الفرق بين الاكتئاب والحزن.. لماذا لا يذهب البعض إلى الطبيب؟

رنا الجميعي
لماذا يردد الناس كلمة أنا مكتئب؟

قد تشخص حالة الحزن الشديد التي تمر بها بأنها اكتئاب، ولكن متى تُشخص حالتك بأنك مكتئب؟ وما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟


“أنا مكتئب”.. كلمة تتردد على ألسنة الناس، واصفين في الأغلب شعةرهم بالضيق أو الحزن، لكن يوجد فرق كبير بين مرض الاكتئاب ومشاعر الحُزن.

وينتشر لفظ الاكتئاب كلسان حال كثيرين، كذلك يتردد على لسان الممثلين في الأفلام والمسلسلات، ويعبر به رواد مواقع التواصل الاجتماعي على الصور الضاحكة “الميمز”، وتتعدد أسباب انتشار الكلمة على ذلك النحو رغم كونها مرضًا نفسيًّا، وليست كلمة بسيطة تُقال في الحوارات اليومية.

الفرق بين الاكتئاب والحزن

تحذر استشارية الطب النفسي، ولاء حسني، من استخدام كلمة “مكتئب” في الحوارات اليومية، وتقول في اتصال هاتفي لـ”شبكة رؤية الإخبارية” إن الفارق كبير بين الاكتئاب والحزن، وتوجد أعراض واضحة لمرض الاكتئاب منها عدم الاستمتاع بالأشياء التي اعتاد المرء فعلها، والتقصير في وظائف الحياة الروتينية.

وتطرح الطبيبة مثلًا على ذلك بطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة أو التمرين مطلقًا، أو مراهق ينعزل عن أصدقائه بعد أن كان يستمتع بالجلوس معهم، مشيرة إلى أن تلك الأعراض قد تشير إلى مرض صاحبها بالاكتئاب.

تأثير مستويات الرفاهية في الاكتئاب

يتفق مع هذا الحديث أستاذ الطب النفسي، علي النبوي، الذي يفسر تلك الردود كنتيجة للظروف المجتمعية المُحيطة بسبب زيادة الضغوط، ومنها تطلع المرء للرفاهيات، موضحًا أن الإنسان أصبح يتأثر بمستويات الرفاهية المحيطة به، ويتمنى الوصول إليها، وقد يشعر بالإحباط حال فشله في تحقيقها.

ويرجع أستاذ الطب النفسي سببًا آخر لتكرار لفظ الاكتئاب، وهو تناول وسائل الإعلام من التلفزيون والصحافة لقضية الاكتئاب، مشيرًا إلى تردد مصطلحات كثيرة على نحو متزايد في وسائل الإعلام منها الاكتئاب والتنمر.. وكذلك تكرارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصار رواد المواقع يعلقون بنفس اللهجة.

ويُعطي أستاذ الطب النفسي بُعدًا آخر لتلك الأحاديث بقوله: “تعتبر المشاعر من الأشياء المكتسبة التي تشيع بين الأفراد، لذا من الطبيعي أن يعبر الشخص عن ضيقه بنفس الطريقة التي رآها من شخص آخر”.

كلمة “أنا مكتئب”.. “علكة في لسان الناس”

مديرة مشروع الفيل المتخصص في التوعية بالصحة النفسية، سارة رفعت، تقول كلامًا آخر، وتحكي لـ”شبكة رؤية الإخبارية” من واقع تجربتها أن كلمة “أنا مكتئب” تتردد على الألسنة منذ سنوات طويلة، وفي رأيها أنها ليست ظاهرة حديثة، ويستخدمها البعض منذ زمن دون فهم حقيقي لمعناها، “وذلك من أخطر ما يفعله المرء بنفسه، وهو تشخيص حالته دون مراجعة طبيب نفسي”.

وتشير مديرة “مشروع الفيل” إلى الفارق بين الاكتئاب والحزن، ومن بينها استمرار الأعراض لفترة طويلة “الاكتئاب يستمر لفترات طويلة، ومن أعراضه عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية”، وتؤكد رفعت على ملاحظتها الخاص بكثرة ترديد “أنا مكتئب” منذ زمن على تناول الأعمال الفنية في حواراتها أيضًا نفس طريقة الحوار “هي جزء من ثقافتنا العربية نستخدمها دون حساب”.

لماذا لا يذهب البعض إلى الطبيب النفسي؟

عدم الذهاب إلى طبيب نفسي هي المشكلة الأساسية، ويعتبر مشروع الفيل الذي أطلقته منصة “ستوري تل”، محاولة لسد الفجوة في المحتوى العربي الخاص بالصحة النفسية، وأنتج المشروع 25 قصة صوتية “بودكاست” للتوعية بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب “حتى الآن يتردد كثير من الناس في تقبل فكرة الذهاب إلى طبيب نفسي”، بحسب رفعت.

وتشتكي من ذلك الدكتورة ولاء حسني أيضًا بقولها إن البعض ممن يشعرون أنهم مرضى اكتئاب لا يذهبون إلى الطبيب مباشرة، بل يبحثون عن المساعدة في الدوائر القريبة أولًا من الأقارب والأصدقاء، ثم بعدها يبحث عما يُعرف بـ”life coach”، وفي حال لم يتحسّن يذهب بعدها إلى الطبيب النفسي “حتى الآن لا زالت خطوة الذهاب إلى طبيب نفسي يخطط لها لوقت طويل”.

الدول العربية ما زالت تعاني من “وصمة الطب النفسي”

رغم أن البعض يجد صعوبة بالغة في الذهاب إلى طبيب بحسب تجربة استشاري الطب النفسي، تجد تحسنًا في التوعية بالصحة النفسية خلال العقد الماضي، وازداد ذلك التحسن بفعل بعض العوامل منها وجود منصات إلكترونية للدعم النفسي مثل تطبيق “شيزلونج”، وتقول عن ذلك “وجود منصات إلكترونية سهل للناس التحدث مع متخصصين دون الحاجة للذهاب ومقابلته وجهًا لوجه”، وبحسب حديثها أكثر المترددين على تلك المنصات هم الطلبة “لأنهم لا يرغبون في إخبار أهلهم”.

وفي تقدير الدكتورة ولاء حسني أن الدول العربية ما زالت تعاني من وصمة الطب النفسي، وفي رأيها ما زال الطريق طويلًا أمام تقبل الناس للطب النفسي دون خوف، وتقول: “أتمنى أرى الناس يتجهون إلى الطبيب النفسي كما يذهبون إلى دكتور الباطنة”.

ربما يعجبك أيضا