واشنطن تكشف المستور عن مصير وزير الدفاع الصيني المفقود

شروق صبري
وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو

منذ وصوله إلى السلطة في 2013، أدار الرئيس الصيني حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد في الجيش.. فهل طالت وزير الدفاع؟


لم يظهر وزير الدفاع الصيني منذ ما يقرب من 3 أسابيع، في أحدث قضية اختفاء مسؤول كبير بالحزب الشيوعي.

وتعتقد الحكومة الأمريكية أن الجنرال لي شانج فو قيد التحقيق، في أحدث علامة على الاضطرابات المشتعلة بين أعضاء النخبة في المؤسسة العسكرية والسياسة الخارجية في بكين، وفق ما أوردته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

مسؤول صيني قد التحقيق

شوهد وزير الدفاع الصيني آخر مرة في 29 أغسطس 2023، عندما ألقى خطابا أمام منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي. وكانت آخر رحلاته الخارجية إلى موسكو ومينسك، منتصف الشهر ذاته، والتقى مسؤولين روس على هامش مؤتمر أمني، والرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو.

ونقلت فاينانشال تايمز، في تقرير لها اليوم الجمعة 15 سبتمبر 2023، عن 3 مسؤولين أمريكيين وشخصين مطلعين على المعلومات الاستخباراتية، أن واشنطن خلصت إلى أن شانج فو، الذي لم يظهر علنًا منذ أكثر من أسبوعين، جُرد من مسؤولياته كوزير للدفاع.

وزير الدفاع الصيني لي شانج فو

وزير الدفاع الصيني لي شانج فو

تغيرات في القيادة الصينية

أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد شهرين من إقالة الرئيس الصيني، شي جين بينج، اثنين من كبار الجنرالات في القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي، التي تشرف على ترسانة الصين السريعة التوسع من الصواريخ طويلة المدى والأسلحة النووية.

ولفتت أيضًا إلى أن وزير الخارجية الصيني السابق، تشين جانج، اختفى عن الرأي العام لمدة شهر، قبل إقالته من منصبه في يوليو 2023.

اختفاء مفاجئ

وفق الصحيفة، لم يذكر الأشخاص المطلعون على المعلومات الاستخباراتية ما الذي دفع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى استنتاج أن لي يخضع للتحقيق. ولم يعلق البيت الأبيض على الأمر، ورفضت السفارة الصينية في الولايات المتحدة التعليق.

ونقلت وكالة أنباء رويترز، يوم أمس الخميس 14 سبتمبر، عن مسؤولين فيتناميين قولهم إن لي شانج فو ألغى اجتماعًا فجأة، الأسبوع الماضي، بسبب حالته الصحية. وفي مرحلة ما في الفترة التي سبقت الإطاحة بتشين، أوضحت وزارة الخارجية الصينية أن غيابه عن المناسبات الرسمية كان لأسباب صحية أيضًا.

دراما صينية

فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في العام 2018، عقوبات على شانج فو، على خلفية شراء الصين أسلحة روسية، عندما كان يرأس الإدارة الرئيسة لشراء الأسلحة وتطويرها في الجيش. ورفضت الصين ترتيب أي اجتماع بين وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، وشانج فو، في حين أبقت واشنطن العقوبات عليه، ما فاقم العلاقات الثنائية السيئة بالفعل.

والأسبوع الماضي، أثار سفير الولايات المتحدة لدى اليابان، رام إيمانويل، تكهنات بشأن شانج فو، عندما نشر على تطبيق إكس (تويتر سابقًا)، أن الحكومة الصينية تشبه الآن رواية أجاثا كريستي (ثم لم يبق أحد). وقال “أولاً، اختفى وزير الخارجية تشين جانج، ثم اختفى قادة القوة الصاروخية، والآن لم يظهر وزير الدفاع لي شانج فو علنًا منذ أسبوعين.”

فساد الجيش الصيني

رأى خبير سابق بوكالة المخابرات المركزية لشؤون الصين، دينيس وايلدر، أنه إذا كانت إقالة وزير الدفاع وقادة القوة الصاروخية بسبب الفساد، فهذا يشير إلى أن عملية التدقيق، التي يجريها الزعيم الصيني، لاختيار كبار المسؤولين معيبة، وأن الفساد شائع داخل النظام، رغم حملة شي، التي استمرت عقدًا، ضده.

وأضاف وايلدر أن إدارة المعدات، التي كانت تسمى سابقًا إدارة التسلح العامة، لديها تاريخ طويل من وجود “أسوأ الفساد” داخل الجيش الصيني.

وتعتقد خبيرة الشؤون الصينية في صندوق مارشال الألماني، بوني جلاسر، إن إقالة لي قد تساعد العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والصين لإزالة العقبة، التي تمنع أي اجتماع مع أوستن، مضيفة “لا أعتقد أن ذلك يدعو إلى التشكيك في سيطرة شي جين بينج على الجيش، لكن يجب أن يكون بمثابة تذكير بحجم الفساد الموجود في النظام”.

وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو

وزير الدفاع الصيني لي شانج فو

تاريخ من الفساد

اشارت صحيفة الجارديان البريطانية، اليوم الجمعة، إلى أنه بعد مرور أكثر من 10 سنوات على حكم شي، وبعد أعظم توطيد للسلطة حول زعيم صيني، منذ ماو تسي تونج، أصبحت الرتب العليا الآن جميعها حلفاء “شي”، لكن التحقيق في قضية شانغ فو يثير تساؤلات بشأن مدى فعالية حملة مكافحة الفساد.

وعلق المحلل الصيني، بيل بيشوب، على واقعة اختفاء وزير الدفاع، قائلًا “من اللافت للنظر أنه في العام 11 من تولي شي المسؤولية عن جيش التحرير الشعبي، يوجد مثل هذا الفساد الرفيع المستوى، وبالنسبة لضباط القوة الصاروخية ولي شانج فو، لا يستطيع شي إلقاء اللوم على أسلافه”.

نظام غامض

قال الزميل البارز في كلية لي كوان يو للسياسة العامة، درو طومسون، إن وزيري الدفاع والخارجية كانا “بوابة المجتمع الدولي إلى نظام غامض”، وأن اختفائهما كان مثيرًا للقلق.

وقال طومسون، وهو أيضًا مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية: “إنه لأمر صادم نوعًا ما أن تخفي الصين خلال 3 أشهر وزيرين، وهذان محاوران مهمان، لكن الصين لا تشعر بأي التزام بإبلاغ المجتمع الدولي بكيفية أو سبب رحيل الوزراء، وهذا يعزز مدى تحول الصين إلى الداخل.”

اقرأ أيضًا: بعد غياب أسبوعين.. هل وزير الدفاع الصيني رهن الإقامة الجبرية؟

اقرأ أيضًا: في أول اختبار حقيقي.. هل تعرقل العقوبات الأمريكية على وزير الدفاع الصيني محادثات البلدين؟

ربما يعجبك أيضا