واشنطن وموسكو.. حرب باردة لا تنتهي

ولاء عدلان

 
كتبت – ولاء عدلان
 
بات الكونجرس الأمريكي قاب قوسين من إقرار مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات جديدة على موسكو، ويمنع ترامب من أي محاولة لتخفيف العقوبات دون موافقة مجلس الشيوخ، فيما حذرت الخارجية الروسية بالأمس من عواقب هذه الخطوة على العلاقات بين البلدين، ما رآه البعض مؤشرات تغذي حربا باردة جديدة.
 
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كوركر في بيان أمس، يسعدني إعلان أننا توصلنا لاتفاق سيسمح لنا بإحالة تشريع العقوبات إلى مكتب الرئيس، سننتقل إلى إقرار عقوبات ضد روسيا وإيران بعد أن وافقنا عليها في منتصف يونيو الماضي إلى جانب عقوبات على كوريا الشمالية وضعها مجلس النواب وتضمنت مشروع قانون أقره الكونجرس بأغلبية ساحقة.
 
قرار مثير للجدل
 
وتعليقا على هذا التوافق البرلماني، قالت صحيفة “يو أس تو دي” في مقال رأي اليوم، ليس من الحكمة أن يتدخل الكونجرس بشكل مباشر في السياسة الخارجية، وكما أنه من الصعب إلغاء القوانين الخاصة بفرض عقوبات على بلد ما، فإنه من الصعب أيضا أن ننكر على الرئيس المرونة اللازمة في العلاقات الدبلوماسية، لكن عمل الكونجرس ضد ترامب يستحق الإشادة، لاسيما في الملف الروسي، إذ لا يزال ساكن البيت الأبيض ينكر فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، على الرغم من كل تقارير الـ”سي أي أية” التي تؤكد أن موسكو تدخلت عن طريق خرق معلوماتي لتعزيز ترشيحه.
 
ومن المقرر أن يتضمن القانون الجديد عقوبات ضد مسؤولي أمن المعلومات في روسيا وموزعي الأسلحة إلى سوريا، كما سيتضمن التشريع عقوبات ضد إيران وكوريا الشمالية، وعلى الرغم من أن هذه العقوبات تبدو متواضعة إلا أن الإعلان فقط عن عزم الكونجرس إقرارها الأسبوع المقبل قبيل عطلة أغسطس كان كافيا لتفتح الخارجية الروسية وكذلك الكرملين النار على واشنطن.
 
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، الأربعاء، لوكالة إنترفاكس، معدو مشروع القانون هذا ومؤيدوه اتخذوا خطوة جدية نحو هدم آفاق تحسين العلاقات مع روسيا، مذكرا بأن بلاده حذرت الجانب الأمريكي عشرات المرات من أن مثل هذه الخطوات لن تبقى دون رد.
 
فيما علق على القرار الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قائلا إنها أنباء حزينة من وجهة نظر العلاقات الروسية – الأميركية، إننا نتحدث عن تصرف غير ودود بالمرة، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتخذ بمجرد تحول العقوبات إلى قانون قرار في شأن ما إذا كانت موسكو سترد وكيفية الرد.

علاقات في مهب الريح
 
ردود الفعل الغاضبة من قبل دولة بحجم روسيا تضع العالم على أبواب حرب باردة جديدة، فموسكو مع وصول ترامب إلى سدة الحكم كانت تأمل في إصلاح العلاقات مع واشنطن، لكنها منيت بخيبة أمل بعد أن ساهمت مزاعم تدخلها في انتخابات 2016 في تأليب الجمهوريين أنفسهم ضد ترامب فبالأمس القريب سمعنا السناتور جون مكين يحث أعضاء حزبه من داخل الكونجرس على الوقوف في وجه ترامب قائلا “نحن لسنا مرؤوسين للرئيس ولكننا أنداد”.
 
على قاعدة الأنداد إذا يتعامل الكونجرس مع الرئيس ترامب، ما يجعلنا نقول أن الأغلبية الساحقة التي نالها قانون العقوبات الجديدة على موسكو ما هي إلا ردة فعل مباشرة على فضيحة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية.
 
ويرى معظم مراقبي البيت الأبيض أن ترامب لينفي عن نفسه هذه الفضيحة سيضطر إلى إقرار العقوبات الجديدة دون أي محاولة لتخفيفها، لنرى ساعاتها كيف ستكون ردة فعل الدب الروسي الذي نجح خلال الفترة الأخيرة مدعوما بتجاوزه صدمة إنهيار أسعار النفط في التأكيد على قدرته على قلب الأوضاع دائما لصالحه سواء باستعادته للقرم أو بالإبقاء على بشار الأسد على رأس الحكم في سوريا رغم كل شيء، وفي المقابل ساكن البيت الأبيض سواء كان ترامب أو أوباما من قبله لا يملك شيء للوقوف أمام هذا التقدم الروسي سوى سلاح العقوبات الذي أثبت فشله.
 
وحتى ترامب نفسه اعترف ضمنيا بأنه من الصعب الدفع ببوتين باتجاه التخلي عن أي من أهدافه، فقال في مارس الماضي، لست على معرفة شخصية ببوتين، إلا أننى على يقين تام بأنه صلب يصعب كسره.. لست على علم بما ينجزه لروسيا، لكننا سوف ندرك ذلك فى يوم من الأيام.
 
إذا العلاقات بين القطبين باتت في مهب الريح وتسير نحو المجهول، وما شهدناه من مؤشرات للتقارب الأمريكي الروسي في قمة العشرين الأخيرة ليس سوى فقاعات صابون ستتلاشى سريعا لتظهر بعدها الحقيقة أو بالأحرى ما ستفرضه لغة المصالح بين البلدين.
 
 
 

ربما يعجبك أيضا