بعد إعلان مادورو رأسمالية فنزويلا.. ما التداعيات الاقتصادية؟

آية أحمد

من المتوقع انتعاش اقتصادي غير متوقع يشجع 6 ملايين مهاجر على العودة بعدما هربوا في السابق من الأوضاع المعيشية الصعبة في فنزويلا


أطلق الزعيم الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو حزمة من الإجراءات الإصلاحية المستندة إلى السوق الحرة، التي بدأت تؤتي ثمارها وتسهم في تحقيق النموّ.

إن الدورة التقدمية الجديدة التي تشهدها أمريكا اللاتينية الآن لا تشبه تلك التي شهدتها بداية القرن الـ21، والاقتصاد الفنزويلي صمد في مواجهة كل المصاعب بعد سنوات من التدخل الحكومي الذي قلص الناتج المحلي الإجمالي للأمة الغنية بالنفط إلى مستويات أقل مما كان عليه في السابق، لكنه اليوم يمر بمنعطف جديد.

أسباب الهجرة من فنزويلا

في حالة فنزويلا، ارتبطت عملية الهجرة ارتباطًا مباشرًا بالظروف الاقتصادية السلبية وتداعياتها المباشرة التي تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم، وفقدان القوة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة، وتدهور المنظومة الصحية، وانعدام الأمن الشخصي والقانوني.

ولم تستقبل أي دولة مهاجرين أكثر من الجار الغربي لفنزويلا، كولومبيا، فقد أعيد توطين حوالي 1.8 مليون شخص هناك، ما أدى إلى قلب النظام الاقتصادي الذي دام عقودًا من الزمن الذي شهد عبور العمال بحثًا عن العمل.

وسقط الفنزويليون في الغالب في وظائف بمحلات التجزئة والمطاعم والفنادق الكولومبية، وهي بالتحديد أكثر الصناعات تضررًا من عمليات الإغلاق الوبائية الأولية.

معدل تضخم قياسي

جاء الجزء الثاني من الضغط المالي عندما ارتفع التضخم إلى عنان السماء في كولومبيا والدول المضيفة للمهاجرين. وفي شيلي، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 7.8%. وفي البرازيل ارتفع إلى 10.4%. ولم تؤد المصاعب الاقتصادية إلا إلى زيادة إثارة كراهية الأجانب في جميع أنحاء المنطقة.

وظهرت تداعيات أزمة كوفيد-19 التي خلص إليها تقرير ENCOVI 2021 على النحو الآتي: زيادة معدلات الفقر في فنزويلا، انخفاض معدلات الدخول، فقدان فرص العمل. وأشار التقرير إلى أن 94.2% من الفنزويليين يعانون انعدام الأمن الغذائي و24.5% يعانون الجوع، وارتفعت نسبة الفقر إلى 94.5%، وارتفع الفقر المدقع إلى 76.6%.

إعلان رأسمالية فنزويلا

إن تمكن بعض المهاجرين الآن من جني المزيد من المال في الداخل أكثر مما جنوا في الخارج يلقي الضوء على إحدى الصعاب الحقيقية في فنزويلا في ظل الحكم الاشتراكي، وفي حين لا تزال الاقتصادات في أمريكا اللاتينية في حالة صعود وهبوط وتكافح من أجل التعافي من الانهيار الناجم عن الوباء، فقد تحسنت فنزويلا بشكل ملحوظ.

أطلق الزعيم الاشتراكي، نيكولاس مادورو حزمة من الإجراءات الإصلاحية المستندة إلى السوق الحرة، التي بدأت تؤتي ثمارها وتسهم في تحقيق النموّ، ومن المتوقع انتعاش اقتصادي غير متوقع يشجع 6 ملايين مهاجر على العودة بعدما هربوا في السابق من الأوضاع المعيشية الصعبة.

توقعات بتراجع التضخم

يتوقع مصرف “كريدي سويس” سنة ثانية من النموّ في عام 2022، تراجع معدل التضخم عن الذروة التي كان بلغها قبل بضع سنوات حين سجّل 2,000,000%.

وهذا التحسن لا يقتصر على الأشخاص الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، بل أيضًا أولئك الذي يحصلون على عملة البوليفار، إذ تباطأ معدل التضخم إلى معدل سنوي بلغ 25% على مدى الأشهر الستة الماضية، وأخيرًا بدأ إنتاج النفط في الانتعاش أيضًا، فارتفع إنتاج النفط ليزيد عن 800 ألف برميل يوميًّا.

بايدن يدرس إحلال النفط الفنزويلي محل النفط الروسي

بسبب موجة من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مدى الأسبوعين الماضيين أرسلت إدارة بايدن مبعوثًا إلى كاراكاس للتفاوض على رفع محتمل للعقوبات، ومن شأن هذه الصفقة أن تسمح لفنزويلا بتصدير المزيد من النفط.

ووفق محللين فسيساعد هذا الأمر على تقليل الاعتماد العالمي على النفط الروسي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وعزل موسكو عن أحد حلفائها الرئيسين في أمريكا الجنوبية.

آفاق مستقبلية

رغم أن العقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا من المرجح أن تزيد من صعوبة الحياة بالنسبة للاقتصاد الفنزويلي الذي دمره التضخم الشديد، عن طريق قطع شركة النفط التابعة لفنزويلا حساباتها المصرفية في روسيا، لكن هذا لا يعني أن حكومة مادورو ستكون مستعدة لقطع علاقاتها بموسكو، واحد من أقرب حلفائها.

وقد يكون لارتفاع الأسعار وإطالة أمد النقص في الأسمدة الروسية أثر شديد على الزراعة في المنطقة، وهو ما يرجع بالفعل إلى ارتفاع تكاليف المدخلات، وإذا توقفت الأسمدة الروسية عن الوصول إلى المنطقة، فإن النتيجة ستكون ارتفاع أسعار الغذاء في المستقبل المنظور.

 

ربما يعجبك أيضا