«جزار ماريوبول» الغامض.. ما علاقته بالحرب الروسية الأوكرانية؟

لسنوات عديدة ظل الكولونيل جنرال ميخائيل ميزينتسيف شخصية غامضة في القيادة العسكرية الروسية، وتردد اسمه خلال الأسبوع الماضي بلقب “جزار ماريوبول”، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت أسبوعها الثامن.

غردّت رئيسة المركز الأوكراني للحريات المدنية، أولكساندرا ماتفيتشوك، الأسبوع الفائت، بصورة للجنرال الروسي، يبلغ عمره 59 عامًا، قائلة: “هذا ميخائيل ميزينتسيف. يقود حصار ماريوبول.. لديه خبرة كبيرة في تدمير المدن في سوريا”.

Remember him. This is Mikhail Mizintsev. He is leading the siege of Mariupol. It was he who ordered the bombing of a children's hospital, the drama theatre etc. He has huge experience of destroying cities in Syria. We’ll take care of the meeting him in the Hague#RussianWarCrimes pic.twitter.com/9mWzoCnofl

— Oleksandra Matviichuk (@avalaina) March 23, 2022

عقوبات بريطانية

اتهم مسؤولون ونشطاء أوكرانيون الجنرال الروسي ميزينتسيف بتخطيط وتنفيذ حصار مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب شرقي أوكرانيا، الذي أوقع، بحسب رئيس البلدية، آلاف القتلى بين المدنيين وسوّى مبانٍ سكنية بالأرض.

وفرضت الحكومة البريطانية عقوبات يوم 31 مارس 2022 على ميزينتسيف، الذي يرأس مركز التحكم في الدفاع الوطني الروسي، مُتهمة إيّاه “بتخطيط وتنفيذ قصف مدينة ماريوبول، من بين عمليات عسكرية روسية رئيسية أخرى ضد أوكرانيا”. وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان، إن الضابط العسكري الروسي أطلق عليه لقب “جزار ماريوبول”.

ورغم شهرته الحديثة، أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إلى أن بعض المراقبين المعنيين بروسيا فوجئوا باختلاف وتميّز ميزينتسيف. يقول خبراء إنه لم يحظ بسمعة طيبة رغم عقود من الخدمة في الجيش الروسي.

الجنرال الغامض

يقول الأستاذ الفخري المختص في القوات المسلحة الروسية بكلية لندن الجامعية، مارك جاليوتي: “لا أعتقد أنه (ميزينتسيف) يتولى أي مسؤولية قيادة عملياتية هنا، ولا يحظى بأي سُمعة خاصة كضابط صارم أو غيره”. لكن كبير المحللين بمركز أبحاث “سي إن إيه” في واشنطن، جيفري إدموندز، يقول يوجد غموض حول ميزينتسيف وإنه يعرف القليل عنه.

ورأى الخبير الروسي في مركز الأبحاث البريطاني تشاتام هاوس، كير جايلز، أن ميزينتسيف شخصية بارزة، لكنه قضى معظم العقود الماضية في وظائف “إدارية مثل إدارة المقرات ومراكز التنسيق”. وأضاف، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لواشنطن بوست:”«لذلك يبدو (ميزينتسيف) مختلفًا عن القادة الروس البارزين الآخرين الذين لديهم في الغالب خبرة عملية على الأرض بسوريا”.

تكتيكات بغيضة

في حين لم تفرض الولايات المتحدة عقوبات على ميزينتسيف، قالت الخارجية البريطانية إنه “معروف باستخدامه تكتيكات بغيضة، بما في ذلك قصف مراكز مدنية في حلب السورية بين عامي 2015 و2016 والآن في ماريوبول الأوكرانية التي تشهد فظائع ضد الأوكرانيين”، وفق الصحيفة.

وأثار حصار ماريوبول مقارنات مع ما حدث في حلب خلال الحرب السورية، عندما ساعدت القوات الروسية الرئيس بشار الأسد في سحق المتمردين خلال حملة لـ8 أشهر، تضمنت استخدام قنابل عنقودية وأسلحة كيماوية وذخائر محظورة أخرى، إضافة إلى قصف عنيف وضربات جوية تقليدية. وفق موقع وزارة الدفاع الروسية ترأس ميزينتسيف هيئة تنسيق وزارية مسؤولة عن عودة اللاجئين خلال الحرب في سوريا.

