4 رمضان.. ذكرى مولد مصطفى كامل الرجل الذي قاوم الاحتلال البريطاني

محمود سعيد

استعان الخديوي عباس حلمي الثاني بالزعيم مصطفى كامل الذي أسس "جمعية أحباء الوطن السرية" من أجل الدعاية لقضية استقلال مصر


يعد الزعيم السياسي المصري، مصطفى كامل، أحد أهم رموز العالم الإسلامي، وهو من قاد حملات استقلال مصر عن الاحتلال البريطاني، ومن أهم أعماله تأسيس الحزب الوطني.

وقد تسببت جهوده في فضح جرائم الاحتلال البريطاني، بعدما ندد بها في الصحف والمحافل الدولية، خصوصًا بعد مذبحة قرية دنشواي، ما أجبر الاحتلال على عزل المندوب السامي البريطاني في مصر، اللُّورد كرومر، وكان حاكم مصر الفعلي حينها.

حياة مصطفى كامل

ولد الزعيم المصري الوطني، مصطفى كامل، في الرابع من رمضان عام  1264هـ، 14 أغسطس 1874م، وكان أبوه علي محمد، من ضباط الجيش المصري، والتحق بمدرسة الحقوق وأتقن اللغة الفرنسية عام 1891م. بعد ذلك التحق بمدرسة الحقوق الفرنسية، ثم حصل على شهادة الحقوق من كلية “تولوز”، وسعى، بعد عودته، إلى إنشاء الجامعة الأهلية في مصر، لتمكين الفقراء جنبًا إلى جنب مع الأغنياء، من التعلم مجانًا.

وكان مصطفى كامل من أكبر المناهضين للاستعمار، وعُرف بدوره الكبير في مجالات النهضة، مثل نشر التعليم وإنشاء الجامعة الوطنية. وكان حزبه الذي أسسه، الحزب الوطني، ينادي برابطة أوثق بالدولة العثمانية، وقد أدت مجهوداته إلى فضح جرائم الاحتلال والتنديد بها في المحافل الدولية.

أهم مواقفه ومؤلفاته

عمل مصطفى كامل في صحيفة الأهرام، كاتب مقالات رأي عام 1892م، وازدادت شهرته مع هجوم الصحافة البريطانية عليه. وأيد فكرة الجامعة الإسلامية، وكان من مؤيدي التيار الإصلاحي في العالم الإسلامي، وأسس جريدة “اللواء” عام 1900. وكذلك جريدة “العالم الإسلامي” الأسبوعية التي قال عنها مصطفى صادق الرافعي: “إن مصطفى كامل اتجه إلى تقوية الروابط بين الشعوب الإسلامية فأصدرها”.

وكان للزعيم كذلك بُعد نظر كبير، فقد وصف مصطفى صادق الرافعي في بداية حياته: “سيأتي يوم إذا ذُكر فيه الرافعيُّ قال الناس: هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان”. ألَّف كتابي “المسألة الشرقية”، و”أعجب ما كان في الرق عند الرومان”، بالإضافة إلى أنه كتب أول مسرحية بعنوان “فتح الأندلس”، التي تعد أول مسرحية مصرية.

تأسيس الحزب الوطني

في عام 1907م أسس حزبًا سياسيًّا، لإثارة روح الاستقلال لدى المصريين، ولإعداد دستور للبلاد، أطلق عليه اسم الحزب الوطني، لكنه توفّي بعد تأسيسه بأربعة أشهر فقط. تأثر المؤرخ الكبير، عبد الرحمن الرافعي، بحركة الزعيم مصطفى كامل وإخوانه، وكان معجبًا بأفكارهم، حتى إنه كان من أوائل من التحقوا بالحزب الوطني.

وقد جرى اختياره عضوًا في لجنة الحزب الإدارية 1921م، ثم سكرتيرًا للحزب عام 1932م، وأدى به عمله الحزبي إلى السجن 1915م، فضلًا عن أنه انتخب عضوًا عن الحزب في البرلمان 1924م، وتجدد انتخابه أكثر من مرة، وانتخب عضوًا أيضًا في مجلس الشيوخ 1939م. ولم ينس عبد الرحمن الرافعي معلمه، فألف كتاب “مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية” الذي تناول مراحل تأسيس الحزب الوطني وحياة مصطفى كامل.

معارضة مصطفى كامل لدعوات قاسم أمين

عارض مصطفي كامل، في مقال له بجريدة اللواء، بتاريخ 31 يناير عام 1901، قاسم أمين في دعوته إلى السفور: “بلاد أمريكا التي أخذها قاسم بك أمين، قاعدة لحكمه وقياسه تخالف بلادنا مخالفة تامة في الأخلاق والعوائد، فضلًا عن أن بعض أنصار رفع الحجاب يقولون إن حرية النساء، بما فيها من المضار، حتى الزنى، خير من الحجاب المصحوب بالفضيلة القهرية، وهو ما لا أراه أبدًا”.

وأكمل “إنه خير لرجل يشعر أن يموت ويدفن من أن يرى من أهله أو من بيته امرأة تزني ولو كانت بهجة العلم وحليته… وعندي أن حرية المرأة لا تكون في مأمن من كل خطر وضرر إلا إذا اجتمعت شروط ثلاثة: كمال وأدب عند النساء، وتعليم وتهذيب عند الرجال، وحكومة شديدة الشكيمة في المحافظة على الآداب العامة، ومحال أن تجتمع هذه الشروط الآن في بلد كمصر الآن، تحت حكم الاحتلال”.

وفاة مصطفى كامل

توفي مصطفى كامل عن عمر يناهز 34 عامًا، في 10 فبراير 1908م، وشيع المصريون زعيمهم الشاب في جنازة مهيبة، ودفن بجانبه بعدها بسنوات الزعيم محمد فريد. وبجانب الضريح الذي يقع في ميدان القلعة، جرى إنشاء متحف يضم آثاره، ودُفن في الضريح، المؤرخ عبد الرحمن الرافعي أيضًا ووزير الثقافة الأسبق، فتحي رضوان.

والمتحف يضم كتبًا وخطابات لمصطفى كامل بخط يده، وبعض صور أصدقائه وأقاربه، وكذلك بعض متعلقاته من بِدَل وأدوات الطعام وحجرة مكتبه، وبعض مؤلفات المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، ولوحات زيتية تصور حادثة دنشواي، وكذلك لوحة تمثل مصطفى كامل على فراش الموت.

ربما يعجبك أيضا