يكشف كذب المراجعات الفكرية لحركة النهضة التونسية.. تريندز يصدر أول أعداد سلسلة «اتجاهات حول الإسلام السياسي»

عاطف عبداللطيف

رؤية

أبوظبي – صدر عن مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” مؤخراً العدد الأول من سلسلة “اتجاهات حول الإسلام السياسي”، بعنوان: “المراجعات في تجارب الحركات الإسلاموية في مرحلة ما بعد الربيع العربي: حركة النهضة نموذجاً”، للدكتور فريد بن بلقاسم، المتخصص في الحركات الإسلاموية.

وتسعى هذه الدراسة إلى تحليل تجربة المراجعات التي أعلنت حركة النهضة أنها قامت بها منذ مؤتمرها العاشر في عام 2016؛ وكشف حقيقة خطاب الحركة الذي زعمت فيه إنهاء ارتباطها مع جماعة الإخوان المسلمين، والفصل بين الدعوي والسياسي، والإسلام الديمقراطي أو المسلمين الديمقراطيين بصفة عامة. وترى الدراسة أن هذه المراجعات التي أجرتها حركة النهضة اتسمت بالغموض وعدم الوضوح، والدليل على ذلك أنها وضعت تعريفاً لنفسها بأنها “حزب سياسي وطني ذو مرجعية إسلامية”؛ وهي عبارة فضفاضة وتحمل معاني عديدة، لا سيما أن الصياغة تجعلها مكوناً من مكونات هوية الحركة الإسلامية، ويمكن أن يُفهم منها أنها لم تتخل نهائياً عن الإسلاموية، وأنها ماتزال تستمد مشروعيتها السياسية من الدين، بحسب الموقع الإلكتروني لمركز تريندز للاستشارات.

وتوضح الدراسة أن الحركة أرادت من هذا التعريف الفضفاض استمرار الخيط الرابط بينها وحركات الإسلام السياسي، كي تجمع بين الدين والسياسة، وفسح المجال في ظل نظام حكم ديمقراطي تعددي لتكوين جمعيات دعوية غير مرتبطة تنظيمياً بالحزب تكون مهمتها إعداد المجتمع الإسلامي الذي سيكون أساس بناء الدولة الإسلامية التي تحتكم إلى قواعد الحكم الإسلامي وتقبل تطبيق الشريعة، وهي الغاية المنشودة. وهذا الفصل النظري والشكلي بين الدين والسياسة الذي أعلنت عنه الحركة لا ينفصل عن النهج الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين، ومساعيها المستمرة لتوظيف الدين لخدمة مصالحها السياسية.

وتذهب الدراسة إلى أن إعلان حركة النهضة الفصل بين الدعوي والسياسي ليس سوى مقولة دعائية تمويهية لتخفيف الضغط عليها بإظهارها في صورة جديدة من ناحية، وخدمة غاية الحركة الإسلاموية النهائية وهي إرساء دعائم الدولة والمجتمع الإسلاميين، وفق تصورها المخصوص من ناحية أخرى.

ويؤكد البعد البراجماتي في خطة حركة النهضة؛ فهي تقر بأن هدف الجماعة الإسلامية القريب والبعيد إقامة الحكم الإسلامي، ولكنها تتعامل مع الواقع بنوع من المرونة؛ ويظهر ذلك في قبولها التحالف مع غير الإسلاميين لإقامة حكم تعددي، وفي ظل هذا الحكم التعددي يسمح للدعاة بنشر الدعوة تمهيداً لإقامة حكم الإسلام، ولو بعد حين.

وتخلص الدراسة إلى أن المراجعات التي أجرتها حركة النهضة التونسية جاءت استجابة للضغوط الإقليمية والدولية ومحاولة للتكيف معها، ولم تعبر عن تغيير حقيقي في مواقفها الفكرية والأيديولوجية والسياسية، فما تزال الحركة تدور في فلك تيار الإسلام السياسي؛ تتبرأ من حركاته ذات النوازع المتطرفة والمتشددة، وتحتفظ في العمق بأطروحاته الأساسية من قبيل شمولية الإسلام، والإسلام دين ودولة، والمجتمع الإسلامي، وتغلفها بثوب جذاب عنوانه الإسلام سواء الديمقراطي أو الوسطي أو المعتدل.

وبهذه المناسبة أوضح الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ”تريندز للبحوث والاستشارات” أن إصدار سلسلة “اتجاهات حول الإسلام السياسي” يأتي من منطلق حرص “تريندز” على تحليل ظاهرة الإسلام السياسي من منظور علمي وأكاديمي في سياقاتها الوطنية والإقليمية والدولية.

وأشار الدكتور العلي إلى أن هذه السلسلة ستركز على دراسة ظاهرة الإسلام السياسي، والتعرف على أطرها الفكرية والأيديولوجية والتنظيمية والحركية، واستشراف مآلاتها المستقبلية في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، كما تهتم هذه السلسلة بتحليل الروافد الفكرية لهذه الحركات، وكيف شكلت الأساس الذي انطلقت منه التنظيمات المتطرفة والإرهابية العابرة للحدود.

وأضاف العلي أن هذه السلسلة ستركز أيضاً على تحليل رؤية حركات الإسلام السياسي للعديد من القضايا؛ كالدولة الوطنية، وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات، والعلاقات مع الآخر، خاصة أن هذه الرؤية تصطدم بالخصوصية الثقافية والمجتمعية للعديد من المجتمعات والدول، وتنتهك سيادتها الوطنية، وتمثل تهديداً للأمن والاستقرار فيها.

ربما يعجبك أيضا