رجل روسيا في “اتفاق ماريوبول”

عُرف ميزينتسيف بأنه رجل روسيا الرئيس في اتفاق مع أوكرانيا لوقف إطلاق النار، إنسانيًّا، لإجلاء سكان ماريوبول المُحاصرين وتسليمهم المساعدات الضرورية، وسط تقديرات باستمرار حصار أكثر من 100 ألف شخص إلى الآن في المدينة البالغ عدد سكانها 430 ألف نسمة، التي تحوّلت إلى “جحيم متجمد مليء بجثث ومبانٍ مدمرة»، مثلما وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وفق مجلة نيويورك بوست الأمريكية.

وأفادت وكالة أنباء انترفاكس الروسية بوقف إطلاق النار في ماريوبول الأوكرانية “لأغراض إنسانية بحتة”. وكتب المتحدث باسم الجيش الأوكراني في أوديسا، سيرجي براتشوك، على فيسبوك في 22 مارس الماضي، أن ميزينتسيف كان يتحكم “شخصيًّا” في العملية العسكرية بماريوبول، مضيفًا أن الزعيم الروسي أمر قواته بقصف مستشفى للولادة وأهداف مدنية أخرى.

تسريب صوتي: جزار ماريوبول يوبّخ جنودًا روس

أصدرت الحكومة الأوكرانية مقطعًا صوتيًّا زعمت أنه تسجيل مُسرّب لـ”جزار ماريوبول”، وهو يوبخ ويهدد جنود روس بسبب مظهرهم. نعت أحدهم بـ”حثالة” لعدم ارتدائه زيه العسكري. لكن واشنطن بوست قالت إنها لم تتمكن من التحقق من صحة التسجيل.

شارك سفير أوكرانيا السابق في النمسا، ألكسندر شيربا، المقطع الصوتي المُسرب على تويتر في 23 مارس الماضي، واصفًا ميزينتسيف بأنه “جزار ماريوبول”. قال شيربا لاحقًا للواشنطن بوست إنه لم يكن يعرف ميزينتسيف قبل الحرب الروسية الأوكرانية،

وأضاف أنه “لم يكن خبيرًا” في الجيش الروسي. وفي تغريدة أخرى بتاريخ 22 مارس، وصفه بأنه “كولونيل الموت”، مُضيفًا أنه “نفّذ حرب بوتين في روسيا من فترة. الآن ينسق تدمير ماريوبول”.

ضلوع مُفاجئ وغموض مألوف

أوضح الخبير الروسي في مركز الأبحاث البريطاني تشاتام هاوس، كير جايلز، أن تحمل ميزينتسيف العبء الأكبر في حصار وتدمير ماريوبول يبدو مفاجئًا بالنظر إلى شخصيته، إلى جانب معلومات استخباراتية بريطانية وأمريكية حول عمليات روسية، لكنه قال إن هذا لا يعني بالضرورة أنه لم يكن مسؤولًا.

R8TNY6 Moscow, Russia. 18th Dec, 2018. MOSCOW, RUSSIA – DECEMBER 18, 2018: Mikhail Mizintsev, Director of the Russian National Defence Management Centre, Russia’s Defence Minister Sergei Shoigu, and President Vladimir Putin (L-R) view an exhibition of military technology ahead of an extended meeting of the Russian Defence Ministry Board in the National Defence Management Centre in Moscow. Mikhail Klimentyev/Russian Presidential Press and Information Office/TASS Credit: ITAR-TASS News Agency/Alamy Live News

غموض هويّة وتكتيكات الجنرال الروسي، ذي الـ3 نجوم، أمر مألوف في روسيا أيضًا، وفق الخبير الأمني والصحفي الاستقصائي الروسي أندريه سولداتوف. الذي قال: “إنه ليس اسمًا كبيرًا في روسيا”، بخلاف وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، القائد العسكري الوحيد المعروف للروس.

وقد اختفى شويجو فجأة لمدة 12 يومًا قبل أن يعاود الظهور علنًا يوم 26 مارس الماضي، وسط تكهنات حول تأثر القيادة العسكرية الروسية جراء حرب بوتين التي يُعتقد على نطاق واسع أنها أضرت بالكرملين.

اقرأ أيضًا:

شاهد.. مدينة ماريوبول الأوكرانية تتحول لمقبرة جماعية جراء القصف الروسي

تمنح روسيا كل شيء.. ما الأهمية الاستراتيجية لمدينة ماريوبول الأوكرانية؟