتوصيل الكهرباء إلى العراق.

وقالت وزارة الطاقة الأمريكية في بيان إن شركات هانيويل إنترناشونال وبيكر هيوز وجنرال إلكتريك وستيلر إنرجي وشيفرون وقعت اتفاقات بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار مع وزيري النفط والكهرباء العراقيين.

فيما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن شركات أمريكية تشارك في العديد من مشاريع التنقيب عن النفط بالعراق، في حين أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن بلاده ترحب بالشركات والاستثمارات الأمريكية.

ردع إيران

وبدوره، أكد ترامب إن القوات الأمريكية موجودة في العراق لمواجهة أي هجوم إيراني، وهذا ما قاله للصحفيين: “لدينا قوات قليلة جدا في العراق لكن تواجدنا هناك في حال أقدمت إيران على أي شيء”.

وأضاف: “نتطلع لليوم الذي لن نحتاج فيه لوجود قواتنا في العراق”، مشيرا إلى أن واشنطن بدأت بسحب بعض قواتها هناك.

وأكد الرئيس الأمريكي أن الشرق الأوسط غير مستقر، ولذلك ستقدم واشنطن للعراق الدعم الذي تحتاجه.

وينتشر في العراق قرابة 5 آلاف عسكري أمريكي، في 8 قواعد، وذلك ضمن التحالف الدولي الذي يتولى محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وللتصدي للخطر الإيراني، كما تقول واشنطن.

التدخل التركي مرفوض “قطعًا”

ومن ناحيته، قال الكاظمي” إن التدخل التركي في العراق غير مقبول ولن نسمح به”، وذلك بعد أن وصلت العمليات العسكرية لأنقرة داخل العراق مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة.

وأضاف الكاظمي بأن حكومته “لن تسمح باستخدام الأراضي العراقية لاستهداف الدول الأخرى”، حيث أكد رفضه القاطع لأن يكون العراق منطلقًا لتهديد أي من جيرانه، مستشهدًا بما جاء في الدستور العراقي.
 

ربما يعجبك أيضا