جهود الإمارات في منطقة القرن الإفريقي.. كيف تعزز السلام وتدعم التنمية؟

نداء كسبر

تحتل الإمارات مكانة دولية وإقليمية بالغة الأهمية دفعتها لتصبح ضمن الفواعل الأكثر تأثيرًا في العديد من المناطق، من أبرزها القرن الإفريقي.


لم يقتصر الدور الإماراتي في منطقة القرن الإفريقي على الجانب الإغاثي والإنساني فحسب، بل امتد ليشمل عمليات التهدئة وتحقيق السلم والأمن في عديد من مناطق التوتر الإفريقية.

فقادت الإمارات جهود الوساطة في الملف الخاص بالمصالحة الإرتيرية- الإثيوبية، وأصبح دورها أكثر وضوحًا في المراحل النهائية من التقارب بين إثيوبيا وإريتريا، وإقناع القيادة في الدولتين بفوائد المصالحة والحاجة إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين أسمرة وأديس أبابا.

الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي

تقع منطقة القرن الإفريقي شرق القارة، وتضم جغرافيًّا كلًّا من الصومال، جيبوتي، إثيوبيا، إريتريا، كينيا، أوغندا، السودان، جنوب السودان. وتكتسب المنطقة أهميتها من موقعها الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر والمحيط الهندي، ومن ثم تحكمها في الملاحة البحرية التي تمر عبر مضيق باب المندب، خاصة تلك المتعلقة بالتجارة النفطية القادمة من الخليج إلى أوروبا.

تلك المزايا جعلت المنطقة مقصد اهتمام عديد من القوى والفواعل الدولية، ويستدل على ذلك من رصد إجمالي القواعد العسكرية الأجنبية المنتشرة في دول المنطقة، إلى جانب تمركز الاستثمارات أبرزها الخليجية في دول القرن الإفريقي، وقد عزز من ذلك ما تمتلكه المنطقة من موارد طبيعية أو نفطية.

المساعدات الإنسانية لمواجهة المجاعة

أعلنت الإمارات في 10 مارس الجاري إسهامها بـ85 مليون دولار، للتصدي للتحديات الإنسانية في منطقة القرن الإفريقي ودعم العمليات الإنسانية في إثيوبيا، وأوضحت وزارة الخارجية الإماراتية أن هذه المساهمة تأتي بالتنسيق مع “صندوق الإغاثة لمواجهة المجاعة”.

ودفعت الإمارات المساهمة إلى عدد من الوكالات، ويشمل ذلك “برنامج الأغذية العالمي” و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و”منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)”، و”المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”. وجاء هذا الإعلان خلال الإحاطة التي قدمها وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، بشأن الجفاف في القرن الإفريقي.

الإمارات تهتم باستقرار القرن الإفريقي

شدد وزير الدولة للشؤون الخارجية، الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، على أن دولة الإمارات تولي أهمية بالغة لضمان استقرار منطقة القرن الإفريقي، لأن تداعيات تغير المناخ في المنطقة أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني.

وتأتي مساهمة دولة الإمارات كجزء من الجهود المبذولة في مجال الأعمال الإنسانية، فسبق وأن تشارك “الهلال الأحمر الإماراتي” و”مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية” في تسيير جسر جوي وتحريك سفينة إغاثة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص المتضررين من الجفاف في الصومال.

التعاون في مجال مكافحة الإرهاب

مشكلات الفقر وضعف بنية دول القرن الإفريقي، جعلت المنطقة ملاذًا للجماعات الإرهابية، خاصة أنها تضم بعض التنظيمات والجماعات الراديكالية شرق القارة مثل جماعة “شباب المجاهدين” في الصومال، إلى جانب تصاعد أعمال القرصنة البحرية في تلك المناطق.

ودفعت تلك التهديدات دولة الإمارات لتكثيف تعاونها الأمني مع دول المنطقة على مختلف المستويات، لحماية حركة الملاحة البحرية من أعمال القرصنة، والحفاظ على استقرار الاستثمارات الإماراتية بالقرن الإفريقي.

تطويق الأذرع الإقليمية

تتصارع كل من إيران وإسرائيل من أجل الهيمنة على أكبر قدر من المنافذ البحرية بالبحر الأحمر،  لتأمين صادراتهما ووارداتهما من السلاح، إلى جانب استحواذهما على أكبر قدر من المواد الخام المتوافرة في تلك المنطقة، في محاولة لتقليص النفوذ الخليجي.

ودفع ذلك التصارع دولة الإمارات إلى اتخاذ استراتيجية أكثر فاعلية لمواجهة هذا التمدد عن طريق توقيع اتفاقيات ثنائية مع حكومات دول القرن الإفريقي، ومذكرات تفاهم بمقتضاها يتكثف التعاون بين الجانبين، زيادة استثماراتها وتوجهاتها التنموية بدول المنطقة لمزيد من تثبيت نفوذها هناك.

ربما يعجبك أيضا